تحالف محاربة "داعش": استراتيجية متعددة الأوجه

تحالف محاربة "داعش": استراتيجية متعددة الأوجه

07 سبتمبر 2014
وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان لتجفيف موارد "داعش" (Getty)
+ الخط -

من غير المتوقع أن يغيب موضوع التحالف الدولي الجاري الإعداد له ضد تنظيم "داعش"، إلى حين الإعلان الرسمي عنه خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت لاحق من سبتمبر/أيلول الجاري في نيويورك. وبعدما وضع الرئيس الأميركي، أول من أمس الجمعة، الخطوط العريضة لخارطة طريق التحالف، القائمة على الزجّ بقوات "محلية" من دول المنطقة العربية في المعارك الميدانية تحت قيادة حلف شمال الأطلسي، توالت التسريبات والتصريحات التي كشفت المزيد من التفاصيل حول الحلف المزعوم. ووسط صمت عدد من المعنيين العرب بالملف، سارعت قيادات عراقية، كردية وأخرى تنتمي للتحالف الوطني (ذات الغالبية الشيعية) إلى الترحيب بالخطة العريضة التي وضعها أوباما، بينما لم يصدر موقف رسمي عن الائتلاف الوطني السوري أو فعاليات سورية أخرى، رسمية أو معارِضة.

ولتأكيد المؤكد حول عدم وجود نية بالتدخل البري الأطلسي، أكان في العراق أو في سورية، والرغبة بتوسيع التحالف لضمّ دول المنطقة، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية ماري هارف أن الائتلاف الدولي "لا يمت بصلة الى التحالف" الذي قادته واشنطن لاجتياح العراق عام 2003، لأن "كل الدول على اختلافها يجب ان تعمل معاً من اجل إضعاف تنظيم الدولة الاسلامية وفي النهاية القضاء عليه، وما نتحدث عنه لا يتعلق بائتلاف أميركي، بل بتحالف دولي".

ويبقى العالم في انتظار زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى المنطقة، التي لم يحدد لها موعداً بعد، وقد لا تحصل قبل الاجتماع المقرر لأوباما مع زعماء الكونغرس، ليعرض عليهم تفاصيل الخطة المرسومة للحرب. خطط لا تعترف واشنطن ولا طهران بوجود تنسيق بينهما في ما يتعلق بها، على الرغم من إشارة وزارة الخارجية الأميركية إلى أن "داعش لا يشكل تهديدا للولايات المتحدة فحسب بل للمنطقة بكاملها بما فيها ايران". وفي السياق، علمت "العربي الجديد" أن وزير الخارجية الدنماركي مارتن ليدغوورد سيقوم، بعد أيام، بجولة تشمل السعودية وإيران، في إطار الجهود لتوسيع التحالف المذكور، علماً أن إيران لم يزرها وزير خارجية دنماركي منذ العام 2005. وبحسب ليدغوورد، فإن ما سيحمله إلى دول المنطقة هو "رسالة واضحة بأنه لا يمكن مواجهة عنف المتطرفين من دون التعاون والتنسيق".

ويتراوح المدى الزمني لتنفيذ الاستراتيجية المرسومة، وفقاً لتقديرات صناع القرار الأميركي، بين عام واحد وثلاثة أعوام. وسيعتمد الحلف على "الشركاء المحليين" ومساندتهم، وتوفير الغطاء الجوي لهم، ليكونوا رأس حربة في قتال "داعش"، ومن بين هؤلاء الشركاء، ميليشيات كردية وسنية وشيعية. وقد يتم تسليح المعارضة السورية للقيام بدور في هذا المجال. كما يتوقع أن يستمر التعاون مع الجيش العراقي وقوات الأمن العراقية بالتدريب والتسليح وتوفير المستشارين الميدانيين. والعمل على وقف تدفق المقاتلين الأجانب، ويعول في هذا الجانب على تركيا والسعودية، للقيام بدور مهم، لم يتم ذكر تفاصيله.

كما علمت "العربي الجديد" بأن الولايات المتحدة ودولاً أوروبية، سوف تتخذ إجراءات أمنية وقضائية، تضيق بها الخناق على مواطنيها، الذين يقاتلون في صفوف "داعش"، وربما تسحب جوازات سفر بعض المشتبه فيهم، عن طريق اللجوء إلى سن قوانين مشددة، تسهل هذا الأمر الذي قد لا تسمح به القوانين المعمول بها حالياً. وجرى الاتفاق على "تشكيل فريق عمل متعدد الجنسيات، يُعنى بتبادل المعلومات حول تدفق المقاتلين الأجانب إلى سورية، ومن سورية إلى العراق، إذ يمثل هؤلاء المقاتلون الأجانب، تهديداً خطراً لحلفائنا في منظمة حلف شمال الأطلسي".

