تطرّف يتغذّى على تطرّف

تطرّف يتغذّى على تطرّف

07 ديسمبر 2014
+ الخط -
ما تواجهه الجاليات العربية في بلاد المهجر الغربي، وخصوصا في السنوات الأخيرة، ليس مجرد شعور ولا تخيّل لتصاعد العداء لها من قبل مجموعات اليمين القومي المتشدد. الأمر عكسته عملياً حالتان بدا واضحاً معهما تنامي ذلك العداء: 

الأمر الأول، في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في شهر مايو/ أيار 2014، اكتسحت أحزاب اليمين القومي البرلمان الأوروبي ضاربة بعرض الحائط حالة التردد في إعلان مواقف صريحة على الصعيد الوطني من قصة وجود المهاجرين في بلدانها. 

قد تكون بعض أحزاب يمين الوسط حصدت أصوات الناخبين استناداً إلى شعارات شعبوية تتعلّق بما سمّته "وقف التبعية لبروكسل" و"نحو استعادة السيادة الوطنية".

لكن لم تغب شعارات "إغلاق القلعة" عن تلك الأحزاب المعروفة للناخبين بتشددها تجاه مسألة الاتحاد الأوروبي بوجه مَن لا يعتبرونه "قابلاً للانتماء الثقافي والحضاري لأوروبا"، والمعنيّ هنا العرب والمسلمون، في خطاب سابق ولاحق توضحه أحزاب ذلك اليمين، وخصوصا في العامين الأخيرين. 

في تلك الدول توجد أيضاً أحزاب يسارية تعارض بيروقراطية الاتحاد وتطالب بالانسحاب، مثلها مثل الحركات الشعبية المناهضة له، لكنها لم تستطع جذب الجمهور ليصوّت لها. 

الأمر الثاني، أحزاب يمينية كثيرة تحصد في استطلاعات الرأي داخل دولها نسب تقدم كبيرة، في تلك التي جرت فيها انتخابات عامة أو إقليمية في حالات ألمانيا والسويد على سبيل المثال. ومن فرنسا جنوباً إلى النرويج شمالاً، تشي الاستطلاعات تلك بأن اليمين يتقدم. 

في الجانب الذي يتعلّق بالجاليات العربية والإسلامية، فإن مظاهر التطرف، اللفظي والشكلي، التي يبثها البعض، كتنظيم داعش وغيره، تعتبر غذاء الروح لهذا اليمين الذي يستغلها في عملية تحريض السلطات والمجتمعات على جاليات لا يعوزها مَن يصرخ باسمها كـ"جاهلة" لا تعرف مصالحها. 

وهذه النبرة تتجلّى أساساً في وسائل الإعلام، التي تلعب دوراً تجييشيّاً بارزاً لا يخفى على المتابع لخطوط اللعبة الإعلامية هناك. 

نبرة استغلال ذلك التطرف آخذة بالنمو تعميماً على كثير من فئات الشباب في صفوف الجاليات العربية، ومَن يساهم في تعزيز ذلك الاستغلال وبكل أسف يظن بأنه وحده مَن يدرك مصالح تلك الجاليات عبر العمل في صفوف مراهقين لوضعهم تحت دائرة الضوء، وليستغل ذلك يمين غربي متشدد كدلالة على صحة شعاراته وبرامجه التي يطرحها كبدائل تكون مقبولة على سمع المجتمعات الغربية.

بهذه الطريقة تتّسع الفجوة بين هؤلاء الشباب ومجتمعاتهم، وهي حلقة مفرغة يعيش عليها جناحا التشدّد والتطرف مع فرق في القدرات والامكانيات.