تجار الموت والتعذيب يحصدون الأرباح على حساب الأرواح

13 يونيو 2015
القنابل الإسرائيلية حصدت الأرواح في غزة العام الماضي (أرشيف/Getty)
+ الخط -

فيما كان الجرحى يئنون تحت ركام المساكن والأطفال والنساء يتساقطون ضحايا للقصف الإسرائيلي الكثيف من الجو ومن المدافع ذات المدى الطويل في رمضان الماضي، كانت شركات الأسلحة الإسرائيلية تعمل بطاقاتها القصوى لتحقق أعلى الأرباح من مبيعات الذخيرة وبعض الأسلحة المحرمة التي استخدمها الجيش الإسرائيلي في حربه ضد العزل.
لقد أثارت الحرب القذرة على المواطنين العزل في غزة مشاعر المواطنين وجمعيات حقوق الإنسان في أنحاء أوروبا. ورغم أنها لم تكن الأولى التي تحصد فيها أرواح هذا الشعب الأعزل، إلا أن المشهد استفز العديد من مواطني بريطانيا وفي أنحاء العالم. وسعت الجمعيات المناصرة لحقوق الإنسان، أمام العجز الدولي لوقف العدوان السافر لرصد الشركات والمصارف التي تستثمر في الصناعات الحربية الإسرائيلية أو تلك التي تدعم الاستيطان الإسرائيلي في أرض فلسطين. لقد وجدت العديد من الشركات الأميركية والبريطانية والأوروبية تشترك في دعم الصناعة الحربية الإسرائيلية سواء بشكل مباشر عبر تصدير التقنية وبعض القطع أو بشكل غير مباشر عبر الاستثمار في الشركات التي تصنع آليات ومعدات الدمار الإسرائيلي.
من بين هذه الشركات كان مصرف باركليز، الذي يستثمر في بعض الشركات الحربية الإسرائيلية. جمعت جمعيات مناصرة الإنسان الفلسطيني، توقيعات لحوالى 1.7 مليون شخص

على وثيقة تطالب مصرف باركليز البريطاني ببيع استثماراته في الشركات الإسرائيلية التي تعمل في صناعة السلاح وتمول الاستيطان غير المشروع في الأراضي الفلسطينية.
ولدى باركليز استثمارات تقدر بحوالى 2.9 مليون دولار في شركة "البت سيستمز" بتل أبيب التي تصنع الطائرات بدون طيار التي استخدمت في قتل الأبرياء بغزة.
والحملة ضد باركليز، فتحت حملات أخرى ضد الشركات التي تصنع أسلحة تستخدم في جرائم ضد البشرية في بريطانيا. ونجحت في إثارة نقاش في البرلمان البريطاني بشأن مراجعة رخص التصدير التي تمنح لشركات السلاح في بريطانيا ومراجعة تطابقها مع القوانين الخاصة بحقوق الإنسان والنزاعات. ولكن تجارة القتل والتعذيب التي تجني منها الشركات أرباحاً طائلة ويروح ضحاياها الملايين لا تنتهي عند فلسطين فقط وإنما تمتد عبر أفريقيا ومناطق النزاعات في آسيا. وأصبحت العديد من الشركات، خاصة في الصين متخصصة في صناعة هذه الأسلحة والمعدات.

انتعاش تجارة التعذيب

لاحظ التقرير الأخير الصادرعن منظمة حقوق الإنسان في جنيف أن تجارة التعذيب، أي صناعة آليات التعذيب شهدت انتعاشاً كبيراً في الصين خلال السنوات الأخيرة. وحسب التقرير الصادر في جنيف عن منظمة حقوق الإنسان، فإن عدد الشركات الصينية المتخصصة في إنتاج وتصدير أسلحة وأدوات التعذيب، ارتفع من 28 شركة في العقد الماضي إلى حوالى 130 شركة في نهاية العام الماضي 2014. وتصدر هذه الشركات أجهزة وأدوات التعذيب إلى الحكومات الدكتاتورية في أفريقيا وآسيا وبعض دول العالم العربي وإسرائيل. وتشتمل هذه الأدوات المحرمة في العديد من الدول المتقدمة على أجهزة الصدمات الكهربائية التي تستخدم في انتزاع الاعترافات من الساسة والمعارضين لأنظمة الحكم والسلاسل والقيود الحديدية والغازات المسيلة للدموع التي تستخدم لتفريق المظاهرات وبعض الطلقات المطاطية.

