تونس تنجو من عام مفخخ: هجمات وخلايا إرهابية.. وطوارئ

31 ديسمبر 2015
مسيرة "قافلة السلام" ضدّ الإرهاب في تونس (الأناضول)
+ الخط -

يعتبر 2015، عاماً صعباً في تونس، وصفه مراقبون بأنه الأكثر دموية، من حيث حجم العمليات الإرهابية التي تعرضت لها. غير أنه أيضاً عام النجاحات الأمنية من خلال العمليات الاستباقية التي شنّت لإحباط مخططات وكشف خلايا إرهابية، ومصادرة مخازن أسلحة خطيرة لإرهابيين وتتكون من أحزمة ناسفة، متفجرات، قنابل، صواعق كهربائية، أزياء عسكرية، ما مكّن البلاد من العبور إلى برّ الأمان، وتجنّب فوضى قاتلة.

وعاشت تونس عدة أحداث إرهابية متتالية، وحالتي إعلان طوارئ، وثلاث هجمات إرهابية كبيرة، اثنتان منها في غضون 3 أشهر، تبنى غالبيتها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). 

اقرأ أيضاً: تنشيط الاقتصاد التونسي في 2016 يصطدم بمخاطر الإرهاب 

أولى هذه الهجمات وقعت في 18 مارس/ آذار الماضي، حين قتل مسلحان 22 سائحاً وشرطياً داخل متحف باردو في تونس، ثم جاء هجوم سوسة، حين أقدم سيف الدين الرزقي على قتل 38 سائحا في منتجع سوسة بواسطة سلاح كلاشنكوف. ومباشرة بعد هجوم سوسة الدامي، أعلن الرئيس الباجي قائد السبسي في 4 يوليو/تموز، حالة الطوارئ في البلاد، لمدة 30 يوماً. 

وشكلت عملية تفجير حافلة للأمن الرئاسي، أمام المقرّ السابق لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي، وعلى بعد أمتار من وزارتي السياحة والداخلية، صدمة في الشارع التونسي، وأسفر الهجوم عن مقتل 12 عنصراً أمنياً في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني. وتبنى تنظيم "داعش" في بيان له عملية تفجير الحافلة، مؤكداً أن منفذ الهجوم يدعى أبو عبد الله التونسي، الذي فجر حزامه الناسف ليقتل عناصر من الأمن. وأعلن السبسي بعدها مباشرة حالة الطوارئ في البلاد، لمدة شهر. مع العلم أن الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي، كان قد رفع في 6 مارس/ آذار 2014، حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ الثورة، التي أطاحت نظام الرئيس زين العابدين بن علي، مطلع عام 2011. 

وقال الخبير الأمني علي زرمدين، لـ"العربي الجديد" إنّ عام 2015، شهد أكثر العمليات الإرهابية فتكاً، وأشدها تأثيراً في تونس، موضحاً أنه عام دموي على مستوى الخسائر البشرية، وتأثيراته على الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

لكنه لفت إلى أن الأربعة أشهر الأخيرة عرفت نجاحات أمنية باهرة تجلت بوضوح من خلال عدد العمليات الناجحة التي قامت بها قوات الأمن، من شرطة وحرس. وأشار إلى أنه تم تفكيك عدد كبير من خلايا الإسناد، والتسفير إلى بؤر التوتر والاستقطاب، وتفكيك الجماعات المسلحة واكتشاف ارتباطاتها في ما بينها أو ارتباطاتها الخارجية.

كما أكدّ نجاح قوات الأمن التونسي في القضاء على أبرز القيادات الميدانية العسكرية لكتيبة عقبة بن نافع من خلال عمليات نوعية ذات بعد استخباراتي، وعسكري، برزت فيها قدرات الوحدات المتخصصة في ملاحقة أهم عناصر الكتيبة.

واعتبر أن مثل هذه العمليات أدت إلى عزل الجماعات الإرهابية، وخلق موجة من الشك داخلها مما جعلها تعاني من هزات نفسية حاولت بكل السبل إعادة الروح إليها، ولكن دون فائدة.

