المغرب والانتخابات الرئاسية الجزائرية: واقعية بلا أوهام

13 ابريل 2014
عند الحدود المغربية ــ الجزائرية (فاضل سنا/getty)
+ الخط -

يراقب المغرب بحذر ما يجري في جارته الشرقية "اللدودو"، الجزائر، قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية في 17 أبريل/نيسان الجاري، في خضم ترجيح كفة الرئيس الحالي المرشح عبد العزيز بوتفليقة، وتوالي تصريحات مرشحين آخرين تفيد بنيتهم فتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين منذ 1994.

وتربط المغرب بالجزائر علاقات سياسية ودبلوماسية متوترة منذ سنوات، بسبب نزاع الصحراء الذي عمّر طويلاً، إذ ما إن تستكين حيناً، حتى تندلع وقائع تفضي بالعلاقات الثنائية إلى حدّ الجمود بين الطرفين، كان آخرها تبادل الاتهامات بخصوص اللاجئين السوريين.

وتشير دراسات إلى أن إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر، يفضي إلى خسارة نقطتين لكل منهما في مؤشر التطور الاقتصادي، علاوة على ما ينفقه البلدان في سباق محموم نحو التسلح، جعلهما يتصدران الدول الإفريقية في استيراد العتاد العسكري، وفق آخر تقرير لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

وتفيد دراسات أخرى أن المغرب والجزائر فقدا، بسبب إغلاق الحدود بينهما، نقطتان لكل منهما في التطور الاقتصادي، فضلاً عن النفقات العسكرية المتزايدة التي جعلت من الجزائر واحدة من بين 15 بلداً الأكثر اقتناء للأسلحة، بموازنة تسليح بلغت 12 مليار دولار سنة 2013، متفوقة بذلك على المغرب في الإنفاق العسكري بـ3.5 مليارات دولار، مما جعل المملكة في الرتبة 35 من بين البلدان التي التجأت إلى اقتناء أسلحة في العام نفسه.

وعود... وعود

تعهد المرشح المستقل إلى الرئاسيات الجزائرية، علي بن فليس، لأنصاره أخيراً بأنه سيعمل، في حال فوزه، على فتح الحدود البرية المغلقة مع المغرب، وبأنه يعتزم إطلاق مشروع يلغي إجبارية التنقل بجواز السفر بين البلدين، ويكتفي ببطاقة الهوية للمغاربة والجزائريين.

لم يغفل بن فليس صعوبة العلاقات السياسية وتشابكها بين الرباط والجزائر، نتيجة مشكلة الصحراء الغربية، بيْدَ أنه تعهد، لو أصبح رئيساً، بالعمل على تجسيد "مشروع اندماج مغاربي" يسمح للمواطنين بحرية التنقل والعمل والإقامة من دون ترخيص.

الطموح والتفاؤل نفسهما إزاء تحسين علاقات الجزائر مع المغرب، أبدته المرشحة التروتسكية، لويزة حنون، عندما وعدت أنصارها هي الأخرى بفتح الحدود البرية مع المغرب في حال انتخابها رئيسة للجزائر.

وخاطبت رئيسة حزب "العمال"، قبل أيام، جمهورها، بالقول إنه "إذا انتخبتموني سأفتح الحدود مع المغرب لأن حصانتنا من حصانة جيراننا، والجزائر بحاجة إلى رفع الحواجز مع الجارة المغرب، حتى تتمكن من إبطال مفعول القنابل الموقوتة التي تستهدف البلدان العربية".

ويخوض ستة مرشحين غمار رئاسيات الجزائر، وهم عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الحالي، وعلي بن فليس، رئيس الحكومة الأسبق، ولويزة حنون، رئيسة حزب العمال، وموسى تواتي، رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية، وعلي رباعين رئيس حزب عهد 54، ثم عبد العزيز بلعيد رئيس حزب جبهة المستقبل.

أسباب الحذر

وتعليقا على نظرة المغرب للانتخابات الرئاسية الجزائرية، أكد الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور سعيد الصديقي، أن "المغرب يفضل أن يراقب الأحداث بحذر، وخصوصاً أنه اعتاد ألا يتدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية، وسيتعامل مع ما ستسفر عنه الانتخابات بغض النظر عن نتيجتها".

ويلفت أستاذ القانون الدولي في جامعة العين بأبو ظبي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه "حتى إذا كان المغرب يفضل حدوث تغيير سياسي في الجزائر، من شأنه أن يساهم في تذويب جليد الخلافات بين البلدين، فيُتوقع أن يتفاعل المغرب رسمياً بإيجابية مع الولاية (المتوقعة) الرابعة للرئيس بوتفليقة".

وعزا المتحدث ما سماه بـ"الحذر المغربي" من الشؤون السياسية الداخلية الجزائرية، إلى "الحساسية المفرطة للنخبة السياسية في البلدين تجاه أي تدخل أو حتى تصريح من الجار الآخر، ولا سيما عندما يكون هذا التدخل أو التصريح من قبل المسؤولين السياسيين".

واستطرد الصديقي بأن "ما يجعل المغرب لا يعقد آمالاً كثيرة على وعود كل من بن فليس وحنون بشأن فتح الحدود مع المغرب، ودفع مسار الاندماج المغاربي، ليس ضعف حظوظهما بالفوز بالانتخابات فحسب، بل أيضاً ارتباط الموقف الجزائري الرسمي من قضية الصحراء ببنية النظام السياسي الجزائري ذاته" وفق تعبيره.

المساهمون