النووي الإيراني: الخلاف حول الصواريخ البالستية يُفشل الجولة الرابعة

17 مايو 2014
مفتشون دوليون في مفاعل "ناتنز" الإيراني (كاظم غانم/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر إسرائيلية مطلعة النقاب عن أن فشل الجولة الرابعة من المفاوضات بين إيران والدول الكبرى، جاء في أعقاب مطالبة ممثلي الولايات المتحدة إيران بوقف برنامجها لتطوير الصواريخ البالستية.

وذكرت قناة التلفزيون الإسرائيلية الأولى، مساء أمس الجمعة، أن ممثلة الولايات المتحدة في المفاوضات وجّهت حديثها لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قائلة: "إذا كان برنامجكم النووي للأغراض السلمية، فلا داعي لتطوير صواريخ بالستية، مهمتها حمل رؤوس نووية". ونوهت القناة إلى أن ظريف انفجر ضاحكاً في أعقاب طرح الطلب الأميركي، مشدداً على أن طهران "غير مستعدة لمجرد بحث هذه القضية".

ويدل الكشف عن سبب فشل الجولة الرابعة من المفاوضات، على نجاح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في إقناع الولايات المتحدة بما كانت تتردد في قبوله، وهو إدراج ملف البرنامج الصاروخي الإيراني ضمن قائمة القضايا التي يبحثها الاتفاق النهائي مع طهران.

يذكر أن الأمم المتحدة قد أصدرت، أمس الجمعة، بياناً ذكرت فيه أن طهران ضاعفت من وتيرة تطوير برنامجها الصاروخي. ويعني فشل الجولة الرابعة تأجيل موعد التوصل للاتفاق النهائي، حيث كانت تأمل الأطراف التوقيع على الاتفاق بحلول العشرين من يوليو/تموز المقبل. وكان من المقرر أن تشرع الأطراف، خلال هذه الجولة، في صوغ ما تم التوافق عليه، لا سيما في ما يتعلق بحدود تخصيب اليورانيوم ومستقبل مفاعل "أراك" للبلوتونيوم، وشروط وظروف الرقابة الدولية على البرنامج النووي.

ونوهت مصادر إسرائيلية إلى أن التحول في الموقف الأميركي، الذي كان متردداً في طرح مسألة برنامج إيران الصاروخي على جدول المفاوضات، على اعتبار أنها على علاقة غير مباشرة بالبرنامج النووي، جاء في أعقاب زيارة مستشارة الأمن القومي الأميركي، سوزان رايس، الأخيرة لتل أبيب، إذ مارس عليها نتنياهو، وقادة الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية الذين التقوها، ضغوطاً كبيرة لقبول الموقف الإسرائيلي.

يذكر أن نخباً أمنية وسياسية حمّلت نتانياهو المسؤولية الجزئية عن دفع إيران لتطوير ترسانتها الصاروخية بشكل كبير وقياسي، بسبب تهديداته المتكررة بضرب إيران، الأمر الذي دفع طهران لتطوير منظومتها الصاروخية.

وفي أعقاب لقائه، أمس الجمعة، بوزير الدفاع الأميركي، تشاك هاغل، في القدس المحتلة، دعا نتانياهو القوى العظمى إلى عدم السماح بـ"انتصار نظام آيات الله في طهران". ورد هاغل على نتانياهو قائلاً: "التزام الولايات المتحدة أمن إسرائيل لم يكن في يوم من الأيام قوياً وثابتاً في يوم من الأيام كما هو الآن".

وفي السياق ذاته، أبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتماماً واسعاً بما جاء في كتاب "الأزمة المفبركة" (Manufactured Crisis) الذي صدر أخيراً في واشنطن، لمؤلفه الصحافي البارز جارت بورتر. ويؤكد الكتاب أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" هو الذي فبرك واختلق الوثائق التي اتهمت الولايات المتحدة، ووكالة الطاقة النووية (سابا)، على أساسها، إيران بتطوير برنامج نووي لأغراض عسكرية، عام 2003، اذ انبرى عدد من كبار الخبراء الأمنيين الإسرائيليين إلى تأييد ما ورد في كتاب بورتر.

وحسب ما جاء في الكتاب فقد زرع جهاز "الموساد"، عام 2002، وثائق مفبركة تتحدث عن وجود مرافق لتخصيب اليورانيوم في مدينة "ناتنز"، في جهاز الحاسوب المحمول لأحد عملاء "الموساد"، وهو إيراني ينتمي إلى منظمة "مجاهدي خلق". ونقل بورتر عن مسؤول أمني ألماني بارز قوله إن "الموساد" أمر الناشط في "مجاهدي خلق" بنقل الوثائق إلى الاستخبارات الألمانية. ونوه الكتاب إلى أن وكالة "سابا" استندت إلى ما جاء في هذه الوثائق لتصدر تقريراً عام 2003 يتهم إيران بتطوير برنامج نووي لأغراض عسكرية.

وأشار الكتاب إلى أن المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، استندوا إلى ما ورد في هذه الوثائق لتسويغ مطالبتهم بإسقاط النظام في طهران، حيث زعم منظرو المحافظين الجدد أن إيران حرصت على مدى 18 عاماً على إخفاء خطتها للحصول على سلاح نووي.

وأضاف بورتر أنه بعد مضي عدة أشهر تبين لمفتشي "سابا" أن المعلومات حول مفاعل "ناتنز" ملفقة. وأوضح بورتر أن المحافل الاستخبارية الإسرائيلية، مارست ضغوطاً كبيرة على نظيرتها الأميركية وعلى "سابا"، في أعقاب صدور تقرير جهاز الاستخبارات الوطنية الأميركية عام 2007، والذي أكد أن إيران أوقفت عام 2003 برنامجها النووي للأغراض العسكرية، مشيراً إلى أن إسرائيل شنت حملة دعائية ودبلوماسية كبيرة من أجل تبديد الانطباعات التي ولّدها التقرير الأميركي.

وانبرى الباحث البارز في "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، الجنرال شموئيل مائير، الذي تبوأ مواقع حساسة في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، للدفاع عما ورد في كتاب "بورتر".

ونقل موقع "يسرائيل بولس"، أمس، ما كتبه مائير على مدونته الشخصية، إذ قال: "يكاد بورتر أن يكون الباحث والصحافي الوحيد في العالم، الذي قدم وصفاً ذا صدقية للبرنامج النووي الإيراني، حيث قرأ وثائق الاستخبارات الأميركية ووثائق سابا، على مدى عقدين بعين غير مرتشية، إضافة إلى أنه أجرى مقابلات مع مسؤولين كبار تبوأوا مواقع حساسة في الإدارات الأميركية المتعاقبة، وكانوا على تماس مع البرنامج النووي الإيراني".

وكان المدير العام الأسبق لهيئة الطاقة النووية الإسرائيلية، الجنرال عوزي عيلام، قد اتهم نتانياهو بتوظيف البرنامج النووي الإيراني من أجل تحقيق مصالح سياسية شخصية. وقال في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرنوت" في 9 مايو/أيار الجاري: "حتى في أكثر السيناريوهات تشاؤماً، فإن إيران تحتاج إلى عشر سنين على الأقل لكي تحصل على سلاح نووي"، مشدداً على أنه لا يوجد ما يدل على رغبة إيران في الحصول على سلاح نووي. وأضاف عيلام أن كل ما يعني الإيرانيين أن يكونوا "دولة على حافة قدرات نووية".

المساهمون