تونس: تحدّيات أمنيّة تحيط بالانتخابات مع ارتفاع عدد الناخبين

29 اغسطس 2014
تخطى عدد الناخبين عتبة 5 ملايين (فتحي بلعيد/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
تواجه الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة المقبلة في تونس، نهاية أكتوبر/تشرين الأول، تحديات عدّة، يتعلّق أبرزها بتوفير مناخ أمني سليم، يتيح إنجاز حملات انتخابية وعملية اقتراع مؤمنة، خصوصاً مع تزايد عدد الناخبين الذي بلغ يوم أمس الأربعاء، 5,236,244 ناخباً سجلوا أسماءهم إرادياً.

ويلحظ عدد الناخبين الحالي ارتفاعاً بحوالي مليون ناخب، مقارنة بانتخابات عام 2011، ما يعني أن طوابير الانتظار للإدلاء بالأصوات ستكون طويلة جداً مقارنة مع الانتخابات الماضية.

ويشكّل هذا الارتفاع تحدياً أمنياً حقيقياً لضمان أمن ملايين الناخبين، الذين سيخرجون في يوم واحد وتوقيت واحد في كل أنحاء البلاد. 

وسبق للحكومة التونسية أنّ أعلنت نيّتها دعوة جيش الاحتياط لتأمين الانتخابات، فضلاً عن قوات الأمن، باعتبار أنّ قوات الجيش تواصل مهامها في مراقبة الحدود، ومواجهة المجموعات المسلّحة، المتمركزة في بعض الجبال على الحدود مع الجزائر.

وكان لافتاً إعلان الحكومة التونسية، أمس الأربعاء، أنّ "المؤشّرات الأمنيّة عادت إلى ما قبل سنة 2011، للمرّة الأولى منذ سنوات"، على رغم اعترافها باستمرار وجود تهديدات إرهابيّة حقيقيّة.

وفي سياق متّصل، أكّد المتحدث باسم الحكومة التونسيّة، نضال الورفلي، أنّ مجلس الوزراء نظر في تقريرين، حول الوضع الأمني في البلاد ومتابعة الوضع في ليبيا، ومتابعة قرارات خليّة الأزمة، إضافة إلى مواضيع اقتصادية وتربوية أخرى.

واستعادت تونس، وفق الحكومة، نسبة كبيرة من الاستقرار الأمني. وقال الورفلي إنّ المؤشّرات الأمنيّة سجّلت تصاعداً إيجابياً خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2014، وهي مؤشرات ما قبل عام 2011.

وأفاد بإحصاء 9093 وقفة احتجاجيّة، تدخّل فيها الأمن. وشدّد، في الوقت ذاته، على أنّها تمّت على حساب الأمن ومقاومة الإرهاب، في رسالة إلى المواطنين والمؤسّسات النقابيّة، بضرورة تأمين فترة هدنة اجتماعيّة وأمنيّة، تتيح للقوات الأمنية التفرّغ لتأمين الانتخابات وباقي المهام الأخرى.

وفي الإطار ذاته، أشار الورفلي إلى رفع 120 قضية متعلّقة بمقاومة الارهاب، خلال شهر واحد، وإيقاف 1360 "عنصراً إرهابياً" و367 عنصراً متورّطاً في الهجرة غير الشرعية. وقررت الحكومة أيضاً توحيد القيادات الأمنيّة، تحت إشراف الجيش، في مناطق كافة، وراس جدير، والقصرين، وسيدي بوزيد، والكاف، وجندوبة. 

من جهته، قال العميد المتقاعد في الجيش، ومسؤول مركز الدراسات الأمنيّة، مختار بن نصر، لـ"العربي الجديد"، إن "هذه المعطيات تعني تحسّن قدرات المؤسّسات الأمنيّة، بمختلف اختصاصاتها، خصوصاً مع الانتدابات الجديدة".

وأوضح بن نصر، أنّ "التحسن الواضح على مستوى التجهيزات الأمنيّة والعسكريّة، وتوحيد قوات الأمن في بعض المناطق الحدودية، يحسّن أداء هذه المؤسسات وآلية اتخاذ القرارات من دون الرجوع إلى القيادات المركزية، ما سينعكس على سرعة وجدوى هذه القرارات".

وشرح العميد المتقاعد، أن "دعوة جيش الاحتياط تقوّي الرصيد البشري، وتمكنّنا من مجابهة التحدّيات الأمنيّة، خصوصاً خلال الانتخابات، بشكل مريح نسبياً". وأكّد أنّ قانون دعوة الاحتياط سيصدر، على أن يُحصر بالجنود والضبّاط. 

وأشار إلى أن "جميع المؤشّرات، برغم استمرار التهديدات، تؤكد تطور قدرات المؤسّسات الأمنيّة والعسكريّة، والتي ينبغي أن تكون على درجة اليقظة نفسها، لتأمين المرحلة الأخيرة من الانتقال الديموقراطي وتأسيس الجمهوريّة الجديدة".

وقررت الحكومة، على خلفيّة الجدل بشأن تمويل الحملات الانتخابيّة الرئاسيّة، تحديد السقف الإجمالي للإنفاق على الحملة الانتخابيّة، وسقف التمويلين الخاصّ والعمومي، وضبط شروطه وإجراءاته. وضبطت، بناء على ذلك، المبالغ المخصّصة لهذا الصدد بـ 15 ألف دينار، عن كلّ ألف ناخب في الدورة الرئيسيّة الأولى، و10 آلاف دينار، عن كلّ ألف ناخب في الدورة الرئيسية الثانية، لفائدة المرشحين الذين يحصدون العدد الأكبر من الأصوات في الدورة الأولى.

ولا يمكن أن يتجاوز سقف التمويل الخاص النقدي والعيني، في كل دورة ولفائدة كل مرشّح، ثمانية أعشار السقف الإجمالي للإنفاق على الحملة الانتخابيّة. ويُحدّد السقف الإجمالي للانفاق على الحملة الانتخابيّة، في كل دورة ولفائدة كل مرشح، بعشرة أضعاف مبلغ المنحة بعنوان مساعدة عموميّة.

وكانت منظمات وجمعيّات تونسيّة عدّة، قالت إنّها ستتولى التركيز بشكل خاص على مراقبة تمويل الحملات الانتخابية لكل المرشحين، خصوصاً بعد انتقادات كبيرة رافقت انتخابات عام 2011.