تونس: تزكيات المرشحين للرئاسة تثير أزمة قانونية وأخلاقية

26 سبتمبر 2014
جدل كبير حول فساد شاب عمليات الترشيح(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

بعدما أثار عدد المرشحين السبعين للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني، جدلاً بسبب عدم جدية بعض الترشيحات، طفت على السطح قضية جديدة شغلت اهتمام التونسيين وتتعلق بالتزكيات الضرورية التي تضمنتها ملفات بعض المرشحين.

وانطلق الجدل مع تداول شائعات عن قيام بعض نواب المجلس التأسيسي بتزكية بعض المرشحين من رجال الأعمال لقاء مقابل مادي كبير، مع الإشارة إلى أن المرشح ينبغي أن يقدم في ملف ترشحه 10 تزكيات من النواب أو 10 آلاف توقيع من ناخبين موزعين على عشر دوائر انتخابية على الأقل.

غير أن الجدل خرج من دائرة الهمس والشائعات، بعدما أقدم النائب في المجلس التأسيسي ورئيس حزب "الشعبي التقدمي"، هشام حسني، على توجيه اتهام صريح لبعض النواب "ببيع ذممهم لعدد من رجال الأعمال، وتزكيتهم بمقابل مالي"، ودعا إلى التثبّت والتدقيق في الحسابات البنكية لنواب المجلس، رافضاً الكشف عن أسمائهم.

ولم يكن حسني الوحيد الذي وجه هذا الاتهام الخطير لبعض النواب، فقد قالت ليلى الهمامي، إحدى المرشحات للرئاسة، إن عدداً من النواب المستقلين طالبوها بتقديم رشوة مقابل حصولها على تزكيتهم.

وأمام هذه الاتهامات الخطيرة، أذنت النيابة العمومية بإجراء بحث أولي للتدقيق في التصريحات الصادرة عن كل من حسني ورئيس حزب "الانفتاح والوفاء"، البحري الجلاصي، فضلاً عن الهمامي.

وجاء في بلاغ صادر يوم الخميس، عن وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس، أنه بعد الاطلاع على مقتضيات الفصل 26 من مجلة الإجراءات الجزائية، تقرر إجراء بحث أولي للتدقيق في هذه التصريحات التي قد تبرز أفعالاً يجرّمها القانون.

ويطرح موضوع التزكيات الشعبية بدوره جملة من المشاكل القانونية والإدارية أمام هيئة الانتخابات، المُطالبة بالتثبّت من نحو 750 ألف تزكية لجملة المرشحين، وهي عملية شاقة وصعبة برغم تجنيد نحو 100 مراقب لهذه المهمة.

وتطرح بعض الملفات اتهامات مختلفة بالتدليس واستعمال أسماء بعض المواطنين دون علمهم، أو وجود تزكيات متكررة لمواطنين لمرشح واحد أو وجود الاسم نفسه في أكثر من ملف، ما دفع ببعض المراقبين من المجتمع المدني إلى الاقتراح على الهيئة العليا للانتخابات أن تنشر قوائم بأسماء الذين حصلوا على التزكية للانتخابات الرئاسية لمنع أي تدليس، وتمكين المواطنين من التثبّت من وجود أسمائهم في بعض القوائم، وإثارة الأمر أمام أنظار القضاء إذا لزم الأمر.

وأمام ما أثاره العدد الكبير للمرشحين ومستوى بعضهم وقلّة تجربة بعضهم الآخر أو انعدامها تماماً، أعلن الإعلامي زياد الهاني عن انسحابه من سباق الرئاسة رغم اكتمال ملفه، بسبب ما سمّاه "المهزلة"، في إشارة إلى بعض المرشحين الذين لا يحوزون على قدر أدنى من المستوى الذي يسمح بالتقدم إلى هذا الاستحقاق الوطني المهم.

وشرعت الهيئة العليا للانتخابات، منذ الثلاثاء الماضي، في التثبّت من الملفات السبعين للمرشحين للانتخابات الرئاسية، وأعلنت أنها احتفظت، في مرحلة أولى، بترشح 11 شخصية وإسقاط 20 ملف ترشح للانتخابات الرئاسية حتى الآن، قبل أن تستكمل النظر في ملفات سائر المرشحين.

والملفات التي جرى قبولها بسرعة هي الملفات الواضحة التي اعتمد أصحابها على الشرط القانوني المتمثل في تزكية ترشحهم من 10 نواب من المجلس الوطني التأسيسي على الأقل، في حين تعددت أسباب رفض الملفات العشرين بين تقديم التزكيات في نسخة ورقية دون محمل إلكتروني، أو عدم التقدم بما يثبت إيداع المقدار المالي المفروض، وهو 10 آلاف دينار، بالخزينة العامة، مع التذكير بأن عدداً من المرشحين رفضوا هذا الشرط واعتبروه تعجيزياً ومخالفاً للقانون.

وفي سياق متصل بالانتخابات الرئاسية، عاد السجال بين صديقَيْ الأمس، زعيم حزب "نداء تونس"، الباجي قايد السبسي، وأحد مؤسسي الحزب، عمر صحابو، الذي اتهم الأول بعدم القدرة على إدارة شؤون البلاد في حالة فوزه بالرئاسة، وإخفاء ملفه الطبي عن أعضاء الحزب وعن التونسيين.

وقال السبسي، في أول رد علني على هذه الاتهامات، خلال حوار إذاعي، إن "هناك قيادات سابقة بالحزب كانت تحاول الضغط من أجل دفعه للتراجع عن قرار ترشحه للرئاسة بسبب عامل السن، ومن بينهم عمر صحابو"، وإنه يستجيب لكافة الشروط القانونية المطلوبة للترشح، ما دفع عمر صحابو إلى القول إن هناك "مراوغة في تصريحات الباجي قايد السبسي"، موضحاً أنه لم يتعمّد نشر الرسالة التي وجهها الى أعضاء المكتب التنفيذي للحزب حول موقفه من ترشح السبسي للرئاسة.

السبسي استغل المناسبة نفسها للرد على زعيم حركة "النهضة"، راشد الغنوشي، الذي دعاه إلى "عدم الإنصات إلى الأصوات المتطرفة" داخل "نداء تونس"، وقال السبسي إن حركته لا تتضمن متطرفين، وإن المتطرفين موجودون في حركة "النهضة"، برغم أن أصواتهم خفتت في الفترة الأخيرة، مضيفاً أنه لن يتحالف مع "النهضة" قبل أن تعلن تنصّلها من حركة "الإخوان المسلمين".