الهند وأميركا: تعاون مفتوح حول النفوذ الصيني ومحدود بأفغانستان

28 سبتمبر 2017
سيثارامان وماتيس في نيودلهي (أجاي أغاروال/Getty)
+ الخط -
انتقلت العلاقات الهندية ـ الأميركية إلى مستوى آخر من التعاون، بعد أن أبدت نيودلهي استعدادها لتوسيع نطاق التعاون الأمني البحري مع واشنطن في آسيا، في ظلّ تنامي النفوذ الصيني في المنطقة، تحديداً في بحر الصين الجنوبي. مع ذلك، رفضت نيودلهي طلب واشنطن إرسال قوات هندية إلى أفغانستان، أو مشاركتها في العمليات العسكرية هناك. وظهر الرفض الهندي خلال زيارة وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إلى نيودلهي، يوم الثلاثاء، ولقائه رئيس الوزراء الهندي ناريندار مودي، في ظلّ تكهنات حول امكانيات تعاون الهند مع الأميركيين في أفغانستان، وسط بوادر بروز محور باكستاني - صيني - إيراني في أفغانستان.

في هذا السياق، استبعدت وزيرة الدفاع الهندية نيرمالا سيثارامان، إمكانية إرسال قوات هندية إلى أفغانستان، لكنها أكدت "مواصلة مساعداتها في المشاريع التنموية هناك". وقالت في كلمة لها أثناء مؤتمر صحافي مشترك مع ماتيس، إنه "كما تعلمون، رحّبت الهند باستراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجديدة لأفغانستان، التي أعلنها الشهر الماضي. وقد أجريت مناقشات مفيدة مع الوزير ماتيس حول كيفية تعزيز تعاوننا على المستوى الثنائي وكذلك تعاوننا مع حكومة أفغانستان، سعياً لتحقيق هدفنا المشترك في تحقيق الأمن والسلام والديمقراطية والازدهار في أفغانستان".

وأضافت سيثارامان بأنها "تحدثت مع ماتيس أيضاً في قضية الملاذات الآمنة للإرهاب في باكستان، وهناك اتفاق بين البلدين على عدم تحمل مثل هذه الملاذات". وتابعت الوزيرة: "استعرتُ كلمات وزير الدفاع الأميركي عندما شرحت له بأن القوى نفسها التي تجد ملاذاً آمناً في باكستان هي التي أثّرت على نيويورك وغيرها من الأماكن". وذكرت بأنها "أرادت من نظيرها الأميركي أن يتحدث مع باكستان حول الإرهاب عبر الحدود والملاذات الآمنة للإرهاب خلال زيارته إليها". ونوّهت سيثارامان إلى أنها "ناقشت القضايا المتعلقة بالأمن البحري فى المحيط الهندي ومنطقة المحيط الآسيوي".


وحول مساعي الولايات المتحدة للحصول على مزيد من الشراكة من الهند من أجل التصدي لموقف الصين في بحر الصين الجنوبي، قالت الوزيرة الهندية إن "الهند تؤيد حرية الملاحة، والتنقل الجوي، والتجارة المشروعة من دون أي عوائق. ونعتقد أيضاً بأنه يجب حلّ النزاعات سلمياً ووفقاً لمبادئ القانون الدولي.

بدوره قال ماتيس، في المؤتمر الصحافي المشترك، إن "البلدين يشهدان تحدّي الإرهاب الذي يواجهه الناس في كل أنحاء العالم. وقد تعرضت كل من الهند والولايات المتحدة لخسائر فادحة بسبب الإرهاب. ونحن نعتزم العمل بشكل وثيق مع الهند للقضاء على الإرهاب". وأضاف أنه يعتبر التعاون البحري مع الهند "أحد أهم أولوياته اثناء هذه الزيارة". وفي إشارة إلى مناورات مالابار البحرية السنوية، التي جرت النسخة الأخيرة منها في يوليو/تموز الماضي، قال ماتيس إنها "آلية هامة لتطوير فهم مشترك للتحديات في المنطقة".

وعبّر الجانبان عن رغبتهما في الشراكة، لضمان الأمن البحري في جنوب شرق آسيا. وفي هذا الصدد، رأى عدد من الخبراء والدبلوماسيين السابقين، أن "تقدم الصين هو الذي يعيد صياغة العلاقات الهندية الأميركية في جنوب آسيا وشرقها، خصوصاً منذ تولّي ترامب رئاسة الولايات المتحدة. والبلدان يعتبران بعضهما البعض على نفس الموجة، بما يتعلق بالتعامل مع النفوذ السريع والمتزايد للصين في المحيط الهندي. والتعاون الأمني بين نيودلهي وواشنطن في هذه المنطقة، يناسب سياسة (انظر إلى الشرق) للهند التي قامت نيودلهي بصياغتها قبل ربع قرن".

من جهته، توقع رئيس قسم التحليلات الاستراتيجية في "مؤسسة أوبزرفر للأبحاث"، هاريش في بانت، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "تحاول الولايات المتحدة ممارسة الضغط على الهند بأن تكون شريكة عسكرية لها في أفغانستان، على اعتبار أن الوضع هناك يهدد العلاقات بين البلدين ومصالحهما في أفغانستان. لكن هنالك امكانيات هائلة للتعاون في شرق آسيا لتصدّ تقدّم الصين في هذه المنطقة وهو العنصر الذي يعيد صياغة سياسة أميركا بالنسبة للتعاون مع الهند في الحقيقة".

وأضاف أن "الولايات المتحدة ترى أن على الهند أن تؤدي دوراً أكبر في شرق آسيا لتصد تقدم الصين، ولرغبتها في تكريس توازن القوى في هذه المنطقة. وهذه ليست برؤية جديدة في واشنطن، لأن إدارة باراك أوباما أيضاً كانت ترغب مثل هذه الشراكة مع الهند في شرق آسيا، فالعلاقات بين أعضاء اتحاد دول جنوب شرقي آسيا معقّدة. وهذا الاتحاد منقسم داخلياً، والصين تتقدم في هذه المنطقة وفقاً لمصالحها، لذلك ترى الولايات المتحدة بأن الهند قد تكون أفضل شريك استراتيجي لها في هذه المنطقة".



المساهمون