النووي الإيراني يؤجج خلاف أوباما ونتنياهو

31 يناير 2015
أوباما لن يجتمع مع نتنياهو في واشنطن(ساوول لويب/فرانس برس)
+ الخط -

تعرب خبيرة أميركية في شؤون البروتوكول لـ"العربي الجديد" عن اعتقادها بأن التوتر المتصاعد بين إدارة الرئيس باراك أوباما من جهة ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جهة ثانية، لم يكن مرجعه خرق البروتوكول الدبلوماسي في دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس حسب ما يقوله البيت الأبيض، بل حساسية موضوع الخطاب الذي يخشى أوباما أن يتضمن تحريضاً للكونغرس ضد سياساته أو تأجيجا للرأي العام الأميركي عليه في عقر داره لعرقلة المفاوضات مع إيران. يأتي هذا الرأي في وقت حمَّل فيه مسؤول أميركي رفيع المستوى، السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة رون ديرمر، مسؤولية التوتر بين الطرفين على خلفية قبول نتنياهو دعوة من قادة الكونغرس الجمهوريين لإلقاء الخطاب من دون المرور بالقنوات الدبلوماسية المعتادة.

وتوضح الخبيرة الدبلوماسية، شريطة عدم نسب التصريح لها بالاسم أو للخارجية الأميركية، أنه "في تاريخ العلاقة الاستراتيجية الأميركية مع إسرائيل لم يكن البروتوكول يوماً ما عائقاً أمام أي شكل من اشكال التواصل والتعاون". وتضيف "تفسيري للتراشق الدائر حالياً بالكلمات وتبادل الاتهامات بأنه عرض جانبي لخلل حقيقي يعتري العلاقات الأميركية الإسرائيلية بسبب جدية أوباما في التصالح مع إيران". وتقول الخبيرة الدبلوماسية "لا أعتقد أن الرئيس أوباما أو وزير الخارجية الأميركي جون كيري يهمهما كثيراً كيف تم توجيه الدعوة إلى نتنياهو ومن أين صدرت، ولا متى وأين سيلقي خطابه، بل يهمهما بالدرجة الأولى ماذا سيقول في الخطاب". وتؤكد أنه "مهما كانت المبررات التي يطرحها أوباما وكيري على حضور نتنياهو في هذا الوقت فهما يعتقدان أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بقصد منه أو بدون قصد، وبحسن نية أو بسوء نية، يشارك في حملة حزبية أميركية داخلية ضد سياسة أوباما وكيري الخارجية. ولهذا في تقديري أن الغرض من اعتراضهما هو إرسال إشارة لنتنياهو مفادها: نحن من يرسم السياسة الخارجية لبلادنا وفقاً لمصالحنا وليس أنت من يرسمها لنا وفقاً لمصالح دولتك".

في هذه الأثناء، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤول بارز في إدارة أوباما لم تسمه انتقادات حادة للسفير الإسرائيلي بصورة غير معهودة، قال فيها إن الأخير ساعد على التخطيط لزيارة نتنياهو المرتقبة في الثالث من مارس/ آذار المقبل بعيداً عن القنوات الدبلوماسية الطبيعية، واضعاً بذلك مصلحة نتنياهو السياسية فوق العلاقات الاستراتيجية القائمة بين إسرائيل والولايات المتحدة.

ورداً على ذلك، قال السفير الإسرائيلي لـ"نيويورك تايمز" إنه لا يأسف على أي تصرف يقوم به لصالح إسرائيل لأن خدمتها هي مهمته الأساسية. لكنه اشار إلى أنه لم يتعمد تهميش البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأميركية بل ترك مسؤولية ابلاغ إدارة أوباما عن زيارة نتنياهو لرئيس مجلس النواب جون باينر. كما أشار ديرمر، في معرض دفاعه عن نفسه، إلى أن سعي إسرائيل الدائم لكسب ثقة الكونغرس لا تعني الرغبة في إغضاب البيت الأبيض أو السلطة التنفيذية.