اقرأ أيضاً: نازحو غزة بين الركام وحلم الإعمار

وقال باتريك ويلكن الباحث لدى منظمة حقوق الإنسان في جنيف "هذه التجارة تسببت في العديد من العاهات للسجناء السياسيين في أفريقيا وآسيا". وأضاف ويلكن "إنها تنتعش في الصين وتصدر إلى دول معروفة بخرقها لحقوق الإنسان، ... الحكومة الصينية تعرف ذلك ولكنها تغض الطرف عنها".
وحسب المنظمة، فإن تجارة أسلحة التعذيب تقوم بها بعض الشركات حتى في دول الاتحاد الأوروبي، رغم القوانين الصادرة في دول الاتحاد التي تحرم التصنيع والمتاجرة في هذا النوع من الأسلحة والآليات.
وفي هذا الصدد، سعت جمعيات مناصرة لحقوق الإنسان في بريطانيا إلى محاكمة شركة "ما غفورس إنترناشونال" الفرنسية وشركة "تيان جين ماي وي إنترناشونال" الصينية. وذلك في أعقاب اكتشاف أن هاتين الشركتين، تروجان لأدوات تعذيب في معرض للسلاح بلندن. ومن بين أسلحة التعذيب التي وجدتها الجماعات المدنية المناصرة لحقوق الإنسان، بحوزة الشركتين، القيود الحديدية الثقيلة وأجهزة الصدمات الكهربائية ومعدات أخرى محرمة في بريطانيا.
ورغم نجاح جماعات حقوق الإنسان في طرد الشركتين من معرض السلاح السنوي الذي يقام في حي دوكلاند، شرقي لندن، إلا أنها لم تنجح في جمع الأدلة القانونية الكافية لمحاكمتهما.

ويذكر أن دول الاتحاد الأوروبي قد أجازت في العام 2005 مجموعة من القوانين التي تحرم المتاجرة في مثل هذا النوع من الأسلحة والأدوات.
وهنالك بعض الشركات التي تصنع الألغام وتبيعها للمليشيات المتعاركة في الحروب القبلية في أفريقيا وبعض أجزاء آسيا وأميركا اللاتينية، وتتسبب هذه الألغام في العاهات المزمنة للملايين، لأنها تبقى بعد انتهاء الحروب، وحتى بعد تنظيفها، فإن جزءاً منها يتفجر في الأطفال الأبرياء الذين يلعبون. ورغم أن هذه الألغام محرمة دولياً ولكن نجد بعض الشركات لاتزال تبيعها للجماعات المتحاربة في أفريقيا. وقد تسببت هذه الألغام في العديد من العاهات المزمنة وضحاياها من المعاقين كثر في أفريقيا وبعض أجزاء العالم الثالث.

تقنيات التجسس على المواطنين

رغم أن الإنترنت وبرامجه تعد مفيدة جداً للإنسان، إلا أنها تستخدم من قبل الأنظمة الدكتاتورية في التجسس على المواطنين وتوقيفهم وسجنهم وتعذيبهم. وكان للإنترنت دور فعال في نجاح ثورة الربيع العربي التي جرى وأدها، عدا تونس. ولاحظ تقرير بريطاني أن تجارة تقنيات التجسس وبرامجها التي تباع للأنظمة الدكتاتورية تنمو سنوياً بنحو 20% ويتراوح حجمها بين 3 إلى 5 مليارات سنوياً. وهذا النوع من البرامج، رغم أنه مباح في الدول الأوروبية، إلا أن جمعيات حقوق الإنسان تطالب بحصر تصديره وقصره على رخص خاصة، حتى لا يستخدم من قبل أنظمة دكتاتورية ضد المواطنين.


اقرأ أيضاً: اليمن: الحرب تنتج فقراء جدداً

المساهمون