النفقات العسكرية الجزائرية إلى ازدياد

22 أكتوبر 2014
توقعات بزيادة النفقات العسكرية حتى عام 2017 (فرانس برس)
+ الخط -

 

تعمل السلطات الجزائرية على تمتين القوى العسكرية التابع للجيش، فاقتطعت وزارة الدفاع والجيش الجزائري 11 في المائة من إجمالي الموازنة العامة للسنة المقبلة. وأدى ذلك إلى ارتفاع موازنة الوزارة إلى أكثر من 13 مليار دولار، بزيادة قُدّرت بما يقارب 10 في المائة، مقارنة مع موازنة العام الجاري.

ويكشف بيان التوزيع القطاعي للموازنة العامة، حصول وزارة الدفاع على ميزانية هي الأكبر، قياساً بكل الموازنات التي أقرتها الجزائر منذ الاستقلال.

وتضمن بيان الموازنة العامة، التي بدأ نواب البرلمان مناقشتها، الثلاثاء الماضي، تخصيص 13 مليار دولار للجيش، وبذلك تكون الميزانية العسكرية قد زادت بمعدل مليار دولار مقارنة مع موازنة عام 2014، التي قُدّرت بـ12 ملياراً.

وأوصت لجنة المالية والميزانية في البرلمان الجزائري، في تقريرها العام، بضرورة "استكمال عملية عصرنة وتطوير واحترافية الجيش". فمنذ عام 1986 تاريخ بداية الأزمة الاقتصادية في الجزائر، لم تتجاوز ميزانية الدفاع المليار دولار، لترتفع عام 2008 إلى 2.5 مليار دولار، قبل أن تتضاعف عام 2009 إلى 6.5 مليار.

وقياساً بالسنوات الأخيرة، تكون ميزانية الجيش قد ارتفعت بمعدل مائة في المائة، مقارنة مع موازنة عام 2010، التي بلغت 6.5 مليار دولار أميركي، قبل أن ترتفع في عام 2011 إلى 7.4 مليار، ثم تجاوزت 9.7 في عام 2012، لتصل الى 12 ملياراً في العام الحالي.

ويعود ارتفاع الميزانية المخصصة لوزارة الدفاع إلى رغبة الجزائر في إجراء مراجعة شاملة للمنظومة الأمنية والدفاعية عبر تنفيذ برنامج أعلن عنه الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة منذ عام 2000. ويقضي برنامج الرئيس بـ "تحويل الجيش الجزائري الى جيش احترافي" عبر تأهيل الكفاءات البشرية وتطوير تجهيزاته وتحديث معداته العسكرية.

وتستجيب هذه الميزانية لحاجات المؤسسة العسكرية وتنفيذ استراتيجية تحديث الجيش، وتزويده بالتكنولوجيات الحديثة لمواجهة التحديات الأمنية المرتبطة بمكافحة الارهاب والجريمة المنظمة. كما تسمح بإعادة التسليح وتطوير إمكاناته العسكرية والتقنية، لمكافحة الإرهاب وحماية الحدود خصوصاً الحدود مع ليبيا، التي تشهد توترات داخلية خطيرة، بعد رفع الحظر الدولي على الأسلحة والمعدات العسكرية، الذي كان مفروضاً على الجزائر خلال فترة الأزمة الأمنية (1992-1999).

ومنذ عام 2000 أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن إجراء مراجعة شاملة للمنظومة الأمنية والدفاعية للجيش، وتحويله إلى جيش احترافي عبر إعادة تأهيل الكفاءات البشرية وتطوير تجهيزاته وتحديث معداته العسكرية.

ونفذت وزارة الدفاع الجزائرية في هذا السياق سلسلة صفقات عسكرية، بينها صفقتان بـ13 مليار دولار مع روسيا، تشمل اقتناء منظومات صاروخية ودبابات ومقاتلات وطائرات تدريب، واقتناء منظومة من التقنيات البحرية العسكرية وزوارق وسفن حربية وتحديث غواصات.

كما وقعت الجزائر مع ألمانيا على صفقة أسلحة عام 2008، بقيمة عشرة مليارات دولار، وعقدت صفقة لإمداد الجيش بـ23 ألف عربة عسكرية مع مؤسسة حكومية جزائرية.

