المقاطعة واستشراء المال السياسي يهددان الانتخابات المصرية

المقاطعة واستشراء المال السياسي يهددان الانتخابات المصرية

17 أكتوبر 2015
لافتات المرشحين تملأ شوارع القاهرة (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
تنطلق الانتخابات البرلمانية المصرية، في جولتها الجولة الأولى في الداخل، غداً الأحد، وسط جهود مضنية يبذلها نظام عبد الفتاح السيسي لمنحها شرعية داخلية وخارجية عبر الإيحاء بتقديم انتخابات نزيهة، وحث الناخبين على التوجه إلى صناديق الاقتراع لتأمين نسبة مشاركة عالية. لكن يبدو أن جهوده هذه لم تُثمر بعد، في ظل مؤشرات تدل على توجه الناخبين نحو المقاطعة، لا سيما قطاع الشباب، فضلاً عن استشراء المال السياسي بشكل فاضح؛ وهو مال يتركّز خصوصاً عند المحسوبين على السيسي ونظامه، وعند رموز نظام حسني مبارك المخلوع.


اقرأ أيضاً: ضعف الإقبال بالانتخابات يؤرق نظام السيسي: نحو تحشيد إعلامي 

وعشية الانتخابات البرلمانية، في 14 محافظة في المرحلة الأولى، بدت واضحة قوة دعوات المقاطعة التي أطلقها عدد من الأجنحة السياسية، وأولهم مؤيدو شرعية الرئيس المعزول محمد مرسي، ومناهضو الانقلاب العسكري الذي قاده الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في 30 يونيو 2013، بالإضافة إلى مجموعات من الشباب والنشطاء السياسيين.

بموازاة دعوات المقاطعة، ظهور نوع آخر من المقاطعين للعملية الانتخابية برمتها، لم يكن من السياسيين، بل فئات وشرائح اجتماعية غير راضية عن الأوضاع العامة، ورافضة إعطاء صك الشرعية لنظامٍ ترى أنه لا يمثلها بل ويقوم بدعم مرشحين وأحزاب بعينها على حساب آخرين، لاختيار مجلس على هواه.

ودعت التظاهرات التي ينظمها رافضو الانقلاب يومياً في مختلف المناطق المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات التي وصفوها بالهزلية، وتمهّد لعودة برلمان الحزب الوطني المنحل قبل ثورة 25 يناير التي أنهت حكم مبارك، معتبرين أنه لن تنجح انتخابات في ظل عسكرة الدولة والديكتاتورية، وانعدام العدالة والأمن والأمان وانهيار الاقتصاد.

وفي الإسكندرية، على سبيل المثال، أعد نشطاء ما سموه "قائمة سوداء" تشمل أسماء عدد من المرشحين المنتمين سابقاً إلى الحزب الوطني، في مختلف الدوائر، ممن أسهموا في إفساد الحياة السياسية.

وفي الوقت نفسه، سيطر المال السياسي على مجمل المشهد في العملية الانتخابية بالإسكندرية، إذ تصدر رجال الأعمال وكبار المستثمرين المشهد بقوة، وتفرغ كبار رجال أعمال الإسكندرية، والأعضاء السابقون في الحزب الوطني المنحل لتقديم أنفسهم للناخبين كرجال اقتصاد يمكنهم حل مشاكل المواطنين عبر وعود لأبناء دوائرهم، بينما لجأ آخرون إلى وسيلة الرشاوى الانتخابية العينية في محاولة لمجاراة "الأغنياء" في المنافسات الانتخابية، الأمر الذي حرم الشباب والفقراء ومتوسطي الدخل من القدرة على المنافسة، وزاد من فتور الأهالي بالعملية الانتخابية.

وقال منسق حملة قاطع بالإسكندرية الناشط محمد سعد، لـ"العربي الجديد"، إن الحملة تهدف إلى دعوة الشعب إلى مقاطعة الانتخابات بعدما تصدر الفلول ورجال أعمال النظام السابق والعسكر للمشهد، مؤكداً تجاوب المواطنين من مختلف الأعمار مع الحملة.

