بوكر 2015: جوكر الرواية العربية

بوكر 2015: جوكر الرواية العربية

03 ابريل 2014
ألكس أندريف / روسيا
+ الخط -

أسئلة جمّة تتراكم كلّ يوم حول حال الثقافة العربية ومآلها دون محاولات مُجدّة للإجابة حتّى الآن. ومن جملة إشارات الاستفهام هذه ما يحيط منها بالجوائز "الثقافية" العربية التي كانت تُمنح قبل موسم الانتفاضات والثورات الشعبية باسم النظام والدولة والمؤسسات "الخاصّة"، وتعود اليوم إلى سيرتها الأولى وكأنّ مُتغيراً "ثقافياً" لم يستجد.

فقد أعلنت إدارة "الجائزة العالمية للرواية العربية- البوكر" عن فتح أبواب الترشيح للدورة الثامنة للجائزة عام 2015. حيث يتاح للناشرين ترشيح ثلاث روايات صدرت طبعاتها الأولى بين تموز/ يوليو2013 وحزيران/ يونيو 2014، وتبقى أسماء لجنتها التحكيمية سريّة عادة حتّى يوم إعلان عناوين الروايات التي وصلت إلى القائمة القصيرة.

وأثارت جائزة "البوكر" خلال عمرها القصير (انطلقت في 2007) الكثير من الجدل في الوسط الثقافي العربي. وجلّ ما يسيل فيه الحبر في هذا السياق هو ما يتعلّق بغياب أيّة معايير ثابتة لاختيار الفائزين. وهو أمر لا تجد البوكر حرجاً من الإقرار به. إذ يتحجج محكّمون سابقون في الجائزة بالقول بأنّ مفهوم المعايير مفهوم علمي لا ينطبق على الحقل الأدبي، وأنّ تقييم الأعمال يخضع في النهاية للرؤية والذائقة الشخصيتين، وهما بابان مشرعان على التحيز الذي لا ينفي أحد وجوده.

واستَبعدت الجائزة من الترشيحات التي جاءتها هذا العام 100 رواية من أصل 156 وردت إليها من 18 بلداً عربياً، وذلك بعد ستة أشهر من القراءة (بمعدل يوم ونصف لكل رواية)، وهو وقت تعترف اللجنة مجدداً بأنه غير كاف لمطالعة جميع الأعمال المقدمة من الصفحة الأولى حتى الأخيرة بذات الاهتمام.

وكان الافتقاد لتلك "المعايير النقدية" سبباً ساقته شيرين أبو النجا لانسحابها من لجنة تحكيم الجائزة عام 2010، وقد اتهمت إحدى روايات القائمة الطويلة في حينه ("السيدة من تل أبيب" لربعي المدهون) بأنها تُحابي ممول الجائزة (الإمارات). كما شكّل وصول رواية بوليسية إلى القائمة القصيرة هذا العام ("الفيل الأزرق" للمصري أحمد مراد) مفاجأة أخرى للنقّاد والمتابعين، خاصّة بعد استبعاد الجزائري واسيني الأعرج، والمصري إبراهيم عبد المجيد، والعراقي عبد الخالق الركابي، واللبناني أنطوان الدويهي، والكويتي إسماعيل فهد إسماعيل، والسوداني أمير تاج السر، والفلسطيني إبراهيم نصر الله.

 أضف إلى ذلك التكهنات التي ذهبت بعيداً في تقرير أنّ الجائزة هذه السنة ستكون من نصيب روائي سوري هو خالد خليفة عن عمله "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة" (نالت مؤخراً جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأميركية بالقاهرة) على اعتبار أنّ اسم سوريا غاب عن التتويج على مدى السنوات السابقة. ما يفتح من جديد سجال المحاصصة القُطرية الممجوج.

