تطويق التضخم: قطر تضبط الأسعار وتكسر الحصار

تطويق التضخم: قطر تضبط الأسعار وتكسر الحصار

15 يوليو 2017
استقرار أسعار السلع في قطر (الأناضول)
+ الخط -
بعد نجاح قطر في كسر الحصار، تواصل الحكومة جهودها لتحقيق الاستقرار بالأسواق وضبط الأسعار، وقامت الجهات المختصة باتخاذ العديد من الإجراءات التي تستهدف تطويق التضخم من أجل توفير مختلف السلع والخدمات بأسعار جيدة، وكشفت تقارير رسمية حديثة عن استقرار أسعار الخدمات ومعظم السلع.
وأظهرت بيانات حكومية، أول من أمس، أن التضخم في قطر شهد ارتفاعاً طفيفاً في يونيو/حزيران الماضي رغم الحصار، مما يؤكد أن الدوحة نجحت في امتصاص الأضرار ورسّخت استقرار الأسواق، حسب خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد". وزاد التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 0.8 % في الشهر الماضي من 0.1 % في مايو/أيار الماضي، وظل أدنى بكثير من معدل التضخم في يونيو/حزيران 2016 البالغ 2.5 %.
وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر يوم الخامس من يونيو/ حزيران الماضي.
وكان الأكثر تكلفة إغلاق الحدود البرية لقطر مع السعودية، التي كانت تمر عبرها الكثير من واردات منتجات الألبان ومواد البناء، إلا أن قطر أوجدت بدائل سريعة عبر فتح خطوط شحن جديدة مع سلطنة عمان وتركيا والهند والكويت وغيرها، كما أعلنت الجهات المختصة عن دعم وتثبيت أسعار الكثير من السلع ومنها الخبز والدقيق وبعض أنواع اللحوم.

وفرة المنتجات

وكشفت جولة لـ"العربي الجديد"، شملت عدداً من المجمعات التجارية، عن توفر المنتجات والسلع الغذائية الضرورية، لا سيما بعد تدشين الشحن البحري بين ميناءي أزمير في تركيا وحمد الدولي في الدوحة، وتفريغ حمولة أول سفينة تركية، والدفع بأكثر من ثلاثة أطنان من المواد الغذائية المتنوعة إلى أسواق البلاد، والشكوى الوحيدة تمثلت بتذبذب أسعار الخضار والفواكه، إلا أن التجار أكدوا أن الفترة الأخيرة شهدت انخفاضاً تدريجياً لأسعار الخضار والفواكه بعد وصول شحنات جواً وبراً من المواد الغذائية من العديد من الدول.
ومن خلال رصد "العربي الجديد" لمتوسط أسعار أصناف من الخضار والفواكه والمواد الغذائية، داخل الأسواق، بلغ سعر كيلوغرام التفاح (أسترالي) 15 ريالا ، والموز 6.50 ريالات، والبطاطس 3 ريالات، والطماطم ما بين 6 و12 ريالاً.

انخفاض تدريجي

وحول تذبذب أسعار مواد الخضار والفواكه، قال رجل الأعمال، علي حسن الخلف، لـ"العربي الجديد"، إن تغيير دول الاستيراد وراء تحرك أسعار بعض السلع، مشيراً إلى أن تجارا جددا دخلوا حلبة المنافسة في الاستيراد، مما سيؤدي إلى تحسن الأسعار.
ولفت الخلف إلى عقد اجتماعات يومية بين رئاسة غرفة التجارة وموردي المواد الغذائية، ولا بد من وضع المعوقات والصعوبات أو المشاكل إن وجدت على بساط البحث، والتعامل معها بشفافية. ووجه الخلف تساؤلا إلى الجهات التي تتولى مراقبة السوق والإشراف عليه، حول المزادات التي تجرى يوميا على السلع الغذائية قبل توزيعها إلى المجمعات التجارية، قائلاً: ما يحصل يشبه البورصة تماما.
وقدم الخلف مقترحات تساهم باستقرار الأسعار، منها دعم وتنشيط الشحن والنقل البحري، وتطوير العبارات القطرية، وإقامة شراكات استراتيجية مع الموانئ الإقليمية والعالمية، والاتجاه نحو الاستثمار في هذه الموانئ، كأحد أوجه قطر الاستثمارية الخارجية، وتأهيل ساحات مزادات الخضار والفاكهة، وتزويدها بأجهزة تكييف مناسبة، حتى لا تتعرض المواد الغذائية الطرية للتلف، مما ينعكس على رفع أسعارها في السوق.
وفي حديثه مع "العربي الجديد"، أكد نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، محمد بن طوار الكواري، أن أسعار المواد الغذائية المستوردة، ستنخفض تدريجياً، مشيرا إلى افتتاح خط شحن جديد، يوفر الوقت والكلفة، من تركيا برا إلى بندر عباس وبوشهر في إيران، ثم الشحن بحرا إلى ميناء حمد. وأشاد بالدور البارز الذي لعبه القطاع الخاص في إيجاد حل لتداعيات الحصار، حيث أوجد البدائل والحلول المتعلقة بالمواد الغذائية ووسائل النقل المناسبة، مؤكداً أن أسواق العالم كلها باتت مفتوحة أمام الموردين القطريين.

