ترامب ولوبين.. ثنائي العنصرية

02 يناير 2016
محاولة لتجاوز مشاعر العداء(Getty)
+ الخط -
كل التقديرات الرقمية، تقول إن أعداد عرب المهجر، ومن أجيال عدة، ليست قليلة. ملايين على امتداد الساحات الأوروبية، تنشط فيها شخصيات وجمعيات ومؤسسات ويتبوأ بعضهم مكانة ومناصب في مؤسسات دول عدة.
يبقى السؤال العام المشترك، كيف نستفيد في الواقع الراهن، من قصة بسيطة بعد برود "الرؤوس الحامية" لساسة يمين وسط الغرب، تشير إلى سوداوية الصورة. الأمر مرتبط بسلوك الجاليات العربية في قادم الأيام.
محمد الجوهري، شاب في السابعة عشرة، طالب ثانوي ولد وعاش في الدنمارك، قامت أكبر المتاجر بطرده من وظيفته بسبب نشاطه على فيسبوك وفق رؤيته لتصحيح الآراء الخاطئة عن الإسلام. فجرت قصة محمد في اليومين الأخيرين من عام 2015 نقاشا مجتمعيا ونقابيا وسياسيا، وإعلاميا. ذلك النقاش يثبت بأن المجتمعات لن تقبل حرفيا بدساتيرها ولا جر شبابها كالقطيع خلف الدعاية البغيضة. التعاطف ليس هو المسألة، بل فتح تحقيق رسمي تدخلت فيها النقابات لكشف وفضح ممارسة تخرق حرية التعبير والرأي.
في تلك القصة المستمرة، والتي يمكن أن تحدث في أي بلد، تبرز الحاجة لفهم عميق للمواطنة التي تمنحها الدساتير، رغم أنف التشدد، وعلى مئات الآلاف، إن لم نقل الملايين، من العرب في مهاجرهم أن يشاركوا في الحياة السياسية والاجتماعية. وفق ما تقتضيه اللعبة القائمة.
التوقف عن ترداد مقولة "لا شيء يفيد" غير مطلوب لأجل أجيال المستقبل. مثلا في أميركا جماعات الضغط تشتغل بشكل قانوني منظم، فكم ستنتج أصوات العرب الأميركيين إن اتفقت؟ وفي عواصم أوروبا، لا يقل أهمية تنظيم المشاركة في الانتخابات المحلية والعامة عن مثيلاتها عند جماعات الضغط وعبر أحزاب وحركات قائمة ليست في خطابها وبرامجها أقل حرصا على مكتسباتها الديمقراطية من حفنة فاشيين يحاولون تحطيم ذلك باستفزازات تدفع بعضهم للتقوقع والقول باستنتاج: "لا شيء ينفع".
المسألة ببساطة أن نقلع عن الانقسامات الأيديولوجية وللأسف المذهبية المحمولة في جعبة بعضهم، بينما المستهدف الجميع بمن فيهم الغربيون الذين يرفضون، رغم استطلاعات الرأي، أن تصبح مجتمعاتهم مجتمعات تجتر حقبة العشرينيات والثلاثينيات بالبحث عن كبش فداء. هناك تجارب تاريخية كثيرة، شرطها الفعالية وعدم الاستسلام للواقع، يمكن أن تحقق طموح ورغبات أجيال شابة بدل ترك بعضها في حيرة السؤال: "هل يمكن أن نهاجر إلى بلد عربي إن وصلت الأمور إلى تغير أوروبا مثلما كانت عليه أواسط الثلاثينيات؟". لا يمكن لجاليات عريقة ونشطة أن تترك الساحة والمسؤولية للتشاؤم وتيارات التحريم والملتقية بشكل غير مباشر ما مع يريده "الترامبيون" الغربيون.

المساهمون