يترقب القطاع التجاري في اليمن رفع الحظر الاقتصادي عن الموانئ اليمنية بشكل كلي، حيث تتجه الأنظار إلى مفاوضات يمنية تقودها الأمم المتحدة في الكويت غدا الإثنين، تشمل رفع الحظر وتسهيل وصول الواردات التجارية.
وبدأت الأمم المتحدة بالتنسيق مع الحكومة الشرعية اليمنية وقوات التحالف العربي والغرف التجارية اليمنية، منذ منتصف مارس/آذار الماضي، تنفيذ آلية لتفتيش البضائع التجارية الواردة إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين المتمردة.
وأكدت مصدر حكومي يمني في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الآلية التي أقرتها الأمم المتحدة، تم إدراجها ضمن بنود مفاوضات الكويت.
ويسيطر المتمردون الحوثيون على ميناءي الحديدة الواقع في منتصف الساحل الغربي لليمن على البحر الأحمر، والصليف (شمال غرب الحديدة).
وفي حين أن خمسة موانئ تتيح دخول المواد الغذائية إلى البلد، إلا أن هناك ثلاثة موانئ (رأس عيسى، بالحاف، الشحر) لا تزال مغلقة نتيجة تحولها إلى ساحة قتال ومنطقة نزاع، ولذلك فهي لا تعمل نظرا لعدم توفر عامل الأمن.
وأسفر النزاع الحالي في اليمن عن أزمة إنسانية واسعة النطاق، ﻭترك 80% من السكان (21.1 مليون نسمة) بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة.
وأدت العوائق على الواردات التجارية إلى نقص حاد في السلع والخدمات الأساسية.
ويستورد اليمن أكثر من 90% من غذائه بما في ذلك الجانب الأكبر من حاجاته من القمح، وكل احتياجاته من الأرز لتلبية متطلبات سكانه البالغ عددهم نحو 25 مليون نسمة.
وأشار تقرير حديث للأمم المتحدة، إلى أن واردات المواد الغذائية التجارية والإنسانية انخفضت في فبراير/شباط الماضي بنسبة 24%، مقارنة بشهر يناير/كانون الثاني من العام نفسه، مما أدى إلى قلة المواد الغذائية والوقود في الأسواق المحلية وزيادة في الأسعار.
وقالت مصادر في الغرفة التجارية بصنعاء في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الأمم المتحدة بدأت بمزاولة مهام تفتيش البضائع الواردة لليمن من خلال بعثة للفحص، وذلك تسهيلا لدخول البضائع والواردات السلعية، مشيرة إلى أن بعثة التفتيش ستمنح السفن تراخيص الدخول بمقتضى العمل المنوط بها.
وحصلت " العربي الجديد" على دليل وإجراءات بعثة الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش. ويوضح الدليل أن إنشاء اللجنة تم استجابة لطلب الحكومة اليمنية المقدم في أغسطس/آب من العام الماضي 2015، وطبقا لقرار مجلس الأمن رقم 2216 في ذلك العام.
وتقوم البعثة الأممية بتفتيش السفن التي تحمل السلع التجارية أو المساعدات المتجهة إلى موانئ اليمن التي لا تخضع لسيطرة الحكومة الشرعية، حيث يجب إبلاغ البعثة عن كافة أنشطة الشحن التجارية المخطط لها أو المساعدات ثنائية الأطراف أو عقود السلع المتجهة إلى اليمن، وذلك للحصول على إذن تسهيل دخولها الموانئ اليمنية.
وبالنسبة للسلع التي تشتريها هيئات مقيمة في اليمن أو جهات حكومية بغية بيعها في الأسواق، يشترط على شركات الشحن إشعار البعثة والتقدم لها بطلب بالإذن لكافة الشحنات التجارية من السلع التي تعتزم توجيهها إلى اليمن.
وتستهدف آلية الأمم المتحدة بشكل رئيسي تفتيش الواردات الواصلة إلى ميناء الحديدة؛ وهو ميناء اليمن الرئيس على البحر الأحمر، ويستقبل 70% من واردات البلاد.
وقال طه الفسيل، أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء، إن آلية الأمم المتحدة جيدة، ما دامت من أجل رفع الحظر الاقتصادي عن اليمن، وبالتالي رفع المعاناة الاقتصادية والإنسانية عن السكان.
