تركيا تختار رئيسها "الأقوى" بالاقتراع المباشر

تركيا تختار رئيسها "الأقوى" بالاقتراع المباشر

إسطنبول

باسم دباغ

avata
باسم دباغ
10 اغسطس 2014
+ الخط -
يصوّت الأتراك، بدءاً من اليوم الأحد، ولأوّل مرّة، لانتخاب رئيس بلادهم، بعد أن كان انتخاب رئيس الجمهورية يتم عبر البرلمان، بعملية تستمر، في حال الاضطرار إلى جولتين، حتى 24 أغسطس/ آب الجاري.

وعدّل التحول نحو الاقتراع الشعبي طبيعة مهام رئيس الجمهورية، بعد أن كان يشكّل المنصب المحايد نقطة الالتقاء، التي تجتمع عليها جميع القوى السياسية، بما يشبه الأب الروحي لجميع الأتراك.

ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت في تركيا 52 مليوناً و 894 ألفاً و115 ناخباً، يدلون بأصواتهم في 165 ألفاً و108 صناديق انتخابية، بحسب أرقام وكالة "الأناضول". ويتنافس في الانتخابات ثلاثة مرشحين هم: رئيس الوزراء رجب طيب اردوجان، مرشح حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وأكمل الدين إحسان أوجلو، المرشح التوافقي لعدد من أحزاب المعارضة، أبرزها "الشعب الجمهوري"، و"الحركة القومية"، أكبر حزبين معارضين، وصلاح الدين دميرتاش، مرشح حزب "الشعب الديمقراطي".

وتُعلن النتائج الأولية للانتخابات في 11 أغسطس/ آب الجاري، والنهائية في 15، وفي حال لم يحسم أي مرشح فوزه من الجولة الأولى، تُجرى جولة ثانية  في 24 أغسطس/ آب، على أن تسبقها الانتخابات في الخارج والمعابر الحدودية.

وبحسب محللين، فإنّ رئيس الوزراء والمرشح للرئاسة، رجب طيب اردوجان، وبعد انتصاره "الحتمي" بالرئاسة، بحسب استطلاعات الرأي، سينتقل إلى قصر شناكالة، بعدما حقق إنجازات ضخمة غيّرت وجه الجمهورية التركية على المستوى الاقتصادي والداخلي والسياسة الخارجية.

ولا يزال العمل جارياً على بناء الدولة الديمقراطية ببطء، وذلك منذ عام 1950، الذي شهد أوّل انتخابات ديمقراطية في تاريخ الجمهورية، أوصلت عدنان مندريس، برئاسة الحزب "الديمقراطي"، إلى السلطة، وحتى قدوم حزب "العدالة والتنمية" إلى السلطة عام 2002. ودفع الأخير بإصلاحات واسعة أدّت إلى تقوية الديمقراطية وتقييد قرارات حلّ الأحزاب. وجرت محاولات سابقة لحلّ "العدالة والتنمية" عدّة مرات، كما جرى حلّ حزب "الرفاه" وعدد من الأحزاب الكردية.

وأُثيرت، خلال حكم "العدالة والتنمية"، مجموعة من العمليات القضائية، كقضيتي "المطرقة" و"الإرغنكون"، التي أضعفت العسكر، وقضت على الدولة العميقة، معيدة العلاقة بين المدنيين والعسكر إلى وضعها الطبيعي، وخففت من السياسات العلمانية المتشدّدة، وسمحت بحرية التدين وارتداء الحجاب في الجامعات والمؤسسات الحكومية، ومكّنت الأقليات من الإعلان عن وجودها، وأصبح من حق الأقلية العلوية تشكيل جمعيات، بعدما كانوا يخافون من التصريح عن انتمائهم المذهبي.

واعتُبرت فترة حكم اردوجان، على الرغم من كل الشوائب، من أكثر الفترات استقراراً وحرية في تاريخ الجمهورية.

وفي جانب آخر، أطلق حزب "العدالة والتنمية" عملية تسوية للقضية الكردية على مختلف الصعد، سواء عبر إصلاحات واسعة في إطار القوانين، أكسبت الأكراد المزيد من الحريات الثقافية، وزادت الاستثمار في المناطق ذات الأغلبية الكردية، التي عانت من إهمال شديد عبر تاريخ الجمهورية، أو من خلال بدء المفاوضات غير المباشرة، عبر الاستخبارات، مع زعيم "العمال الكردستاني" من سجنه في جزيرة أمرالي التركية، عبد الله أوجلان.

