بين صورتين

بين صورتين

10 ابريل 2015
تربّعت فاتن حمامة على عرش تقديم الدور(العربي الجديد)
+ الخط -
في حديث صباحي عرضي بين بعض الزملاء العاملين في إحدى المنظمات الحقوقية حول كيف قضوا عطلة نهاية الأسبوع، قال الشاب إنه ذهب لمشاهدة فيلم "سندريلا" الذي يعرض في دور السينما في بيروت. مازحته زميلته، لافتة إلى أن أفلام "ديزني" بمجملها تكرّس منظومة أبوية، وتضع النساء ضمن قوالب جندرية جامدة. كان جوابه "لا يهم، فالأحد يوم إجازة"، وانفجر الجميع ضاحكين.

تلخّص هذه الحادثة العفوية صناعة جدية بأمها وأبيها للأفلام والمسلسلات التي يراد لنا أن نتعاطى معها على أساس أنها "يوم عطلة"، ولا داعي لأن نكون نقديين حيالها. أول ما نتعلمه في المواد الأولية في علم النفس أن دور الإعلام والإعلان والسينما ليس بما يظهره، بل بما يكنّه، وبالرسائل المبطنة التي يبثّها. فحول آثار صناعة السينما وتأثيرها بتشكيل الهويات الفردية الجندرية من حيث تماهي الجماهير بأبطالها وأدوارهم، تأتي إحدى الدراسات التي أعدها "مركز دراسة النساء في صناعة التلفزيون والسينما" في جامعة ولاية سان دييغو في الولايات المتحدة الأميركية عام 2014 حول الأفلام في السينما الهوليوودية، لتظهر أن 61% من الرجال يلعبون أدواراً قيادية في سوق العمل، مقارنة بـ34% فقط من النساء الممثلات، في حين 58% من النساء و31% من الرجال (فقط) ارتبط دورهم بالوظيفة الإنجابية.

كما أظهرت الدراسة أن 29% فقط من النساء يلعبن الأدوار "البطولية" القيادية، و30% من النساء فقط لديهن كلام في مجمل النص الحواري (السكريبت).

في مقابل الدراسة التي أعدت السنة الماضية في الغرب، يحضرنا ما علق بذاكرتنا من رواسب الأفلام المصرية القديمة في خمسينيات القرن الماضي. وبالنظر إلى معظم أدوار الممثلات في مصر (بناءً على انطباع ذاتي لا يستند إلى أي دراسة بسبب غيابها) نجد أنها تقريباً تنقسم إلى قسمين: دور المرأة الجميلة، الهادئة، المهذّبة والنموذجية في نظر المجتمع، التي تطمح إلى الزواج برجل أحلامها. وربما تربّعت فاتن حمامة على عرش تقديم ولعب هذا الدور. وفي مقابل هذا الدور كانت هند رستم المرأة المغوية، الجميلة والمثيرة، التي غالباً ما تكون راقصة ولديها حياتها الليلية. تلك المرأة التي اختارت نمط حياة غير تقليدي. فهي لا تريد أن تصبح أماً، ولا زوجة. وعليه، ارتبط هذا الدور بصورة المرأة الشريرة المكتفية بعلاقاتها المتعددة خارج إطار الزواج.

اليوم قد نعيد النظر في سلسلة التماهيات التي قمنا بها. أراد النظام الأبوي/الذكوري لنا أن نصبح كصورة فاتن حمامة لحماية امتيازاته. لكن قد تكون صورة هند رستم نموذجية للتماهي، بحيث تستطيع النساء اتخاذ القرار في اختيار مسار الحياة الذي يردنه.

(ناشطة نسوية)

المساهمون