باكستان: الغارات الأميركية تكشف وجود تنسيق مع الجيش

باكستان: الغارات الأميركية تكشف وجود تنسيق مع الجيش

17 أكتوبر 2014
الجيش يعيد 80% من وزيرستان إلى قبضته (رنا علي/الأناضول)
+ الخط -
تزايدت وتيرة الهجمات التي نفذتها طائرات أميركية دون طيار داخل الأراضي الباكستانية، خلال الأيام الماضية، في وقت يقوم فيه الجيش بعملية عسكرية ضد مقاتلي حركة "طالبان" ومسلحين أجانب، بعضهم مرتبط بتنظيم "القاعدة" وحركة "أوزبكستان الإسلامية"، في مناطق استهداف الغارات نفسها.

ونفّذت طائرات تجسس أميركية، خلال الأيام الماضية، سبع غارات في المناطق القبلية، ستة منها في مقاطعة شمال وزيرستان، كما طالت الغارات منطقتي دته خيل وشوال في تلك المقاطعة، ما أسفر عن مقتل أربعة من المسلحين، ليرتفع بذلك عدد قتلى الغارات الأميركية في غضون أيام قليلة إلى 32، معظمهم من المسلّحين، بحسب مصادر قبلية.

ولم تقتصر الغارات على تلك المقاطعة فحسب، بل امتدت إلى مقاطعة خيبر القبلية المجاورة لمدينة بشاور، عاصمة إقليم خيبر بختونخوا، أحد الأقاليم الباكستانية الأربعة، ما أسفر عن مقتل أربعة مسلحين، جميعهم أجانب، بحسب مصادر قبلية مطلعة.

وتزامنت الغارات الأميركية على مقاطعة خيبر، في وقت تحدثت فيه مصادر أمنية عن لجوء أعداد كبيرة من مقاتلي" طالبان" إلى مقاطعتي خبير ومهمند القبليتين، عقب قيام الجيش بعملية عسكرية ضد "طالبان" في مناطق شمال وزيرستان، واستهداف المقاتلات التابعة لسلاح الجو معاقل المسلحين في المقاطعة.

وتعدّ منطقتا دته خيل وشوال، الحدوديتين بين مقاطعتي شمال وجنوب وزيرستان القبليتين من جهة، وبين أفغانستان وباكستان من جهة أخرى، من أهم معاقل الحركات الجهادية التي تنشط في أفغانستان، وتستهدفهما الطائرات الأميركية بدون طيار والمقاتلات الباكستانية بين حين وآخر. ما يشير إلى أن الغارات الأميركية تُنفذ بالتنسيق بين القوات الأميركية والسلطات الباكستانية.

في المقابل، أصدر حزب "عوامي"، القومي البشتوني، الذي يتمتع بنفوذ واسع في المناطق البشتونية، بياناً شجب فيه السلسلة الجديدة من الغارات الأميركية في المناطق القبلية، كما وجّه رئيس حكومة إقليم خيبر بختونخوا، عمران خان، انتقادات شديدة لرئيس الوزراء نواز شريف، إثر مواصلة الغارات الأميركية، وطالب خان الحكومة باتخاذ موقف صارم تجاهها.

وتتواصل الغارات الأميركية في المقاطعة القبلية، وبالتحديد في مقاطعة شمال وزيرستان، في الوقت الذي يقوم فيه الجيش الباكستاني بعملية عسكرية ضد "طالبان" ومسلحين أجانب في المقاطعة نفسها، وأعلن الجيش، أخيراً، عن "تطهير نحو 80 في المئة من المقاطعة من قبضة طالبان".

ويعتبر المحلّل الأمني، العميد المتقاعد محمود شاه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّه "ما دام الجيش الباكستاني يقوم بالعمل العسكري ضد المسلحين، فإنه لا داعي لاستمرار الغارات الأميركية". ويعلّل شاه رأيه بالقول إنّ "الغارات ستؤثر، لا محالة، عكسياً على الجهود التي يبذلها الجيش ضد تلك الجماعات المسلحة، كما أنها ستخلق فجوة بين الجيش وقبائل المنطقة، التي تزعم أن تنفيذ الغارات يأتي نتيجة تفاهم وتنسيق بين القوات الأميركية والجيش".

وفي السياق، أفادت مصادر قبلية بأن إحدى الغارات الأميركية، التي نفّذت قبل أيام في شمال وزيرستان، أدت إلى مقتل ثلاثة من قياديي "حركة المجاهدين العالمية"، بينهم زعيم الحركة، الشيخ محمد عمران، ومساعدين له هما محمد عامر وجميل ميمن.

وتعتبر "حركة المجاهدين" من أهم الجماعات الموالية لتنظيم "القاعدة"، كما يُعدّ الشيخ عمران من أهم أعضاء فرع تنظيم "القاعدة في شبه القارة الهندية"، الذي أعلن عن أخيراً. وتستهدف الحركة القوات الدولية والحكومة الأفغانية منذ 2002 تقريباً، بعد انشقاقها من "حركة المجاهدين"، إحدى الجماعات المحظورة التي تقاتل ضد الحكم الهندي في الشطر التابع لها من إقليم كشمير.

وبحسب أجهزة الأمن الباكستانية، فإن "حركة المجاهدين" خططت لاغتيال الرئيس السابق، برويز مشرف، عام 2002. كما نفّذت الحركة هجوماً على القنصلية الأميركية في كراتشي في العام نفسه، ما أسفر حينها عن مقتل 12 باكستانياً.

ولكنها، في السنوات الأخيرة، انضمت تماماً إلى تنظيم "القاعدة" وباتت تنشط فقط في أفغانستان، واتخذت من المناطق الحدودية بين الدولتين مقراً لها. ويشار إلى أن استهداف معاقل المسلّحين في المناطق الحدودية الباكستانية كان ولا يزال من أهم مطالب أفغانستان.

المساهمون