وفي الإطار، قال نائب رئيس حزب "الدستور" بالإسكندرية، والقائم بأعمال أمين الحزب وليد العماري، إن الحزب أعلن مقاطعة الانتخابات القادمة لإيمانه بأن دوره لن يكون باستكمال الشكل الديمقراطي الذي تريده السلطة عبر المشاركة في انتخابات (مسرحية)، وأن ينحصر دوره وغيره من المشاركين فيها بخداع المواطنين وإيهامهم بوجود ديمقراطية"، مشيراً إلى أن مجلس النواب المقبل أشبه ببرلمان 2010، والذي كان أحد الأسباب لثورة 25 يناير بعد التزوير "الفج والفاضح"، في تلك الانتخابات التي سبقت الثورة بأقل من ثلاثة أشهر.

وفي الإطار، قال المحامي وعضو حركة "شباب ضد الانقلاب" حنفي الجيار، إن أكثر المتشائمين من معسكر الانقلاب بعد أحداث 30 يونيو، لم يكن يتصور أن تؤول الأوضاع إلى ما آلت إليه في مصر على كل المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بل وتتكرر نفس العقليات القوانين المقيدة للحريات التي تكون سبباً في فقدان الأمل في إحداث التغيير، الأمر الذي يدفع العديد من فئات الشعب، وخصوصاً الشباب، إلى العزوف عن المشاركة في أي انتخابات.

وأكد أن شريحة الشباب هي أكثر السهام الحادة الموجهة إلى الانتخابات المقبلة، باعتبارها الأكثر وعياً وإصراراً على الامتناع عن المشاركة في الانتخابات، وخصوصاً عندما تكون الأخيرة محسومة قبل بدايتها، كما حدث عند التصويت على الدستور أو في انتخابات الرئاسة من قبل.

ورأى أحد المرشحين لمجلس النواب عن حزب التحالف الاشتراكي معتز الشناوي، أن الشباب يعاني كثيراً من وجود المال السياسي في العملية الانتخابية، وهو ما يجعل فئة كبيرة من المرشحين غير قادرة على المواجهة والمنافسة والتواصل الفعال مع المواطنين بشكل كافٍ، بسبب عدم وجود إمكانات مادية وغياب المنافسة مقارنة بانتخابات 2012.

من جهته، قال الخبير السياسي ومدير مركز رؤية للحوار عادل منصور، لـ"العربي الجديد"، إن ضعف الاهتمام بالعملية الانتخابية يفقدها شرعيتها القانونية، والشعبية، ويخلع عنها الصفة الأخلاقية التي يحتاجها أي نظام سياسي للبناء عليها.

وأضاف أن "العزوف الشعبي البادي عن الاهتمام بالعملية الانتخابية سببه سيطرة رأس المال والعصبيات والقبليات على المشهد، وهو الأمر الذي يجب أن يأخذه النظام الحالي على محمل الجد"، مشيراً إلى أن ذلك "قد يكون المسمار الأبرز في نعش السلطات الحالية في حال لم يتصدَّ لها أحد".

كذلك اعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي في كلية الآداب في جامعة الإسكندرية إسماعيل سعد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن انتشار ظاهرة سيطرة المال السياسي على الانتخابات بالإسكندرية لها أسباب ونتائج كارثية، محذّراً من أنها قد تؤدي إلى احتقان مجتمعي غير بعيد.

وأشار إلى أن سيطرة رجال الأعمال وأصحاب الأموال على مجلس النواب قد تكون نتيجتها اختطاف المجلس التشريعي إلى مصالح أصحاب النفوذ والإقطاعيين الجدد على مجمل سياسات الدولة، وهو ما يؤدي في العادة إلى عدم استقرار ويكون مقدمة للفوضى.

اقرأ أيضاً: مصر: انتهاكات الدعاية الانتخابية تغرق محافظات الصعيد