تونس: "العدالة الانتقالية" تنظر بقضية شهداء الكرم الغربي

01 نوفمبر 2018
+ الخط -
نظرت الدائرة الجنائية المختصة في "العدالة الانتقالية" في المحكمة الابتدائية بتونس، اليوم الخميس، في القضية التي أحالتها "هيئة الحقيقة والكرامة" للقضاء المتخصص، وتتعلق بشهداء وجرحى الثورة في الكرم الغربي ممن سقطوا وأصيبوا ليلة هروب زين العابدين بن علي. 

وضمت لائحة الاتهام رئيس الجمهورية المخلوع بن علي ووزيرين سابقين وقيادات أمنية بارزة، وتميزت الجلسة بغياب لافت للمتهمين، وبمناوشات بين هيئة الدفاع عن عائلات الشهداء والجرحى ومحامي المتهمين ممن حاولوا استغلال التجاذبات الحاصلة في الفترة الأخيرة، حول هيئة الحقيقة والكرامة لمصلحة منوبيهم، في محاولة للتملص من المحاسبة.

وتعلقت الملفات المقدمة اليوم بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بعدما سقط عشرات الشهداء وعشرات الجرحى ممن اصيبوا بطلق ناري إثر مسيرة سلمية في 13 يناير/كانون الثاني 2011. وتمسكت عائلات الشهداء والجرحى بكشف الحقيقة ومعرفة الجناة، معربة عن أملها وثقتها بمسار العدالة الانتقالية.

وقال عضو هيئة الدفاع عن الضحايا وعميد المحامين سابقاً، عبد الرزاق الكيلاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ اللافت للانتباه أن أغلب المتهمين لم يحضروا جلسة اليوم، فبعضهم وصله الاستدعاء ولم يأت، وآخرون أرسلوا تقارير طبية أو محامين، مفضلين التغيب، داعياً  المحكمة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإجبار المتهمين على الحضور.

ورأى الكيلاني أنّ تونس تأخرت كثيراً في إرساء العدالة الانتقالية، وأنه كان من المستحسن أن تتم هذه المحاكمات مباشرة بعد الثورة، وأن يكون أول عمل يقوم به المجلس التأسيسي (مجلس النواب حالياً)، كي لا يبقى الملف مفتوحاً لغاية اليوم، لافتاً إلى أن "مرحلة البناء لا يمكن أن تنطلق دون غلق ملف العدالة الانتقالية وإنصاف الضحايا".

ورأى الكيلاني أن التجاذبات السياسية الحالية من شأنها أن تؤثر على مسار العدالة الانتقالية، مشدداً على رغبة التونسيين في معرفة حقيقة ما حصل في تلك الفترة.

من جهته، أكد النائب السابق والقيادي في حركة "النهضة"، نجيب بن مراد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الجلسة لم تسر بالشكل المطلوب، رغم أن المأمول منها كان كبيراً جداً، إذ لم يتم الاستماع الى الجرحى وعائلات الشهداء، رغم أهمية شهادتهم في كشف تفاصيل الأحداث التي وقعت في الكرم الغربي، مبيناً أن الاستماعات أجلت الى الجلسة المقبلة، فيما حصلت استدعاءات إلى بعض الجرحى. ويتوقع أن تكون الجلسة المقبلة "ساخنة" بحضور أكبر للعائلات والجرحى.

واوضح بن مراد أن الفترة المتبقية من عمر الهيئة قصيرة ولا تتعدى الشهرين، في حين أن الدوائر المتخصصة في بنزرت وصفاقس ومدنين والمنستير لم تصلها الملفات بعد، وهي خطوة ضرورية لاستكمال مسار العدالة الانتقالية، علماً أنه لن يتم قبول الملفات التي تصل بعد تاريخ 31 ديسمبر/ كانون الأول، لافتاً إلى أن بعض محامي المتهمين حاولوا استغلال الجدل القائم حول هيئة الحقيقة والكرامة، لإفلات مندوبيهم من المحاسبة.

وأكدت عربية جناح، وهي زوجة أحد الشهداء، على أملها في ظهور الحقيقة بعد ثمانية اعوام من الثورة، فيما روت والدة الشهيد الشاب شكري النصيفي كيف قتل ابنها في المسيرة التي انطلقت في الكرم الغربي، أي ليلة هروب بن علي، وهي مسيرة ضد الظلم والقهر الذي كان يعاني منه ساكنو الجهة، مشددة على تشبث أهالي الضحايا بمسار العدالة "حتى لو استمر مئات السنوات".