النزاعات العشائرية تتجدّد في البصرة وسط عجز القوى الأمنية

النزاعات العشائرية تتجدّد في البصرة والقوى الأمنية عاجزة عن وقفها

30 مايو 2020
السلاح موجود بكثرة لدى أبناء العشائر (محمد سواف/فرانس برس)
+ الخط -
تصاعدت، بشكل متسارع، حدّة النزاعات العشائرية أخيراً، في البصرة جنوبي العراق، على الرغم من استمرار فرض حظر التجوّل في المحافظة، ضمن إجراءات مكافحة فيروس كورونا. فقد دخلت البصرة في موجة عنف عشائري غير مسبوقة، وسط عجز واضح من قبل الأجهزة الأمنية للحدّ منها.

وشهدت المحافظة، مع بداية فرض حظر التجوّل، قبل أكثر من شهر تقريباً، هدوءاً نسبياً على صعيد النزاعات العشائرية، لكنها سرعان ما عادت إلى الواجهة من جديد.
وتُعدّ النزاعات العشائرية من أكبر المخاطر التي تهدّد المحافظات الجنوبية في العراق وخاصة البصرة التي يعزو مسؤولون ووجهاء عشائريون أسبابها إلى وجود الأسلحة بكثرة لدى العشائر، وعجز الحكومة عن السيطرة عليها.
وليل أمس الجمعة، اندلع نزاع عنيف بين عشيرتين في بلدة الكرمة شمالي المحافظة، استمرّ حتى الفجر، وتسبّب بسقوط قتلى وجرحى من العشيرتين، وإلحاق أضرار بعدد من المحال التجارية والمنازل السكنية.
ووفقاً لشهود عيان تحدّثوا لـ"العربي الجديد" فإنّ "أسباب النزاع لم تُعرف بعد، وقوات الأمن لم تتمكن من الوصول إلى المنطقة بسبب كثافة النيران"، وأكّدوا أنّ "المنطقة تحوّلت إلى مدينة رعب، بسبب تكرار النزاعات فيها على نحو مستمر".

النزاع العشائري هذا جاء بعد يومين فقط على نزاع مماثل بين عشيرتين في المنطقة ذاتها، ويؤكد مسؤولون أمنيون في البصرة صعوبة السيطرة على النزاعات العشائرية التي عادت بعد فترة هدوء نسبي شهدته المحافظة.
وقال ضابط في شرطة البصرة إنّ "المحافظة سجّلت، خلال الشهر الحالي، 7 نزاعات عشائرية، في شمال ووسط المحافظة، خاصة بمناطق السكك والهارثة والكرمة". وأضاف الضابط الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، أنّ "بعض النزاعات يعود لخلافات عشائرية لم تُحسم، قبل حظر التجوّل، وبعضها نتيجة خلافات اندلعت أخيراً".
وأكّد أن "العشائر تستخدم أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، من رشاشات وقذائف (آر بي جي 7)، وقذائف (هاون)، وغيرها من الأسلحة"، مشيراً إلى أنّ "كثافة النيران التي تُستخدم في تلك المعارك تسببت بسقوط العديد من القتلى والجرحى من العشائر، وهي تحول أحياناً دون قدرة القوات الأمنية على السيطرة عليها".
وأكّد أنّ "القوات الأمنية اعتقلت عدداً من أبناء تلك العشائر، لكنها لم تستطع منع تلك النزاعات حتى الآن".

وجهاء البصرة ومواطنون حمّلوا من جهتهم الحكومة المحلية والأجهزة الأمنية مسؤولية تلك المعارك التي تندلع بسبب انفلات السلاح بيد العشائر، وعدم حصره بيد الدولة.
ويقول كريم الكعبي، أحد أعيان منطقة شط العرب وسط البصرة، إنّ "القوات الأمنية والحكومة لم تطبق خلال الفترة الأخيرة أي خطة لسحب سلاح العشائر ولم تقم بأي جهود مصالحة، لذا من الطبيعي أن تعود الاشتباكات". وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أنّ "وجود السلاح هو من أهم أسباب تلك النزاعات الخطيرة".
وأكّد "أننا نحاول عبر دور الوساطة والصلح احتواء الموقف من خلال اتصالات هاتفية نجريها مع شيوخ العشائر المتنازعة، لكن الموضوع معقّد"، ودعا القوات الأمنية "إلى اتخاذ خطوات بنشر أعداد أمنية في المناطق التي تشهد نزاعات، لأجل منعها، ولو مؤقتاً، ليتسنّى لنا التحرّك بعد رفع الحظر، لاحتواء النزاعات".
وأشار الكعبي إلى أنّ "النزاعات العشائرية حوّلت بعض مناطق المحافظة إلى مناطق غير مستقرّة، بسبب القصف العشوائي الذي يطاول العديد من المنازل والسيارات المدنية وحتى الأشخاص". كذلك دعا الحكومة المحلية إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة، أو رفع حظر التجوّل للأهالي، كي يتسنّى لهم مغادرة تلك المناطق، حتى تنتهي المعارك".


وتداول ناشطون وإعلاميون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات وصوراً عن النزاعات العشائرية في البصرة، مستغربين عدم قدرة الأجهزة الأمنية على بسط سيطرتها، ونزع سلاح العشائر.

وكتب الإعلامي ريناس علي، في تغريدة له على "تويتر"، "لا يعقل أن يكون هذا حال البصرة، الوضع لا يتحمل نزاعات عشائرية مسلحة وكأنها أرض معركة طاحنة".

واستغرب علي الخفاجي، وهو أحد أهالي المحافظة، في تغريدة، عجز القوات الأمنية من السيطرة على تلك النزاعات.

وكانت القوات العراقية قد نفّذت، في الأعوام السابقة، عدّة خطط لنزع سلاح العشائر، شارك في بعضها الطيران العراقي، لكنّها عجزت عن السيطرة عليه.