بوتفليقة مجدداً

17 نوفمبر 2014
بات الوضع الصحي لبوتفليقة يستحق وزارة خاصة (بشير رمزي/الأناضول)
+ الخط -

مملّة باتت الإهانة التي يجد الجزائريون أنفسهم في مواجهتها بشكل دوري. لم تعد الإهانة تتمثل في أن رئيسهم عاجز صحياً ولا يقدر على الوقوف والظهور العلني حتى، فهذا شأن الجزائريين في النهاية، أكان لناحية قبولهم بأمر واقع عنوانه بقاء عبد العزيز بوتفليقة رئيساً، حتى ولو كان يحكم من على كرسي متحرك وغير قادر على الكلام والحركة، أو لجهة قرار استراتيجي يسير وفقه المجتمع الجزائري، جوهره إبقاء الحاكم، إما لأن لا بديل بالفعل عنه، أو لأن حجم المخاطر كبير لدرجة أن أي تغيير في النظام السياسي، أو في تركيبة السلطة، من شأنه إعادة البلاد إلى أزمنة الاقتتال الأهلي والحروب.
لكن الإهانة التي تغيب وما تلبث أن تعود بشكل دوري في البلاد، تتجسّد في التعاطي الرسمي مع ملف الوضع الصحي للرئيس، فتُرمى بين الفينة والأخرى في الإعلام، ورقة مكررة عنوانها هل سافر بوتفليقة لتلقي العلاج في الخارج؟ وكأن بوتفليقة في العادة صاحب حضور نشيط لدرجة أن غيابه يوماً واحداً عن افتتاح المشاريع وعقد الاجتماعات وزيارة المناطق والجولات الخارجية، يترك فراغاً استثنائياً عند الرأي العام الجزائري عندما تسوء حالته بشكل بات شبه شهري.

وقد استساغ الإعلام الخارجي، وتحديداً الفرنسي، لعبة الوضع الصحي للرئيس الجزائري، فصارت الانفرادات التي تحمل معلومات خاصة حول هذا الملف، نجاحاً بالنسبة لهذا الإعلام الذي يثير الكثير من حسد وغيرة نظيره المحلي الذي بات ينتظر مجلات وصحفا فرنسية كـ "لو بوان" أو "لوموند" ليعرف أين هو رئيسه اليوم، في مستشفى غرونوبل أو في المستشفى العسكري في باريس؟ وبات الوضع الصحي لبوتفليقة يستحق وزارة خاصة به، يترأسها ربما سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المريض، مستشار الرئاسة من دون وظيفة رسمية.

نستحق أكثر بكثير من حكامنا. كلام لا يمتلك أي صدقية إلا بعدما تُزهر شوارع الجزائر العاصمة ووهران وتيزي أوزو بربيعها. قبل ذلك، يبقى الكلام أقرب إلى اللطم والتباكي والتحسُّر، وهي مشاعر رجعية، تماماً كنوستالجيا أيام الزمن الجزائري الجميل التي يمكن مشاهدتها في رائعة الأخضر حامينا، "وقائع سنين الجمر‎".

المساهمون