تحذير مصري من تأثير اضطرابات إثيوبيا على مفاوضات "النهضة"

تحذير مصري من تأثير اضطرابات إثيوبيا على مفاوضات "النهضة"

02 يوليو 2020
تعرقلت مفاوضات سد النهضة مرات عدة (إدواردو سوتيراس/فرانس برس)
+ الخط -

تتابع مصر عن كثب التطورات الداخلية الميدانية في إثيوبيا، والتظاهرات الشعبية التي اندلعت في مناطق عدة تابعة لقومية الأورومو، احتجاجاً على مقتل المغني هاشالو هونديسا، المعروف بأعماله الداعمة لمطالب وقضايا الشعب الأورومي. ويُسيطر القلق على اللجان الدبلوماسية والفنية والقانونية المصرية، التي تعكف حالياً على إعداد مجموعة من التقارير عن الوضع الحالي للمفاوضات حول ملء وتشغيل سدّ النهضة، من تكرار سيناريو عدم الاستقرار السياسي الداخلي في إثيوبيا وإطالة أمده، ما يعرقل المفاوضات كما حدث سابقاً في مناسبات عدة.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، إن اتصالات دارت بين القاهرة والخرطوم خلال اليومين الماضيين استهدفت متابعة الوضع الإثيوبي عن قرب بعد انتشار الاحتجاجات في ولايتي أوروميا وهراري، البعيدتين تماماً عن موقع إنشاء السد في ولاية بني شنقول، شمال غربي إثيوبيا. وركزت الاتصالات المصرية - السودانية على تبادل المعلومات بشأن التقرير المشترك الذي من المقرر عرضه على رئيس جنوب أفريقيا والاتحاد الأفريقي سيريل رامافوزا خلال ساعات.

أجرت مصر اتصالات بكل من السودان وجنوب أفريقيا

كما أجرت مصر اتصالات أخرى بجنوب أفريقيا، أكدت خلالها حرصها على إنهاء المفاوضات حول سدّ النهضة تحت مظلة الاتحاد الأفريقي في أسرع وقت ممكن، وفي الموعد المحدد سلفاً، وهو من أسبوعين لثلاثة فقط من تاريخ انعقاد القمة الأفريقية المصغرة يوم الجمعة الماضي. وحذرت مصر في اتصالاتها بالدولتين من استغلال أديس أبابا للاضطرابات الداخلية لتعطيل المفاوضات مرة أخرى، مشيرة إلى استمرار إثيوبيا في أعمال تطهير الغابات حول السدّ وتطهير بحيرة تانا ورفع كفاءة انتقال المياه منها إلى وادي النيل الأزرق، الأمر الذي يؤكد انفصال قضية السد وتطوراتها نهائياً عن الأوضاع الداخلية المضطربة في شرق البلاد.
وبالتوازي، لا تزال الاتصالات مستمرة بين مصر والدول الأعضاء الدائمين والحاليين في مجلس الأمن الدولي، حيث تمّ توزيع مجموعة من التقارير الفنية التي طلبت بعض الدول الاطلاع عليها لتشكيل رأي بشأن النزاع. وأبدت بعض الدول من أوروبا وآسيا اهتمامها بالتعرف على تفاصيل مراحل المفاوضات التي سبق وانخرطت فيها الأطراف الثلاثة على مدار 10 سنوات تقريباً.

وكانت مصادر دبلوماسية مصرية وأوروبية في القاهرة قد رجحت، أول من أمس الثلاثاء، أن يصدر مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق بياناً يدعو إلى استئناف المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، برعاية من الاتحاد الأفريقي. وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن "هناك توافقاً واسعاً بين جميع الأعضاء، وكذلك الأعضاء الدائمين الخمسة، على الاكتفاء بإصدار بيان يدعو لاستئناف المفاوضات، ويطالب الدول الثلاث بالعمل في إطار الحلول الودية والسلمية من أجل التوصل إلى اتفاق عادل يتيح التعاون بينهم وتحقيق المكاسب المشتركة من النيل الأزرق"، وبالتالي عدم إصدار قرار.
وأضافت المصادر أن الولايات المتحدة وأربع دول أخرى طلبت إضافة فقرة للبيان، تطالب بعدم اتخاذ أي خطوات أحادية، في إشارة لضرورة امتناع إثيوبيا عن ملء السدّ للمرة الأولى قبل التوصل إلى اتفاق. وذكرت المصادر أن هناك خلافاً على هذه النقطة، يعتبر امتداداً للخلاف الذي كان سائداً في المجلس قبل انعقاد القمة الأفريقية المصغرة حول القضية، الجمعة الماضي.

حذرت مصر من استغلال أديس أبابا للاضطرابات الداخلية لتعطيل المفاوضات مرة أخرى 

وتحاول الولايات المتحدة تمرير هذه الفقرة باعتبارها "مناشدة دبلوماسية" طالما لم يتم التصويت على مشروع قرار، بينما تسعى الصين لتعطيلها، امتداداً لموقفها المناوئ للطلب المصري منذ البداية، ورغبتها في عدم اعتبار تدخل مجلس الأمن في قضية كهذه سابقةً يمكن القياس عليها مستقبلاً.
وأشارت المصادر إلى أن فرنسا، الرئيس الحالي للمجلس، تعمل على توفيق الآراء بين واشنطن وبكين حول هذه النقطة، التي حتى وإن تضمنها البيان فليس لها أثر إلزامي، نظراً لطبيعة البيان نفسه.
وتسعى مصر مدعومة من الولايات المتحدة لطرح مشروع قرار يتضمن ثلاثة أقسام: الأول يؤكد على دعوة كل من مصر وإثيوبيا والسودان إلى استئناف المفاوضات الفنية للتوصل إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة بشكل مستدام يضمن مصالح الجميع ويمنع إلحاق الضرر بأي طرف، والقسم الثاني يتضمن دعوة الدول إلى الالتزام بمبادئ القانون الدولي في حماية الحقوق المائية لجميع الدول المشاطئة للنيل الأزرق، وأن يكون الاتفاق منظماً لآلية دائمة لفض النزاعات التي قد تنشأ بين الأطراف، أما القسم الثالث فيدعو جميع الأطراف - والمقصود بذلك إثيوبيا بالطبع - إلى عدم اتخاذ أي خطوات أحادية الجانب بشأن السد إلا بعد التوصل إلى اتفاق.
في المقابل، تسعى إثيوبيا مدعومة من الاتحاد الأفريقي ودول أعضاء كالصين وجنوب أفريقيا، إلى إبقاء النزاع محصوراً تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، بحجة أن المنظمات القارية هي الأجدر بنظر النزاعات الداخلية، وهي النقطة التي ركز عليها ممثل أديس أبابا في مجلس الأمن، خلال جلسة أمس، في طلبه عدم نظر الموضوع في مجلس الأمن واعتباره غير مختص.

المساهمون