وتعول إستراتيجية التحالف في مرحلتها الأولية على تشكيل حكومة جديدة وحاضنة للجميع في العراق، باعتبارها خطوة حاسمة الأهمية في هذا المجهود. وينبغي على الحلفاء تقديم الدعم الفوري لحكومة العراق الجديدة بوصفها اللاعب الأهم في تسهيل أعمال اللاعبين الآخرين، وجعلها شرعية لا تتعارض من السيادة العراقية.
اقتصادياً، سيتم التركيز على تجفيف مصادر تمويل "داعش" بكافة السبل، ومنعه من الحصول على موارد مالية جديدة، وتضييق الخناق عليه اقتصادياً. وجاء في بيان الوزيرين الأميركيين: "واتفقنا أيضا على العمل يداً واحدة على تجفيف مصادر الدخل إلى داعش، بما في ذلك تجارة المنتجات البترولية، ومحاسبة أولئك الذين ينتهكون الحظر الدولي على مثل هذه التجارة". كما تركز الإستراتيجية على معالجة الأزمات الإنسانية، إلى جانب "اتخاذ إجراءات أخرى لتخفيف حدة البطالة ومبررات الاستقطاب أو انتساب الشباب إلى تنظيم داعش، فضلاً عن كشف زيف عقيدة التنظيم عن طريق إعداد خطط إعلامية، تحقق هذا الهدف، مع الاستعانة بعلماء سنة في فضح الأكاذيب التي يرتكز عليها داعش في حملاته الدعائية، والاستفادة من أخطاء التنظيم الإستراتيجية، لتحويلها إلى مكاسب إعلامية ملموسة للتحالف" بحسب الخطة الأميركية.

وبعد التطرق للخطوط العريضة، أكد البيان، أنه تم الاتفاق على إجراء حوار فوري مع حكومة عراقية جديدة حول التعجيل بهذه الجهود، بما في ذلك إمكانية تقديم التدريب الإضافي لقوات الأمن العراقية، وتزويدها بالعتاد على مستوى الحكومة الفدرالية والأقاليم والمحافظات.
وجاء في بيان الوزيرين: "كما ناقشنا تحقيق مزيد من التعاون لمعالجة الأزمة الإنسانية في العراق، ونوّهنا بالجهد المشترك للقوات العسكرية الأميركية والفرنسية والأسترالية والبريطانية، لنقل إمدادات إنسانية لمواطني آمرلي (ذات الغالبية التركمانية) في شمالي العراق. فهذه البلدة تحاصرها قوات داعش منذ شهرين، ولكنها اليوم تتلقى مساعدات وإمدادات إنسانية على الأرض بقيادة فريق للأمم المتحدة. مثل هذا المجهود المشترك سيكون أمراً ضرورياً وأساسياً، في الأيام المقبلة".

نواة حلف محاربة "داعش"، هي دول حلف الأطلسي الرئيسية، إضافة إلى من يتم إقناعهم من دول المنطقة للمشاركة فيه، مثل السعودية والأردن وقطر وتركيا وغيرها، إلى أن يتم توسيع الحلف إلى جهد عالمي. وفي هذا السياق قال وزير الخارجية جون كيري "أكد حلفاؤنا وشركاؤنا في حلف الأطلسي اليوم استعدادهم ليكونوا جزءاً كاملاً من هذا النهج المنسق، وخلال الأيام المقبلة، سوف نستمر في المناقشة مع شركائنا في المنطقة، الذين يضطلعون بدور هام يستطيعون أداءه عبر هذه الخطوط من الجهد".
لكن إلحاق الهزيمة بـ"داعش" سوف يتطلب وقتاً طويلاً يترواح بين سنة واحدة وثلاث سنوات، بحسب مصادر "العربي الجديد"، وربما يطول أكثر من ذلك، إذ ورد في بيان كيري هاغل، أن "الجهود المبذولة الرامية إلى الحطّ من قدرات التهديدات التي يشكلها داعش وتدميرها، سوف تستلزم الوقت والثبات. كما أنها تتطلب اتباع نهج موحد على الصعيد الدولي والإقليمي والمحلي، يجمع بين الأدوات العسكرية والاقتصادية والقانونية والاستخباراتية والدبلوماسية".

المساهمون