ورأى أنّ عملية قفصة، التي تم خلالها القضاء على لقمان أبو صخر، ومراد الغرسلي، والقبض على عناصر من كتيبة الفرقان، جنبت تونس ما كانت هذه الكتيبة تعدّ له من دمار وضربات موجعة في سوسة وغيرها.

من جهته، اعتبر الناطق باسم وزارة الداخلية، وليد الوقيني، أنّه على الرغم من التهديدات والاعتداءات الإرهابية الخطيرة، فقد حصل تقدم كبير في استراتيجيا مقاومة الإرهاب، وتمكنت الشرطة التونسية من الكشف عن عناصر إرهابية، وفضح شبكات التسفير إلى ليبيا وسورية والعراق.

وقال الوقيني لـ"العربي الجديد" إنّ وزارة الداخلية تمكنت من إحباط ما لا يقل عن 15 عملية إرهابية، والكشف عن 1346 خلية تم تفكيكها، إلى جانب اكتشاف 7 مخازن للأسلحة. وأوضح أن المصادقة على قانون الإرهاب من شأنها أن تساعد في الرجوع إلى التشريع والخروج من الضبابية.

وكان مجلس نواب الشعب قد صادق على مشروع القانون الأساسي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال بغالبية 174 صوتاً، مقابل اعتراض عشرة نواب. وجاءت المصادقة بعد هجوم مدينة سوسة الذي أدى إلى مقتل سياح معظمهم بريطانيون. كما لفت الوقيني إلى أن إقرار حالة الطوارئ في تونس ساهم في مساعدة الوحدات الأمنية على اعتقال عناصر إرهابية.

في المقابل، قالت رئيسة المركز الدولي للدراسات الأمنية، بدرة قعلول، لـ"العربي الجديد" إنّ عام 2015 يعتبر عاماً دموياً نتيجة الهجمات الإرهابية التي حصلت، موضحة أنه تم تفكيك 1600 خلية إرهابية، والقبض على أخطر امرأة في التنظيم الإرهابي، وتدعى، فاطمة الزواغي.

لكنها أشارت إلى أن أخطر ما حصل هو التطورات في سورية والتي بموجبها انتقل الصراع من سورية إلى شمال افريقيا، وإلى البحر الأبيض المتوسط، مبينة أن أخطر الزعامات انتقلت إلى ليبيا ومن ضمنهم تونسيون.

واعتبرت أن الانتقال إلى ليبيا خطير جداً، إذ تسلل مقاتلون تونسيون إلى التراب التونسي، مؤكدة أنه من شهر يناير/كانون الثاني وحتى الى يونيو/حزيران وصل الى ليبيا نحو 700 مقاتل، وتشير تقديرات إلى دخول 600 آخرين أخيراً إلى تونس، ليكون إجمالي العائدين من بؤر التوتر 1300 تونسي، معتبرة أن هذه الأرقام هي أرقام سوداء لا يكشف عنها بسهولة.

وأضافت قعلول أن من بين هؤلاء من عرض على القضاء، وآخرين أطلق سراحهم لأنه لا وثائق تدينهم. وأوضحت أن الحديث عن وجود 6 آلاف تونسي في جبهات القتال من ضمنهم 700 امرأة غير دقيق، ولكن الأصح وفق تقاريرهم الخاصة، هو 8 آلاف مقاتل توفي منهم 2800 في الغارات الروسية.

وشددت على أن النساء لازلن يتوافدن على بؤر التوتر، مبينة أن الحديث عن القضاء على بؤر التوتر نهائياً غير صحيح، طالما لم يتم تقديم الرؤوس الكبيرة للقضاء.

وأملت رئيسة المركز الدولي للدراسات الأمنية أن تمرّ نهاية العام بخير، وألا تحدث عمليات إرهابية، محذرة من المساعي الإرهابية لفصل الجنوب التونسي وجعله إمارة إسلامية، مبينة أنه تم تحضير العلم الذي سيرفع، وهو ما ينبئ بجدية المخاطر.

اقرأ أيضاًوتستمرّ الحياة.. التونسيّون لا يخشون الاعتداءات الإرهابية

المساهمون