تكلفة النقل

وكان وزيرالاقتصاد والتجارة القطري، الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني، قد اجتمع الأربعاء الماضي، مع ممثلين من الشركات التركية في قطاعات الغذاء وخدمات الشحن، وبحث سبل تسهيل عمل الخطوط اللوجستية البحرية وغيرها، لتقليل تكاليف النقل والخدمات اللوجستية، من أجل تسهيل تدفق السلع التركية من جميع القطاعات.
وأكد الوزير للوفد التركي أن الاقتصاد القطري يتميز بالقوة والصلابة والتنوع، ويتمتع بمناخ استثماري محفز وجاذب لرؤوس الأموال، وأن هناك فرصاً كبيرة أمام جميع الشركات التجارية في تركيا وقطر، لزيادة حجم التبادل التجاري، وتدفق الاستثمارات بين البلدين في جميع القطاعات، وليس فقط في قطاعي المنتجات الغذائية والاستهلاكية.
وأوضح أن عملية التبادل التجاري مع جميع دول العالم مفتوحة عن طريق البحر والجو، ولم يؤثر الحصار على حركة التبادل التجاري البحرية والجوية من وإلى دولة قطر، مضيفاً أن السوق القطري مفتوح للبضائع المختلفة لجميع دول العالم ما عدا دول الحصار، وفقاً لوكالة الأنباء القطرية.

زيادة الاستيراد

وكان رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني، قد قال في تصريح لوكالة الأنباء القطرية، إن التعاون الكبير الذي تبديه مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية، أثمر في حل جميع المشاكل التي تواجه التجار القطريين، كذلك نتج عنه فتح آفاق جديدة أمام رجال الأعمال لتوسيع أعمالهم لتغطية الطلب وسد أي عجز في ميزان العرض والطلب الناتج عن الحصار، وذلك من خلال زيادة الإنتاج المحلي والاستيراد من الخارج.
وأضاف أن الحصار الجائر الذي فرضته دول الجوار على قطر لم يؤثر في السوق القطري بقدر ما أثر في أسواق تلك الدول، والتي خسرت شركاتها كثيراً نتيجة فقدانها السوق القطري، في حين استطاعت قطر وبشكل فوري تأمين احتياجاتها من السلع على اختلاف أنواعها عن طريق استيرادها من أسواق بديلة بنفس التكلفة وبجودة أعلى، خصوصاً مع تدشين خطوط بحرية مباشرة مع ميناءي صلالة وصحار في سلطنة عُمان وميناءي "موندرا" و"نافا شيفا" في الهند، إضافة إلى ميناء أزمير التركي، والذي وصلت منه قبل أيام أول سفينة محملة بنحو ثلاثة آلاف طن من المواد الغذائية المتنوعة.
وزير الاقتصاد التركي، نهاد زيبكجي، قال في تصريحات صحافية من العاصمة الإيرانية طهران، الأسبوع الماضي، إن تركيا أرسلت 197 طائرة شحن و16 شاحنة وسفينة واحدة محملة بمختلف البضائع إلى قطر لتلبية احتياجاتها منذ اندلاع الأزمة. وأضاف "تركيا لا تقدّم مساعدات، نحن نقوم بتصديرٍ ونقبض ثمنه. لقد أرسلنا بضائع عبر 200 طائرة شحن بما يشكل أكبر عملية في مجال النقل التجاري الجوي في العالم" . وأعلن الوزير التركي أن دولته صدرت أكثر من 15 ألف طن من السلع إلى قطر، متابعاً: "لقد تم تحصيل إيرادات تجاوزت 20 مليون دولار".

المساهمون