تحذيرات بعدم حسم العمليات العسكرية الوضع في الأنبار

تحذيرات بعدم حسم العمليات العسكرية الوضع في الأنبار

26 مايو 2015
نازحو الأنبار ينتظر حسم المعركة للعودة للديار (فرانس برس)
+ الخط -

لا شيء يسمع في الأنبار إلا أصوات الانفجارات، ولا شيء يبصر في سمائها إلا الدخان المنبعث من مناطق عدة، حيث تسللت الحياة بصعوبة من داخل مدنها التسع، وانتقلت بوجع أكبر إلى مخيمات ومجمعات حكومية قديمة في صحرائها الواسعة ضمن عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والرجال الذين ينتظرون أن يحسم أحد الخصمين النزاع. لسان حالهم، كما يقول ممثل منظمة الهلال العراقية، "متعبون منهارون لا يهم من ينتصر لكن يريدون العودة لديارهم".

وما هي إلا ساعات بعد إعلان الحكومة العراقية عن بدء عمليات وصفتها بتحرير الأنبار من إرهابيي تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، حتى بدأت أوسع موجة هجمات صاروخية تتعرض لها مدينة الرمادي، عاصمة المحافظة، والضواحي القريبة منها ضمن سياسة جديدة أعلنت عنها مليشيات "الحشد الشعبي" تعرف باسم الأرض المحروقة وتجنب المواجهة المباشرة.


وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في بيان أنَّ "القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، وجّه أوامره لقيادة العمليات المشتركة بالبدء بالعمليات العسكرية لتحرير محافظة الأنبار من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)"،

فيما كشفت مصادر عراقية عسكرية عن دخول المئات من الحرس الثوري الإيراني للعراق للمشاركة في تلك المعارك.

ونقلت محطات تلفزة عراقية محلية عن عسكريين أكراد تأكيدات وصول قوات إضافية من الحرس الثوري للمحافظة، المجاورة لكل من الأردن والسعودية وسورية ذات الثقل السياسي والاقتصادي والجغرافي المؤثر في العراق.

ويرى محللون أنَّ معركة الأنبار ستكون صعبة وطويلة، فيما يرى آخرون أنها فخ كبير واستنزاف، وكان من الخطأ مهاجمتها حالياً.

ويكشف الخبير الأمني والعقيد بالجيش العراقي السابق، ماجد الدليمي، لـ "العربي الجديد"، أنَّ "معركة الأنبار تختلف تماماً عن معركة تكريت وديالى وجرف الصخر، فالأنبار تشكل ثلث مساحة العراق فضلاً عن ثقل المدن التي يسيطر عليها تنظيم (الدولة) بدءاً من الفلوجة والرمادي وهيت وعنه وراوه والقائم والرطبة، وكل واحدة من هذه المدن بحاجة إلى عملية عسكرية واسعة وكبيرة ".


وتابع الدليمي: "الخطر الأكبر هنا هو أنَّ العمليات العسكرية يقودها (الحشد الشعبي) المشكل من العديد من المليشيات الشيعية المدعومة إيرانياً، مما يثير حساسية الموقف بشكل كبير، خاصةً أنَّ أهالي المناطق السنيّة يتخوفون من دخول الحشد بعد ما قام به في ديالى وتكريت وجرف الصخر من أعمال نهب وسلب وحرق وإعدامات ميدانية بدافع طائفي".
وأعلن أمين عام مليشيا "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، الاستنفار العام للهجوم على الأنبار داعياً أتباعه، في بيان أصدر، إلى الجاهزية التامة لمحاربة تنظيم "داعش" والدفاع عن المراقد المقدسة في النجف وكربلاء، بحسبه.

ويتخوف أهالي الأنبار من دخول الحشد الشعبي إلى المحافظة خشية تكرار ما حدث في تكريت من عمليات الحرق والسلب والنهب وتفجير المنازل ونبش القبور وحرق المساجد وعمليات القتل والاعتقال.

وقال الشيخ عبد الجبار الدليمي، أحد الزعماء القبليين في محافظة الأنبار إنَّ "دخول (الحشد الشعبي) إلى المحافظة يعني كارثة كبرى، فالحشد ما دخل مدينة إلّا وأحرقها وأباد أهلها وهجّرهم ولنا في جرف الصخر وديالى وتكريت خير دليل على ذلك، فمثلاً منطقة جرف الصخر مضى على تحريرها أكثر من 7 أشهر أحرقت ودمرت من قبل مليشيات (الحشد الشعبي) ولم يسمح لأهلها النازحين بدخولها حتى اليوم".

وأضاف الدليمي لـ "العربي الجديد": كذلك الحال في تكريت التي مضى على تحريرها شهران، وأعلنت الحكومة تحريرها بالكامل، لكن مليشيات الحشد التي دخلت تكريت لم تسمح بعودة أي نازح من أهالي تكريت حتى اليوم، بل منعت حتى محافظ صلاح الدين وأعضاء مجلس المحافظة من دخول المدينة، وقامت بنهب وسلب وحرق وتفجير كل شيء في المدينة، ولا نريد تكرار هذا السيناريو المرعب في الأنبار مطلقاً".

ويرى خبراء عسكريون أنَّه من المستحيل حاليا السيطرة على الوضع، بعد تمكن المليشيات من السيطرة على محافظة الأنبار بسبب مساحتها الشاسعة ووعورة أراضيها وقوة تنظيم "الدولة" فيها. ويرى العقيد في الجيش العراقي السابق، رضوان السلماني، أنَّ "الحكومة تعلم جيداً أنها غير قادرة على استعادة السيطرة على الأنبار، لكنها تريد على الأقل استعادة السيطرة على الرمادي لحماية بغداد وجنوب العراق من تمدد التنظيم نحوهما".

وتابع السلماني: "دخول (الحشد الشعبي)، المدعوم إيرانياً، إلى الأنبار يعني بداية مرحلة أخرى من حرب طائفية بامتياز لا هوادة فيها وسفك دماء آلاف العراقيين من الطرفين، فالحشد سيدخل بدوافع طائفية معروفة للجميع وسيفعل ما فعله في تكريت تماماً، لكن الحشد لا يمكنه الصمود في الأنبار مطلقاً، وحتى لو سيطر عليها بالكامل، فستبدأ مرحلة أخرى لتحريرها من سيطرة (الحشد الشعبي) وهنا نبدأ بمرحلة أخرى من الحرب الطائفية، التي ستحرق العراق بأكمله وستكون الحروب الحالية لا شيء بالنسبة إلى القادمة".

اقرأ أيضاً: 
القوات العراقية تطلق معركة تحرير الأنبار

المساهمون