أمّا المغاربة فهم مقتنعون بأنهم أكبر "الخاسرين" إلى الآن. ويتجلى اعتراضهم الأساسي على شروط الجائزة التي تمنع الكتّاب من ترشيح أعمالهم بأنفسهم وتُنيط الأمر بدور النشر. وهو ما يعدّه بعض الروائيين في المغرب إقصاء متعمداً للكُتّاب الذين ينشرون على نفقتهم (ظاهرة دارجة في المغرب وفي الوطن العربي إلى حد ما)، علاوة على أنّه يدفع المؤلفين هناك باتجاه تَقُصِّد اختيار دور نشر بعينها تضمن لهم إمكانية المشاركة. وهو ما يلفت الانتباه إلى مدى ارتباط مصالح الناشرين الاقتصادية بالجائزة لما لها من تأثير على مبيعات الكتب، وإلى ارتهان "البوكر" لدور نشر كبيرة مثل "الآداب"، و"الشروق" (ابراهيم المعلم صاحب الدار الأخيرة عضو في مجلس أمناء الجائزة).

وفيما تَصِمُ بعض الأقلام "البوكر" العربية بأنّها تتعمد الإثارة الإعلامية وجذب الأضواء؛ ينافح آخرون عن أنّ الحكم على الجائزة بعد سبع سنوات فقط قد يكون متعجّلاً، مُشدّدين على ضرورة إعطاءها فرصة أطول لتقييم موضوعي حقيقي، وضاربين المثل بقدرتها على إيصال الصوت الروائي العربي إلى أصقاع الأرض المختلفة، كترجمة رواية "عزازيل" ليوسف زيدان (2009) إلى 40 لغة أجنبية. ومن الأسماء الروائية العربية التي تحصّلت عليها إضافة لمن ذُكروا: المصري بهاء طاهر ("واحة الغروب" 2008)، والسعودي عبده خال ("ترمي بشرر" 2010)، والمغربي محمّد الأشعري والسعودية رجاء عالم مناصفةً ("القوس والفراشة" و"طوق الحمام" 2011)، واللبناني ربيع جابر ("دروز بلغراد" 2012)، والكويتي سعود السنعوسي ("ساق البامبو" 2013).

وبحسبة بسيطة نتناول فيها أشهر الجوائز الإبداعية والثقافية العربية (الخليجية)، مثل "جائزة سلطان العويس"، و"جائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب"، و"جائزة الملك فيصل العالمية"، و"جائزة البابطين للإبداع الشعري"، و"جائزة كاتارا للرواية العربية"، و"جائزة الشارقة للإبداع العربي"؛ نجد أنّ إجمالي القيمة المالية لهذه الجوائز (إضافة للبوكر) تصل إلى حوالي 4 ملايين و470 ألف دولار، تضخ سنوياً فيما يفترض أنّه شرايين الإبداع الثقافي وقلبه العربي.

وبين سندان التهميش الرسمي للمبدعين العرب، ومطرقة الجوائز التي تضرب خطفاً وتختفي؛ تبقى معلّقة الإجابة عن سؤال: "إلى أي حد تسهم هذه الجوائز في رفع سويّة هذا الإبداع؟" خاصة بعد تصريح السعودية بدرية البشر بأنها كتبت روايتها "غراميات شارع الأعشى" وفي نيتها الوصول إلى تلك الجائزة التي استُبعدت من قائمتها القصيرة هذا العام.


قصة غرام مع المريض الإنجليزي

تُنظّم البوكر بالشراكة بين "مؤسسة بوكر الإنجليزية"، و"هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة"،  و"معهد وايدنفيلد للحوار الاستراتيجي". ويُشار إلى جائزة "بوكر-مكونيل" (الاسم القديم للشركة التجارية التي أسستها) كواحدة من أهم الجوائز الأدبية المخصصة للأعمال الروائية باللغة الإنجليزية. وهي تُمنح منذ 1968 لـ"أفضل" رواية كتبها مواطن من المملكة المتحدة أو إيرلندا أو من دول الكومنولث (المستعمرات البريطانية السابقة).  وخرجت من عباءة البوكر جائزتان دوليتان (إضافة للنسخة العربية) هما بوكر الروسية (1992)، و"كاين للأدب الأفريقي" (2000). وممن سبق أن فاز بها نادين غورديمير ("الناشطة البيئية" 1974)، وسلمان رشدي ("أطفال منتصف الليل" 1981)، ومايكل أونداتجي ("المريض الإنكليزي" 1992).

المساهمون