بصقة في وجه العالم

12 اغسطس 2014
+ الخط -
باتت الحكاية مكررة ومملة؛ كل عام أو عامين أو ثلاثة، ترتكب إسرائيل مجموعة مجازر، غالباً في قطاع غزة، تنقلها فضائيات العالم مباشرة على الهواء، بكل وقاحة، لتبدأ فوراً الثرثرات "القانونية" التقنية حول ما إذا كانت هذه الجرائم تستحق أن تُطبَّق عليها معايير جرائم حرب. عهرٌ لا تنافسه سوى إطلالات بان كي مون وفرانسوا هولاند ليعربا عن تفهمهما لحرص إسرائيل على الدفاع عن نفسها.

والقانون الدولي في مثل هذه الحالات، لا يمكن فهمه إلا جرياً على المفهوم الماركسي للقانون عموماً: أداة لتحكُّم "البورجوازية" (اقرأ هنا الدول المارقة كإسرائيل أو سورية أو الولايات المتحدة أحياناً) بـ"البروليتاريا" (اقرأ هنا الشعوب "الفائضة عن الحاجة" بنظر الإمبريالية). هكذا يدخل العالم وخبراء القانون الدولي في سجالات تثير الغثيان حول ما إذا كان قصف مدرسة لـ"الأونروا" أو مستشفى أو مركز لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة أو مسجد أو دار عجزة، يستحق أن يُصَنَّف كجريمة حرب من عدمه. تُنبَش مواد قانونية وتُستحضَر اجتهادات وسوابق من المحاكم الوطنية لمقارنتها ودراستها، ثم تخرج الخلاصات الإرهابية نفسها: الأمر بحاجة للمزيد من الاستقصاء!

الأكيد أنه يمكن العثور على أسباب زيادة إسرائيل منسوب جرائمها في عدوان غزة المتواصل، في رؤية حكام تل أبيب لدموع تماسيح "المجتمع الدولي" إزاء جرائم النظام السوري. هناك، في سورية، لا إسرائيل ارتكبت الجرائم ولا مَن يحزنون، بل نظام فاشي تعلّم من إسرائيل أحدث أساليب المجازر، وعلّمها تقنيات حديثة في الإرهاب الكيماوي وغير الكيماوي، فوقف العالم إزاءها يفكر بصوت عالٍ، ويطرح التساؤلات الإجرامية نفسها: هل إنّ قتل 200 ألف أو نصف مليون شخص، أكثر من ثلثيهم مدنيون، يستحق الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية مثلاً؟ أم أنّه يجدر التفاوض مع فاعله للتخفيف من منسوب القتل، من دون استخدام الأسلحة الكيماوية والاكتفاء بالبراميل المتفجرة مثلاً؟ بات مجرد بقاء أنظمة كتلك الموجودة في دمشق وتل أبيب، عبارة عن بصقة في وجه العالم.