ولعل جزءاً من الموازنة المخصصة للجيش، سيُوجّه لمعالجة آثار مرحلة مكافحة الإرهاب، بعد تسوية وضعية آلاف من جنود الجيش الاحتياط، الذين تم استدعاءهم خلال فترة التسعينيات إلى الخدمة العسكرية مجدداً لمكافحة الإرهاب، دون أن يتم تقديم منح مالية لهم.

يُضاف في هذا السياق، قضية الجرحى، الذين أُصيبوا في عمليات مكافحة المجموعات المسلحة، وعائلات الجنود الذين قُتلوا خلال هذه العمليات، دون الاستفادة من التعويضات، وهو ما دفع الآلاف من جنود الاحتياط الذين تم تسريحهم من الجيش بعد الخدمة، إلى تنظيم احتجاجات واعتصامات قبالة مقر وزارة الدفاع في العاصمة الجزائرية، وأمام مقرات القيادات العسكرية الجهوية في مختلف المحافظات للمطالبة بتسوية وضعيتهم، واستعادة حقوقهم المادية.

وقد دفعت هذه التحركات الحكومة للاستجابة لهذه المطالب، وإقرار قانون المستخدمين العسكريين، الذي صادق عليه البرلمان الجزائري قبل أشهر، حصل جنود الاحتياط والجرحى وعائلات الجنود ضحايا مكافحة الإرهاب بموجبه على تعويضات.

في السياق، باتت الجزائر، بعد رفع حصة الجيش في الموازنة، أول دولة عربية في نفقات التسليح، بعد مصر، وفقاً لتقديرات "المعهد الأميركي للدفاع والاستعلام".

وتوقع المعهد ازدياد النفقات العسكرية للجزائر إلى حدود 6 في المائة حتى سنة 2017، بسبب التهديدات الإرهابية والتوترات الإقليمية المحيطة بها في ليبيا وتونس ومالي، التي تسعى الجزائر إلى استبعاد آثارها وتداعياتها.

وتؤكد قيادة أركان الجيش، في بياناتها الأخيرة، على وضع الجيش والقوات المسلحة في حالة تأهب لمواجهة هذه المخاطر، فضلاً عن مكافحة الظاهرة الإرهابية المزمنة في الجزائر.

وتعهّد الجيش، في آخر افتتاحية نشرتها قيادته بـ "مواصلة حربه ضد الإرهاب، وتعقب هؤلاء المجرمين أينما وجدوا بكل عزم، والإصرار حتى القضاء النهائي عليهم، وتطهير كامل التراب الوطني من دنسهم".

وأبدت قيادة أركان الجيش "انتباهها بشكل جدي للتهديدات الإرهابية الجديدة وتصميمها على إحباط كل محاولات إعادة بعث الإرهاب، والتحضير بشكل جيد وفعال للشروع في مواصلة عمليات القضاء النهائي على هذه الظاهرة بكامل التراب الوطني، وفرض تأمين كامل الحدود وحمايتها من تسلل الإرهابيين وتمرير السلاح وكل ما له علاقة بالإرهاب، في ظل الارتباطات العالمية للمجموعات الإرهابية العابرة للحدود، والظروف السائدة إقليمياً ودولياً خصوصاً في الجوار".

لكن خبراء في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، يعتقدون أن الأمن في الجزائر وتأمين الحدود يجب ألا يتوقف عند تطوير الترسانة العسكرية بل يستوجب، وفقاً لما يقوله الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، قوي بوحنية لـ "العربي الجديد"، "تطوير وتفعيل الدبلوماسية الأمنية عبر تعزيز الاتفاقيات الاستراتيجة الثنائية والجماعية بشكل يقضي بشكل تدريجي على كل أنواع الجريمة المنظمة العابرة للدول، خصوصاً في الحالات الأمنية المتوترة التي يكون لها انعكاس مباشر على الداخل الجزائري".

واعتبر أن "التحدي الكبير الآن هو ذلك التزاوج بين نوعين من الجريمة الاقتصادية المتصلة بالتهريب الذي يستنزف الاقتصاد الجزائري، الإرهاب والجريمة المنظمة، وهو ما يفرض الاستخدام المزدوج للوسائل العسكرية، وإلى البحث عن تجفيف منابع التوترات الإقليمية عبر الجهد السياسي المشترك".