انتخابات الجزائر الرئاسية "هَرِم" الشباب وتقدم الشيوخ

انتخابات الجزائر الرئاسية "هَرِم" الشباب وتقدم الشيوخ

10 ابريل 2014
الشباب الجزائري يرفض ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة (getty)
+ الخط -
 "طاب جناني" قالها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بلغة عامية عفوية تعني "هرمت" في خطابه قبل بدء الترشح للانتخابات الرئاسية، كلمات ظن الجزائريون أنها إعلان رسمي بتسلم جيل الاستقلال الراية من جيل الثورة، إلا أن تراجع بوتفليقة ذو الـ 77 عاماً وعزمه خوض الانتخابات الرئاسية لفترة ولاية رابعة في 17 من ابريل/ نيسان الجاري رسم للشباب صورة قاتمة عن مستقبل حلموا فيه بالتغيير.

هنا الجزائر بلد المليون ونصف شهيد، يمثل الشباب فيها نسبة الـ 60 % من الشريحة العمرية وهي الفئة الأكثر توجهاً نحو المستقبل إلا أنها تعد الأكثر عزوفاً عن المشاركة في الحياة السياسية، توضح ذلك الإعلامية "يامنة بن راضي" لـ "العربي الجديد" قائلة: "فرضت الشرعية الثورية لحكم الجزائر منذ الاستقلال في 1962م إلى يومنا هّذا أسلوباً قمعياً لا يسمح إلا لشخصيات بعينها ممارسة السياسة جعل الحياة السياسية ذات نمط معين ليس تفاعلي تشاركي ولا يسمح للشباب من الجنسين بالمشاركة مما جعلنا نحجم عن دخول عالم السياسة".

معارضة لا تعرف الاعتراض

معظم الشباب الجزائري يحمل صورة سلبية عن الممارسة السياسية، مما جعلهم ينفرون من الانخراط في أي حراك سياسي مهما كانت طبيعته وأهدافه، وهذا ما تراه "حنان تواتي" أستاذة الأدب العربي بالجامعة المركزية بالعاصمة التي تعبر عن المشكلة " للعربي الجديد " بقولها:" لا توجد انتماءات سياسية تغطي قناعات هؤلاء الشباب وتلبي أحلامهم وتطلعاتهم حتى برامج المعارضة تبدأ كمعارضة ولكن تأخذ منحى قريباً من السلطة فيما بعد لا يعرف الاعتراض".
 
من جهة أخرى فالاشتغال بالسياسة في غالبية البلدان العربية معناه توقع حدوث خسارات كثيرة
على المستوى الفردي، وتوقع مستوى من التضحية قد لا يتناسب مع ما يمكن إنجازه على أرض الواقع وهو ما جعل العمل السياسي لدى الشباب يصبح مرادفاً لعدم الاستقرار الاجتماعي. وهو ما عبرت عنه حنان بقولها: "هناك خوف لدى الشباب على مستقبلهم جراء خوض التجربة السياسية، ومازالت فترة العشرية السوداء وما نتج عنها سبباً في عزوف الشباب عن الخوض في السياسة. ويقع على المرأة ثقل أكبر لأن ممارستها السياسية لايزال صعب تقبلها في مجتمعنا".
"لغة الخشب" وصف أطلقته الإعلامية صباح بدوي على الخطابات السياسية التي لم يعد جيل الشباب يقتنع بها مضيفة: "نفس الخطاب يتكرر بدون أن نلمس أي نتائج على أرض الواقع، هناك وعود كاذبة هي إشهار تسويق سياسي من أجل كسب الأصوات وبعدها تأتي النتائج صفر ". فقد الثقة والإحساس باستحالة التغيير جعل الشباب يشعر باستحالة التغيير وتظهر على إثر هذه الحالة حركات معارضة قائلة: "نحن في الجزائر نمشي "هنيني هنيك " دعنا نعيش فقط نأكل ونشرب. الشباب يعرفون ما يجري ولكن ليس لديهم أي وسائل لتغيير السلطة. هناك خوف من مآلات الربيع العربي".

الشباب هَرِم
من جهتها تضيف  مينا العلمي –موظفة حكومية- :" فئة من الشباب الذين يمارسون السياسة يكملون أفكار الجيل القديم بحثاً عن امتيازات خاصة وليس من أجل التطوير أو التغيير . وهناك شباب مثل حركة بركات وهي كلمة جزائرية شعبية تعني "كفى" - تأسّست بعد إعلان الرئيس بوتفليقة ترشّحه لفترة رئاسية رابعة - كانت تريد تغييراً بين الجيل القديم والشباب". موضحة أن الشباب مقسوم بين الحالات السابقة وبعضه مقاطع للسياسة نهائياً يعمل ويعيش ولا يريد أن يكون له ناقة ولا جمل بما يجري , هو يعرف ما يحدث بالوطن ولكنه يرغب أن يكون حياديا".

 الشباب الجزائري عاش مرحلة صعبة في التسعينيات من القرن الماضي كان طفلاً في تلك المرحلة ولديه خوف من العودة بسنين الجمر . الشباب يريد أن يعيش حياته الطبيعية فهو يرى أن السياسة هي التي أخذت الشعب كلهم بمثقفيه وأطبائه ومهندسيه إلى الموت .. كانوا ضحية استبداد تلك الفترة والمستمرة حتى الآن  هو يرى بعينيه الواقع ويحب أن يجري تغييراً ، ولكن ليس بالقوة بل بطريقة سلسة .
الشباب في هذه المرحلة بحاجة أن يأخذ فرصته ويثبت أنه قادر على تطوير البلد عبر حوار ايجابي ومنطقي، هكذا تحلل مينا العلمي واقع الشباب مضيفة  : "لا يشعر الشباب بالثقة بالطبقة الحاكمة هناك أشياء غير واضحة لهم وجهة تتحكم بزمام الأمور ولها علاقة بالشيوخ أكثر من الشباب وهي مستمرة منذ استقلال الجزائر حتى الآن" .
فهل تتحقق المعجزة ويخرج الشباب عن صمته ويأسه ويعبر عن رغبته الحقيقية في التغيير عبر صناديق الـ 17 من أبريل المقبل أم أن جيل ثورة الأول من نوفمبر/ كانون الأول لعام 1954 سيظل متمسكاً أكثر بالمناصب من ذلك الجيل الذي عاش الاستقلال فهل تحدد الانتخابات المقبلة من يهرم أولاً ومن يتقدم لرسم مستقبل الجزائر؟