تعذيب النساء في العراق: المواطن هو العدوّ

تعذيب النساء في العراق: المواطن هو العدوّ

06 فبراير 2014
+ الخط -

كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها اليوم، أن السلطات العراقية تحتجز آلاف النساء من دون وجه حق، وتُخضع الكثيرات منهن للتعذيب والإساءة، بما في ذلك الاعتداء الجنسي.

وجاء في التقرير الذي حمل عنوان "لا أحد آمن: انتهاك حقوق المرأة في نظام العدالة الجنائية العراقي"، أن العديد من النساء تعرّضن "للاحتجاز طوال شهور أو حتى سنوات من دون اتهام". وأوضح أن قوات الأمن "استجوبتهن بشأن أنشطة أقارب لهن من الذكور وليس بشأن جرائم تورطن فيها هن بأنفسهن". وأضاف التقرير أنّ العديد من النساء اللواتي احتُجزن تحدّثن عن "التعرض للاعتداء بالضرب والصفع والتعليق في وضع مقلوب والضرب على القدمين (الفلقة) والتعرض للصدمات الكهربية والاغتصاب أو التهديد بالاعتداء الجنسي من طرف قوات الأمن أثناء استجوابهن".

وبحسب التقرير، فإنّ قوات الأمن العراقية "دأبت على اعتقال سيدات من دون وجه حق، وارتكبت انتهاكات أخرى لسلامة الإجراءات القانونية بحق السيدات في كل مرحلة من مراحل نظام العدالة، إذ تتعرض السيدات للتهديد بالاعتداء الجنسي أو الاعتداء الفعلي أمام الأزواج أو الأشقاء أو الأطفال في بعض الأحيان". وذكر نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الحقوقية، جو ستورك، أنه "من أوجه عديدة تُعد الإساءات التي وثقناها بحق سيدات بمثابة لبّ الأزمة الراهنة في العراق. فقد أدت هذه الإساءات إلى غضب دفين وافتقاد للثقة بين طوائف العراق المتنوعة، وقوات الأمن والعراقيون جميعاً يدفعون الثمن".

كما أشارت "هيومن رايتس ووتش" الى أنها استندت في تقريرها إلى مقابلات مع سيدات وفتيات من السنة والشيعة في السجون، ومع عائلاتهن ومحاميهن ومع مقدمين للخدمات الطبية في السجون. وجاء في التقرير أن الغالبية الساحقة من السيدات الـ 4200 المحتجزات في "مراكز تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع، ينتمين إلى الطائفة السنية". غير أن الانتهاكات التي وثقتها المنظمة تشمل نساء ينتمين الى مختلف الطوائف والطبقات الاجتماعية في العراق.

ويعتبر الإفراج عن المعتقلات مطلباً رئيسياً للتظاهرات التي اندلعت في أواخر العام 2012 ضد حكومة نوري المالكي، التي فضت اعتصاماً لهذه الاحتجاجات في محافظة الأنبار، قبل أن تشن حملة عسكرية واسعة هناك تحت عنوان "مكافحة الإرهاب".

وبحسب المنظمة الحقوقية، فان إحدى السيدات حضرت اجتماعاً مع المنظمة "في السجن الذي يخصصه العراق للمحكوم عليهن بالإعدام في حي الكاظمية ببغداد على عكازين، وقالت إن تسعة أيام من الضرب والصدمات الكهربائية والفلقة في مارس/آذار 2012 أحدثت بها عاهة مستديمة، كما أن كسر الأنف والندوب على الظهر والحروق على الثديين التي لاحظتها المنظمة، تؤكد ما تحدثت عنه من إساءات".

وقد وجدت المنظمة أن "السيدات يتعرضن في أحيان كثيرة للاستهداف، ليس لما يُقال إنهن ارتكبنه من جرائم فحسب، بل أيضاً للتضييق على أقاربهن أو أفراد عشائرهن من الذكور. ويكثر وصم السيدات بمجرد الاحتجاز، حتى إذا خرجن من دون التعرض لأذى من طرف عائلاتهن أو مجتمعاتهن التي تعتبر أن شرفهن قد تم النيل منه". وقد حاول "الجديد" التواصل مع أحد أفراد عائلة امرأة معتقلة في السجون العراقية، غير أن أقاربها رفضوا بتاتاً التطرق للأمر.

وقال الخبير القانوني، طارق المعموري، الذي سبق أن تولى الدفاع عن إحدى قضايا المعتقلات، لـ "الجديد"، إن تقرير المنظمة مبالغ فيه، فـ"صحيح أن هناك خروقات وانتهاكات، لكنها لا ترقى إلى ما وصفته المنظمة في تقريرها" على حد تعبيره. وتابع المعموري أن العراق تعرّض لهجمة إرهابية بدأت عام 2004، ولم تنته حتى اليوم، وأدوات الإرهاب استخدمت النساء في جزء من عملياتها في العراق".

وفي السياق، يرى المحامي نفسه أنّ "ضعف العمل الاستخباري المنظم في العراق يؤدي الى اعتقال اشخاص بفعل مخبر سري أو وشاية قد تكون غير صحيحة". وتابع أنّ "العقيدة العسكرية للجهاز الامني والعسكري العراقي موجهة ضد المواطن لا ضد العدو، منذ تأسيس المملكة العراقية عام 1921"، مبرراً أنّ "أعضاء الجهاز الامني لا يزالون يتصرفون بمنطق الشك والعداء للمواطن، لأنهم ببساطة من منتسبي الأجهزة السابقة".

بدوره، لفت مصدر من وزارة حقوق الإنسان العراقية إلى أن الشهادات الواردة في تقرير المنظمة مبالَغ فيها، على الرغم من إقراره بأن فِرَق الوزارة رصدت ممارسات "محدودة" غير قانونية من قبل قوات الأمن مع محتجزات. وأضاف أنّ هذه "الفرق رفعت تقاريرها إلى السلطات المعنية، وطالبت بمثول المسؤولين عن إساءة معاملة المحتجزات أمام العدالة".

 

المساهمون