المغرب: مرسوم ملكي يحظر على أئمة المساجد ممارسة السياسة

03 يوليو 2014
ممنوع على الأئمة والخطباء الجمع بين الدين والسياسة(فرانس برس/Getty)
+ الخط -


أصدر العاهل المغربي، محمد السادس، مرسوما نُشر في الجريدة الرسميّة التابعة للأمانة العامة للحكومة، يُحرّم على أئمة المساجد والخطباء الجمع بين الدين والسياسة، وذلك من خلال منعهم طيلة مدّة أدائهم وظائفهم من "ممارسة أي نشاط سياسي أو نقابي، أو اتخاذ أي موقف يكتسي صبغة سياسيّة أو نقابيّة".

ويأتي هذا المرسوم الملكي في سياق ظهور بعض الفتاوى، التي تقوم بتكفير قيادات سياسيّة وفكريّة تنتسب إلى مرجعيات علمانيّة وحداثيّة، وأيضاً في خضمّ استعداد المملكة لتنظيم انتخابات بلديّة وانتخابات مجلس المستشارين ـ الغرفة الثانية من البرلمان ـ في صيف السنة المقبلة.

الوقار واللباس

وشدّد المرسوم الملكي، الذي اطلع عليه "العربي الجديد"، على منع أئمة المساجد من "القيام بأي عمل من شأنه وقف أو عرقلة أداء الشعائر الدينيّة، أو الإخلال بشروط الطمأنينة والسكينة والتسامح والإخاء، فضلاً عن ضرورة (التحلي بصفات الوقار والاستقامة والمروءة التي تقتضيها المهام الموكلة إليهم)".

ووضع المرسوم الضوابط التي يتعيّن على الأئمة الالتزام بها، ومنها "أصول المذهب المالكي، والعقيدة الأشعريّة، وثوابت الأمة، وما جرى به العمل بالمغرب"، مضيفاً ضوابط أخرى مثل "القيام شخصياً بمهامهم، وعدم تفويتها لأي شخص كان، وارتداء اللباس المغربي عند أدائها".

وامتدت قائمة الممنوعات المفروضة على الإمام أو الخطيب، لتشمل أيضاً "مزاولة أي نشاط في القطاع العام أو القطاع الخاص يدرّ عليه دخلاً كيفما كانت طبيعته، إلا بترخيص مكتوب من السلطة الحكوميّة المكلفة، باستثناء الأعمال العلميّة والفكريّة والإبداعيّة التي لا تتنافى مع طبيعة المهام الموكلة إليه".

وذكر المرسوم أن الغاية الرئيسة من سن ضوابط عمل الأئمة والقيّمين الدينيّين، تعود إلى "رغبة الملك في تنظيم مهامهم، لما لها من حميد الأثر في صيانة ثوابت الأمة، وبناء مجتمع متراص متضامن، متمسك بمقوماته الروحيّة ومتفتح على روح العصر، بعيداً عن كل تعصب أو غلوّ أو تطرّف".

مخاطر تسييس المساجد

ورأى الباحث في الشأن الديني، سعيد الكحل، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن اللجوء إلى منع الأئمة والفقهاء والخطباء من الانتماء السياسي والنقابي، هو حماية للحقل الديني وحماية لبيوت الله، التي أسّست للعبادة وليس لممارسة الأنشطة الحزبيّة.

وأوضح الكحل أن خطورة الانتماء الحزبي للخطيب تشمل الدين والسياسة والمجتمع، حين يحوّل الخطيب المسجد إلى مقرّ حزبي يروّج فيه لخطاب هيئته السياسيّة، ويجيّش لمواقفها وينتصر لها، على الرغم من كون رواد المسجد ينتمون إلى مختلف الأحزاب، ومنهم أيضاً غير المنتمين.

أضاف أنه من شأن الترويج لخطاب حزب معيّن أن يشوّش على المصلين، ويدخلهم في صراعات لا تنتهي، مشدداً على أن المساجد هي أماكن للعبادة، وينبغي أن تظل محايدة وعلى المسافة نفسها من كل الأطراف السياسيّة. ولأجل هذا، جاء منع الأئمة والخطباء من أي انتماء حزبي أو نقابي.

ولفت الكحل إلى شكاوى المواطنين من مختلف المدن المغربيّة ضدّ خطباء يحرّضون ضد أحزاب معيّنة، أو يناهضون سياسة الدولة، أو يستهدفون الدستور بخطبهم وفتاواهم، مضيفاً أن "الأئمة هم أئمة المجتمع ككل وعليهم صيانة وحدته والحفاظ على لحمته".

وخلص الكحل إلى أن "فتح المساجد أمام الصراعات السياسيّة والحزبيّة والإيديولوجيّة، سيجعل بقيّة الأحزاب والتيارات تطالب بأن يكون لها نصيبها في المساجد، الأمر الذي سيحوّل بيوت الله إلى ساحة للصراعات والتفرقة. وتلك شرارة الفتنة التي تأتي على المجتمع برمته".

دلالات