تدريس الثقافة الجنسية بكندا.. جدل مستمر

تدريس الثقافة الجنسية بكندا.. جدل مستمر

29 يناير 2016
تظاهرات مؤيدة لتدريس مناهج التربية الجنسية في أونتاريو بكندا(Getty)
+ الخط -
بعد ما يقرب من العشر سنوات على طرح فكرة تدريس الثقافة الجنسية في كندا، دخل القرار حيز التنفيذ في سبتمبر/أيلول 2015، وظل هذا الأمر حتى بعد تطبيقه في مدارس مقاطعة أونتاريو بين مؤيد ورافض، فهو مطبق بشكل رسمي فقط في أونتاريو التي تعد أكبر المقاطعات سكانا والتي اقترحت القرار ونفذته، أما باقي المقاطعات فقد أدخلته على سبيل التجربة، مثل مقاطعة كيبيك على سبيل المثال التي تطبقه في 15 مدرسة، وتحديدا على 820 طالبا وطالبة لا يسمح لهم بالتغيب عن هذا الدرس.

دواعي القانون
كانت وزيرة التربية والتعليم السابقة في مقاطعة أونتاريو، قد أقرت هذا القرار مبررة ذلك بأن تعليم الأطفال الثقافة الجنسية يتيح لهم الفرصة لفهم الإشارات غير اللفظية وتعابير الوجه وأسماء لأجزاء من جسم الإنسان، التي يطلق عليها البعض أحيانا ألفاظا خادشة للحياء وغير مناسبة، فترى أن من مسؤولية المؤسسة التعليمية تثقيف الأطفال في هذا الجانب.

أما رئيسة وزراء أونتاريو كاثلين وين، فقد بينت أن دخول هذا القرار حيز التطبيق جاء لأن الأطفال يستقون معلوماتهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وثورة المعلومات الهائلة، وهو مصدر غير موثوق به إضافة إلى أن الأطفال قد يقعون ضحية محتالين على تلك المواقع ممن يقومون باستغلال الأطفال جنسيا، وبررت ذلك أن المناهج صممت لكي تتناسب مع المرحلة العمرية للطفل ويبدأ تدريسها من الصف الأول في المدارس الإبتدائية وصولا إلى المرحلة 12 قبيل الجامعة.

أما الأمر الآخر الذي تبينه كاثلين لتبرير تدريس هذه المادة في كندا، فهو أن الكثير من الأطفال يعيشون في أسر يكون فيها الآباء مثليين، لذا يكون من المهم توعية الطفل عن طبيعة العلاقة بين أسرهم.

المراحل العمرية
تم وضع مناهج تدريس التربية الجنسية للصفوف من الأول إلى الثالث، متضمنا التعريف بمفردات أجزاء الجسم ووظائفها، وفي الصف الثالث حينما يكون الطفل بعمر 8 سنوات يتم شرح الأعضاء الجنسية للذكر والأنثى وكذلك وظائف تلك الأعضاء.

أما في الصف الرابع فيتناول المنهج الشذوذ واستخدام أفعال وممارسات جنسية غير صحيحة، وفي المرحلة الخامسة يتم تناول العادة السرية، وفي المرحلة السابعة يتم شرح العلاقات المثلية وخطر ممارستها وأسبابها، أما في المرحلة الثانوية فيصل الأمر إلى شرح العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى، وفي كل المراحل تلك يستعان بأفلام توضح وتشرح كل ما سبق ذكره.

اقرأ أيضا:سمر عبده: الجنس مدخل تربوي لفهم الحياة

على المستوى الاجتماعي ووفقا الجدل الذي أثير حول الموضوع، يتبين أن لكل من مؤيدي القرار ورافضيه أسبابهم الخاصة، فتتلخص أسباب تأييد تدريس تلك المناهج للتلاميذ في الأسباب التالية:

• يكون ذلك فرصة لتعليم الأساليب الصحية والاجتماعية من خلال الامتناع عن القيام بالنشاط الجنسي والتعرف على مخاطره إن لم يكن بالشكل السليم.
• يوضح مخاطر النشاط الجنسي خارج إطار الزواج.
• الامتناع عن ممارسة النشاط الجنسي لتجنب انتقال أمراض قد تصل بالطفل أو الشاب إلى مرحلة الموت.
• يشرح العواقب السلبية الناتجة عن ممارسة الجنس خارج إطار الزواج على الطفل وعلى والدي الطفل وعلى المجتمع.
• تعليم وتثقيف الشباب أن تناول الكحول والمخدرات يزيد من نسب التحرش الجنسي والاعتداءات الجنسية.
• تعليم الشاب على استخدام الموانع الطبيعية والصناعية بشكل صحي.

