تعثر المفاوضات يختبر جاهزية حكومة فلسطين لسيناريو موازنة مزعج

تعثر المفاوضات يختبر جاهزية حكومة فلسطين لسيناريو موازنة مزعج

27 مارس 2014
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس حكومة إسرائيل
+ الخط -
رغم عدم إعلان القيادة الفلسطينية رسمياً نتائج زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى واشنطن منتصف الشهر الجاري، إلا أن حالة من التشاؤم تتصاعد في أوساط الاقتصاديين الفلسطينيين، بإمكانية انهيار المفاوضات الجارية، مع اقتراب الموعد النهائي لها نهاية أبريل/ نيسان المقبل.

ووضعت الحكومة، وسلطة النقد الفلسطينية مطلع العام الجاري، ثلاثة سيناريوهات للاقتصاد المحلي والموازنة الفلسطينية، تحسباً لأية تغيرات على الأرض، أولها السيناريو المتفائل المبني على نجاح المفاوضات وبالتالي تحسن البيئة الاقتصادية، والسيناريو الثاني، الذي يشير إلى بقاء الأوضاع السياسية على حالها، وبالتالي لا تغيير في معدلات النمو، والإيرادات الجارية.

وثالث هذه السيناريوهات، هو المتشائم، الذي يتوقع انهياراً في المفاوضات السياسية، وبالتالي تعرض الموازنة والاقتصاد المحليين إلى ضغوط كبيرة، وتراجع حاد في الإيرادات المالية، وخصوصاً امتناع إسرائيل عن تحويل أموال المقاصة، التي تجبيها نيابة عن الفلسطينيين على السلع الصادرة والواردة عبر المعابر الدولية.

وكانت الحكومة الفلسطينية قد أعلنت مطلع فبراير/ شباط الماضي، موازنة العام الجاري، بقيمة 4.21 مليارات دولار، وبعجز جارٍ يبلغ 1.3 مليار دولار، وقد يرتفع ليصل إلى 1.6 مليار دولار، إذا ما أضيف إليه العجز في الموازنة التطويرية (الاستثمارية)، والتي سيتم تغطيتها من خلال المنح والمساعدات العربية والدولية، بحسب تقديرات وزارة المال.

لكن نافز أبو بكر، استاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية، شكك في جاهزية السلطة الفلسطينية للسيناريو المتدهور، الذي وضعته كأحد سيناريوهات الموازنة للعام الجاري، لأسباب مرتبطة بمصدر الأموال التي تحتاج إليها للإنفاق العام الشهري على مؤسساتها وموظفيها.

وقال أبو بكر خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" اليوم الخميس، إن 30٪ من إجمالي إيرادات الحكومة، يأتي من الدول المانحة، "بينما تبلغ نسبة أموال المقاصة، الموجودة في يد الإسرائيليين نحو 50٪ من إجمالي الإيرادات"، مشيراً إلى أن النسبة الباقية (20%) تأتي من الإيرادات المحلية، ممثلة بالإيرادات الضريبية وغير الضريبية.

وتابع، "المساعدات الخارجية هي أموال سياسية مرتبطة بالوضع السياسي الجاري بين الفلسطينيين وإسرائيل"، مشيراً إلى أن أي تدهور في المفاوضات يعني تقليصاً كبيراً في حجم المساعدات، "لاسيما الأوروبية".

ويرى أن عبئاً كبيراً وتدهوراً مالياً، في مؤسسات السلطة سيطرأ في حال فشل المفاوضات، والانتقال قسراً إلى السيناريو المتدهور في الموازنة، "إلا أن المساعدات المالية لن تقطع كاملة، لأن وجود السلطة يشكل مصلحة إسرائيلية وأميريكية وأوروبية".

يذكر أن سفير الاتحاد الأوروبي في فلسطين جون جات روته، قال في لقاء مع وسائل إعلام محلية نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، إن الاتحاد الأوروبي يقدم للفلسطينيين سنوياً دعماً يراوح بين 400 -500 مليون يورو.

وأضاف "نحن ندعم العمل اللازم لإقامه الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، وإذا لم يتم ذلك، فإنه يتوجب علينا أن نقيم المرحلة الماضية للفلسطينيين والإسرائيليين، لأننا نستثمر أموالاً لتحقيق أبعاد سياسية، وليس لأهداف إنسانية كما هو دعمنا لسوريا".

وكانت السلطة الفلسطينية قد تعرضت إلى السيناريو المتدهور لموازنتها في العام 2006، والتي شهدت توقف إسرائيل عن تحويل أموال المقاصة، وتراجعت المساعدات الخارجية، ما أدى إلى نشوء أزمة مالية حادة، عجزت خلالها الحكومة عن صرف رواتب موظفي القطاع العام بانتظم لأكثر من 13 شهراً.

وبلغت إيرادات المقاصة نحو 1.7 مليار دولار، والتي تشكل قرابة 48٪ من إجمالي الميزانية البالغة 3.6 مليارات دولار، بينما بلغت المساعدات والمنح الخارجية للعام نفسه 1.2 مليار دولار أميريكي، أي بنسبة 33٪ من إجمالي الميزانية، بحسب بيانات وزارة المال.

وبحكم عمله السابق وزيراً للمالية في الحكومة الفلسطينية، يرى نبيل قسيس أن من الصعوبة بمكان، أن تكون الحكومة جاهزة لأية سيناريوهات أسوأ من السيناريو الأساس (الحالي)، "لأنها أصلاً تعاني عجزاً في موازنتها يبلغ قرابة 35٪ من قيمتها".

وتساءل قسيس، في مقابلة هاتفية مع "العربي الجديد" "كيف سيكون الحال في وضع مالي أسوأ من الوضع الذي نعيشه: العجز الجاري كبير، والدين العام الفلسطيني يبلغ 4.4 مليارات دولار، والنفقات السنوية تزداد أكثر بكثير من الزيادة السنوية في الإيرادات الضريبية وغير الضريبية".

وكان المدير العام للموازنة في وزارة المالية فريد غنام قد صرح خلال ورشة عمل الأسبوع الماضي، بأن السيناريو المتدهور سيجعل من السلطة الفلسطينية مؤسسة غير قادرة على توفير الحد الأدنى من نفقاتها الشهرية.

وأضاف غنام، ستكون الأمور أسوأ بكثير مما كانت عليه خلال العام 2006، لأن المصروفات ارتفعت بنسبة أعلى من الزيادة في الإيرادات، بينما تراجع حجم الدعم الدولي الخارجي.

ويعاني السوق الفلسطيني حالة من الركود، منذ شهرين تقريباً، بسبب حالة الشك وعدم اليقين في مسار المفاوضات الجارية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

المساهمون