وأضاف الفسيل في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "أي خطوة في اتجاه تسهيل دخول المواد الغذائية والأدوية والمشتقات النفطية ستكون في صالح اليمنيين، وفي صالح رفع المعاناة ، فهناك شح بالأدوية والغذاء في الأسواق وارتفاع للأسعار.
وأشار إلى واردات الوقود التي وصلت الموانئ لا تتجاوز 1% من الاحتياجات الشهرية لليمن، والتي تبلغ مليونا ونصف المليون طنا حسب بيانات الأمم المتحدة.
واعتبر أن الحظر الاقتصادي كان هدفه منع دخول الأسلحة، ولكنه تجاوز ذلك إلى تقييد حركة الواردات التجارية من السلع الغذائية والأدوية والمشتقات النفطية، والذي تضرر منه المواطنون.
وتابع أستاذ الاقتصاد أن "المواطن اليمني ليس مهتما بالصراع الحاصل، وكل ما يهمه توفير احتياجاته الأساسية، وهذه هي الحقيقة الغائبة".
وكان ستيفن أوبرين، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ذكر مطلع مارس/آذار الماضي، أعرب عن أمله في أن تسهم الآلية الجديدة لتفتيش السفن في تحسن مستوى الواردات التجارية إلى الموانئ اليمنية.
وأكد المسؤول الأممي في بيان قدمه إلى مجلس الأمن الدولي آنذاك، أن الأمم المتحدة أبلغت جميع الدول الأعضاء بأنه سيتم العمل بهذه الآلية مبدئيا لمدة 6 أشهر من جيبوتي، وستنتقل إلى صنعاء أو عدن عندما يسمح الوضع الأمني بذلك، مشددا على ضرورة أن يصاحب المساعدات الإنسانية المقدمة لليمن جهود حثيثة لإنعاش الاقتصاد وتدفق البضائع.
واستأنف ميناء الحديدة نشاطه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد توقف استمر شهرين، واستقبل خلال ذلك الشهر حوالي 127.6 ألف طن من المواد الغذائية ونحو 33.8 ألف طن من المشتقات النفطية.
وأكد مصدر في ميناء الحديدة لـ"العربي الجديد"، أن الميناء يعمل بـ 20% فقط من طاقته التشغيلية، نتيجة للأضرار التي تسبب فيها القصف على الميناء ومعداته وآلياته وخروج محطة الحاويات بالكامل عن الخدمة.
وعلى الرغم من أن الحصار الفعلي قد خف هذا العام 2016، ومنحت الأذونات للسفن كي ترسو في الموانئ اليمنية، ودخول المزيد من المواد الغذائية إلى البلد، إلا أن واردات الوقود لا تزال غير كافية والمواد الغذائية التي تدخل لا تصل إلى جميع من يحتاجون إليها.
وأفاد تقرير حديث لمنظمة أوكسفام للمساعدة الدولية التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، صدر منتصف أبريل/نيسان الجاري، أن ميناء الحديدة يعمل في ظل انخفاض قدرته بشكل كبير، وأنه ما زال مهددا بالتوقف.
وتقول أوكسفام إن البضائع تتعرض للتأخير كثيرا ولا يرجع ذلك إلى القتال الفعلي فحسب، وإنما أثر الحظر الفعلي الذي استمر عاما كاملا بشكل كبير على الاقتصاد والوضع الإنساني.
وقال التقرير إن "بعض البضائع والمعونات إن وجدت فإنها لا تصل إلا إلى أيدي الراغبين في استمرار الحرب، وهذا حقا مرعب للغاية".
وتعوق الطرق المتضررة والجسور المدمرة نقل السلع المستوردة إلى الأسواق عبر أنحاء البلد، ولا تزال أسعار الوقود والمواد الغذائية أعلى من مستويات ما قبل الأزمة، كما أن تسعير السلع الأساسية يجعلها بعيدة عن متناول اليمنيين الضعفاء بسبب نقص المعروض وكذلك التراجع الكبير في سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار الأميركي. وارتفعت أسعار الأدوية والأغذية خلال مارس/آذار الماضي بنحو 40%.
وأدت الحرب إلى انخفاض إجمالي الإيرادات العامة للدولة بمعدل 53.7%. بسبب توقف إنتاج وتصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال، وتعليق دعم المانحين للموازنة، وانخفاض الإيرادات الضريبية، بحسب بيانات وزارة التخطيط اليمنية.