يذكر أن السفير الإسرائيلي هو أميركي المولد، وكان محسوباً على الحزب الجمهوري الأميركي قبل تخليه عن جنسيته الأميركية عام 2013 ليصبح سفيراً لإسرائيل في واشنطن.

وترى الخبيرة الدبلوماسية الأميركية، التي تحدثت إليها "العربي الجديد" أن ديرمر يغامر بعدم استعادة جنسيته الأميركية عقب انتهاء مهمته الدبلوماسية لأن أي تضارب في المصالح ينجم عنه عمل أو قول يتعارض مع الولاء للولايات المتحدة لصالح دولة أجنبية من شأنه أن يعرض مزدوج الجنسية لفقدان جنسيته الأميركية أو عدم قدرته على استعادتها في حال كانت مجمدة.

وكان أوباما قد أعلن في الثاني والعشرين من الشهر الجاري أنه لن يجتمع مع نتنياهو عند قدوم الأخير إلى واشنطن. وبرر عزوفه عن اللقاء بأن مرده هو سياسة أميركية ثابتة تمنع كبار مسؤولي البيت الأبيض والخارجية من اللقاء مع مرشحين للانتخابات في بلدانهم وعدم تفضيل أي مرشح أجنبي ضد آخر. ومن المقرر أن يأتي نتنياهو إلى واشنطن قبل أقل من أسبوعين فقط من الانتخابات الإسرائيلية المقرر اجراؤها في السابع عشر من مارس/آذار المقبل. ويبدو أن أوباما لا يريد أن يقدم لنتنياهو دعاية انتخابية مجانية أمام الناخبين الإسرائيليين.

وفي السياق، طلب حزب "ميرتس" الإسرائيلي من لجنة الانتخابات المركزية منع بثّ خطاب نتنياهو المتوقع أمام الكونغرس الأميركي عبر محطات التلفزة والإذاعة الإسرائيلية، لما في ذلك من مخالفة لشروط الحملات الانتخابية. 


وفي الوقت الذي يسعى الجمهوريون إلى تجيير خطاب نتنياهو لصالح وجهة نظرهم القائلة إن إيران لا يجب الوثوق بها وإن التصالح معها سيكون بمثابة ضوء أخضر لشرعنة مشروعها النووي، فإن قادة الحزب الديمقراطي يشارك بعضهم زملاءهم الجمهوريين هذه الرؤية. لكنهم يريدون استنفاد كافة سبل الحلول الدبلوماسية، وتجنيب الولايات المتعدة تحمل تبعات فشل المفاوضات الغربية مع إيران. كما يخشى مؤيدون لإسرائيل في واشنطن أن يؤدي خطاب نتنياهو المنتظر أمام الكونغرس إلى انقسام الحزب الديمقراطي الأميركي ذاته بين مؤيد لأوباما ومرحب برئيس الوزراء الإسرائيلي. وفي السياق، رأت زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي ورئيسة المجلس السابقة في فترات هيمنة الحزب على الكونغرس، نانسي بيلوسي، يوم الخميس الماضي، أن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الكونغرس قد يضر بمساعي إدارة أوباما ويبعث بإشارات خاطئة للعالم أن واشنطن لا تريد لدبلوماسية التفاوض أن تستفيد من كل الفرص لإنجاح المفاوضات مع ايران قبل الإعلان عن فشلها المحتمل. ومن المتوقع أن يناشد نتنياهو الكونغرس بفرض عقوبات على إيران بغض النظر عن سير المفاوضات وهذا ما يرغب به الجمهوريون ومن أجله وجهوا الدعوة لنتنياهو.

ونتيجة لذلك تعهد أعضاء في الكونغرس في رسالة بعثوا بها إلى أوباما يبلغونه فيها بتأجيلهم النظر في مشروع قرار لفرض مزيد من العقوبات على إيران، حتى انتهاء الانتخابات الإسرائيلية. وفسّرت هذه الخطوة بأن الهدف منها هو قطع الطريق على نتنياهو في سعيه لتجيير الجدل الأميركي بشأن إيران لصالح حملته الانتخابية.


المساهمون