وأسفرت هذه المفاوضات، حتى اللحظة، عن إقرار حزمة من القوانين تحمي المسؤولين، الذين يقومون بالتفاوض المباشر، وتضمن عودة مقاتلي "العمال الكردستاني" ليتم دمجهم في الحياة السياسية، قبل أن تخلص إلى إعلان نائب رئيس الوزراء، بشير أتلاي، في نهاية يوليو/تموز عن التجهيز لخارطة طريق نحو الحل النهائي للقضية الكردية.

لم يكن تأثير أداء "العدالة والتنمية"، في ما يخص القضية الكردية بقيادة اردوجان، محصوراً بالدولة، بل أدى إلى تغييرات جوهرية في رؤية ووعي الحركة القومية الكردية التركية برمتها، على الأقل على مستوى القيادات، والذي بدا واضحاً من خلال ترشيح الحركة القومية الكردية مرشحاً لرئاسة الجمهورية، هو صلاح الدين دميرتاش.

وأكّد الأخير أنّه ليس مرشح الأكراد فحسب، بل مرشح جميع المواطنين الأتراك، مما دفع بعض المحلّلين إلى الحديث عن "تتريك" الحركة القومية، أي إحساسها المتزايد بالانتماء إلى الجمهورية التركية، ليؤكد دميرتاش الأمر، مشيراً إلى أنّ الأمر كان متبادلاً؛ فمن ناحية، هناك "تتريك" الحركة الكردية، ومن ناحية ثانية، أثمرت جهود الحركة القومية الكردية عن تغيير الجمهورية التركية نحو أخرى، أكثر احتراماً لحقوق الإنسان والحريات.

وتحدّث الكثير من المحللين أخيراً عن أنّ الأصوات الكردية، التي يجنيها اردوجان في الانتخابات، هي انتصار باهر للهوية، التي اقترحها حزب "العدالة والتنمية" غير المبنية على أساس القومية التركية، كما في السابق، بل هوية أخرى أقرب إلى العثمانية تعترف بجميع الأقليات.

أما من الناحية الاقتصادية، كانت نتائج الإصلاحات الاقتصادية، التي تبنتها حكومة "العدالة والتنمية"، بما جلبته من تنمية ونمو، حجر الأساس في الانتصارات الانتخابية، التي حققها الحزب، بحيث ارتفع مستوى دخل الفرد من 2500 دولار إلى 10 آلاف دولار في فترة حكم اردوجان. وتحوّلت تركيا من المرتبة 111 عالمياً على المستوى الاقتصادي، لتصبح عضواً في منظمة الدول العشرين الكبار، كونها تشغل الآن المرتبة 16 عالمياً على مستوى الاقتصاد.

وارتفعت الصادرات التركية من 25.5 مليار دولار إلى 153 مليار دولار عام 2013، وانخفضت نسبة الفائدة من 63 في المائة إلى 9 في المائة. وانخفض معدل التضخم من 30 في المائة إلى ما بين 8 و9 في المائة، وتحوّلت تركيا إلى دولة دائنة لصندوق النقد الدولي بخمسة مليارات دولار لأوّل مرّة، بعد سداد الديون المتراكمة منذ أن بدأت الجمهورية بالاستدانة منذ 53 عاماً.

ولا تتوقف إنجازات "العدالة والتنمية" على هذا المجال، بل امتد الأمر إلى البنى التحتية، كبناء أكثر من 25 مطاراً وأكثر من 530 مستشفى، وزيادة الطرقات حول الجمهورية، ورفع عدد الجامعات، وغيرها، مما حوّل حزب "العدالة والتنمية"، بقيادة اردوجان، إلى المهندس الحقيقي لنهضة تركيا كقوة إقليمية، بل والهادف إلى تحويل الجمهورية في عيد ميلادها المئوي عام 2023 إلى إحدى القوى العظمى في العالم.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أثار اعتقال اللاعب الإسرئيلي ساغيف يحزقيل في تركيا أمس، ردود فعل غاضبة في إسرائيل، دفعت وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت لاتهام تركيا بأنها ذراع لحركة حماس.
الصورة

سياسة

كشفت وسائل إعلام تركية، اليوم الجمعة، تفاصيل إضافية حول خلية الموساد الموقوفة قبل أيام، مبينة أن هناك وحدة خاصة تابعة للموساد تشرف على "مكتب حماس في تل أبيب".
الصورة

سياسة

قال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، اليوم الأحد، إن إرهابيين نفذا هجوما بقنبلة أمام مباني الوزارة في أنقرة، مضيفا أن أحدهما قتل في الانفجار بينما قامت السلطات هناك "بتحييد" الآخر.
الصورة

منوعات

أعلنت السلطات الأمنية التركية، الأربعاء، أنّها أوقفت 27 مديراً ومحرراً صحافياً لحسابات إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد "قيامهم بترويج خطابات تحريضية تحرّض على الحقد والكراهية في المجتمع".

المساهمون