أما رافضو القرار فيبينون المساوئ والسلبيات التي تنعكس على الالتزام بهذا القرار في النقاط التالية:
• يذكي الغريزة الجنسية لدى الأطفال والشباب بشكل يسيطر على حياتهم اليومية ولا يجعلهم يفكرون إلا في كيفية ممارستها حتى ولو كانت بأساليب خاطئة.
• ينشئ أطفالا غير أسوياء.
• يزيد من مخاطر الاعتداءات الجنسية.
• يشجع على ممارسة الجنس بين الأطفال والشباب.
• يتيح لهم فرصة قيام علاقات مثلية غير طبيعية.
• يخرج الطفل من براءته ويدخله في مرحلة عمرية أكبر من مرحلة الطفولة التي يعيش فيها.
• يضاعف فرص قيام العلاقات الجنسية بين البنات والذكور الأطفال في المدارس الإبتدائية وأيضا في المراحل الثانوية.
• يساهم بمضاعفة الفرص في الإصابة بأمراض خطيرة ناشئة عن التواصل الجنسي بين الأطفال والشاب خارج الأطر الصحيحة.
• يفسح المجال لغير الوالدين لإدخال المعلومات الصحية التي تتعلق بالثقافة الجنسية، من الزملاء في المدرسة على سبيل المثال، والتي تترتب عليها عواقب وخيمة.
• يزيد من فرصة تعاطي الأطفال والشباب للمخدرات والكحول.
• يضعف من سلطة الآباء في توجيه أطفالهم التوجيه الذي يتناسب مع عادات وتقاليد ودين الأسرة.

ردود الأفعال
اعتراضا على تطبيق القرار، خرج الأهالي والطلاب من مختلف الأصول والأديان وأيضا بعض المدرسين والتربويين وممثلي المؤسسات الدينية المختلفة رافضين هذا القرار، كما شهدت مدارس أونتاريو إضرابا لثلاثة أيام من قبل الطلاب كما خسر بعض المدرسين وظائفهم بهذا الإضراب بعدما رفضوا تطبيق قرار تدريس تلك المواد في مدارس مقاطعة أونتاريو.

لكن الأمر لم يحقق أي نتيجة إيجابية، هذا الرفض لم يكن مقتصرا على المسلمين وأسرهم في المقاطعة إنما شمل أيضا المدارس والمؤسسات الكاثوليكية التي عبرت عنه المؤسسة التعليمية الكاثوليكية في مقاطعة أونتاريو وبينت أن استخدام موانع الحمل يتعارض تماما مع نظام المدارس الكاثوليكية، في حين ألزمت وزارة التربية والتعليم المدارس الكاثوليكية بتطبيق هذا القرار كما هو الحال ببقية المدارس الأخرى الكندية.

وبينت المؤسسة الكاثوليكية أن التعاليم الكاثوليكية تمنع الإجهاض واستخدام موانع الحمل الاصطناعي، إضافة إلى أن العلاقات المثلية تتعارض مباشرة مع الأنثروبولوجيا المسيحية للإنسان.

وبالرغم من أن أمناء المدارس الكاثوليكية في تورنتو في مقاطعة أونتاريو طلبوا تأخير تنفيذ هذا القرار كما طالبوا بأن يكون تدريس منهج الثقافة الجنسية المثير للجدل بطريقة تتناسب مع العقيدة الكاثوليكية ولا يتعارض معها بحيث يتم حذف بعض النواحي التي تتعارض مع التعاليم الكاثوليكية، إلا أن وزارة التربية والتعليم في المقاطعة ألزمت جميع المدارس بالالتزام بالمنهج التعليمي لدرس العلوم الذي يتضمن تدريس الثقافة الجنسية في جزء كبير منه.

تغيب التلاميذ
على الرغم من إلزام المدارس بتطبيق هذا القرار إلا أنه يتيح للآباء سحب أبنائهم من مرحلة الصف الأول إلى المرحلة الخامسة من حضور هذا الدرس، ويقوم الكثير من الآباء والأمهات المعارضين لتطبيق القرار بسحب أطفالهم بالفعل، خاصة عندما يتم عرض أفلام تشرح العملية الجنسية بشكل مباشر.

وقد سجلت إحدى مدارس مدينة هاملتون في مقاطعة أونتاريو قيام الأهالي بسحب 100 طالب وطالبة من درس الثقافة الجنسية خلال موسم الربيع فقط، ولا يزال المجتمع الكندي يتابع بحذر تطبيق هذا القرار ودراسة مخاطره وأبعاده على المراحل التدريسية للطلاب، ولا يزال مستقبل تطبيق هذا القرار مجهولا إلى الآن إن كان سيتم إلغاؤه في المستقبل أو الاستمرار في تطبيقه، وذلك اعتمادا على الدراسات التي ستقوم بها الجهات والمؤسسات التربوية المختلفة في كندا.

اقرأ أيضا:قواعد حماية الأبناء من مخاطر الإنترنت

المساهمون