المرأة الجزائرية تخوض تجارب الاستثمار

المرأة الجزائرية تخوض تجارب الاستثمار

14 يناير 2015
المرأة الجزائرية تقتحم مجال الأعمال (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -
تحظى المرأة حالياً بمكانة هامة في المجتمع الجزائري، الذي لطالما سيطرت عليه فكرة أن مكان المرأة هو في البيت، والسهر على راحة الزوج والأبناء. وأسهمت المرأة في العديد من الإصلاحات، التي عرفتها أخيراً مختلف القطاعات بالبلاد. وتمكنّت المرأة من اكتساح جميع الميادين التي ظلت إلى وقتٍ قريب تحت سيطرة الرجال.
ومن بين المجالات التي برزت فيها المرأة الجزائرية، مجال قطاع الأعمال. وأثبتت المرأة كفاءتها في هذا القطاع منذ دخول البلاد في نظام اقتصاد السوق، وفتح المجال للاستثمارات الخاصة في مطلع تسعينيات القرن الماضي.

القضاء على التمييز
ويعود الفضل الكبير في ذلك إلى مصادقة الجزائر سنة 1996 على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو CEDAW". كما اعتمدت الدولة على مجموعة من الإصلاحات الاجتماعية والسياسيّة، لإدماج المرأة في عملية التنمية الاقتصادية.
لكن ومع ذلك، رأت رئيسة "المرصد الجزائري للمرأة"، السيدة شائعة جعفري، أنَّ المرأة الجزائريَّة وعلى الرغم من تشكيلها لنسبة تقارب الـ 50% من المجتمع الجزائري، إلا أن تواجدها في القطاع الاقتصادي يبقى خجولاً، خاصة في مجال الأعمال العمومي الذي لا يزال يشهد إقبالاً ضعيفاً للمرأة، كالمصارف والبورصة وقطاع المحروقات.

تجربة مستثمرات
من جهتها أكّدت نائبة رئيس منتدى رجال الأعمال الجزائريين، المستثمرة نصيرة حداد، أن تواجد المرأة في مجال الأعمال بالبلاد، يبقى ضئيلاً جداً بالنسبة إلى الكم الهائل من الإطارات النسوية التي تتخرّج سنوياً من مختلف التخصصات الجامعية ومراكز التكوين المهني. وأشارت حدّاد إلى أن نسبتهن تصل إلى نحو 70% من مجمل المتخرجين، في حين لا تمثّل نسبة مشاركتهن في قطاع الأعمال إلا نحو 10% من مجمل عدد أصحاب الأعمال بالجزائر.
وأضافت حداد أن هذه النسبة ارتفعت أخيراً مقارنة عما كانت عليه من قبل، وذلك بفضل جهود الحكومة في تشجيع ولوج المرأة إلى قطاع الأعمال. وأكّدت أنَّ المرأة تمثّل خزاناً كبيراً للقدرات الاستثمارية بالبلاد، في الوقت الذي تسعى فيه الجزائر إلى تطوير قدراتها الاقتصادية خارج إطار المحروقات.
وقالت حداد: "ما زالت المرأة الجزائرية تعاني من تسلط ذهنيات مجتمعية تعيق ولوجها عالم الاقتصاد، وإن لم تمنع من ذلك من قبل أقرب الناس إليها، فتجد والدها مثلاً وإن كان حليفاً لها، ينصحها بعدم اختيار هذا المجال. ويتطلب نشاط الأعمال العمل المتواصل حتى خارج أوقات الدوام مع كثرة التنقل، الأمر الذي يدفع المرأة إلى الخوف من الخوض فيه، كونها تضطر إلى لبس قبعة ربة البيت إذا ما دخلت منزلها، وتنزع قبعة الأعمال وهو ما يجعل توفيقها بين القبعتين نادراً".
وبشأن تجربتها الاستثمارية، أكدت حداد أنها لم تلاق أية عراقيل تذكر في بداية مشوارها الاستثماري، بل العكس من ذلك، حيث وجدت كل التسهيلات من طرف الإدارة.
ودعت حداد المرأة الجزائرية إلى التحلي بالشجاعة لولوج مجال الأعمال، لأن العمل المأجور ليس قدراً محتوماً عليها. وأكدت أن منتدى رجال الأعمال الجزائريين خصص لجنة لسيدات الأعمال. وسطر المنتدى في بداية عام 2015 برنامج عمل ميداني خاصاً، يهدف إلى تشجيع الطاقات النسوية بالبلاد على اقتحام مجالات الأعمال والمقاولات، وحماية المؤسسات النسوية القائمة حالياً، كون أغلب هذه المؤسسات مؤسسات صغيرة ومتوسطة ومهددة بالزوال.
وقالت صاحبة باكالوريوس وماستر في تسيير المؤسسات، السيّدة ذهبية عباس، في حديث مع "العربي الجديد"، أَّنها استطاعت أن تطور فكرة استثمارية بسيطة إلى مؤسسة عائلية ناجحة في الجزائر، تختص في استخلاص الزيوت النباتية المختلفة. وأشارت عباس إلى أنها وجدت كلّ التسهيلات اللازمة من قبل الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب، حيث منحتها قرضاً مالياً معتبراً ناهز 100 ألف دولار أميركي. وقد مكّنها القرض من الانطلاق في مشروعها سنة 2011، وطورّت مشروعها لاحقاً برفقة أختيها الحاصلتين على باكالوريوس محاماة وعلم النفس.
وأضافت ذهبية أنها لاقت في بداية مشوارها الاستثماري صعوبات وعراقيل مختلفة أغلبها اجتماعية. وأكّدت أنَّها تخطت هذه العراقيل بفضل إرادتها القوية.
وأشارت إلى أنَّ الدعم المالي للوكالة لا يكفي، بل يحتاج الاستثمار إلى إرادة قوية أيضاً، وهي الإرادة التي جعلتها تطور مع أختيها فكرتها الاستثمارية من معصرة بسيطة لزيت الزيتون، إلى مؤسسة مصغرة لصناعة الصابون الطبي التقليدي الذي يستعمل لمختلف أنواع البشرة، بالإضافة إلى مستحضرات زيوت التجميل التقليدية. وقد صنعت ذهبية مكانتها في السوق الوطنية، وحصلت على عقود بتعاملات كبيرة مع العديد من الصيدليات، حتى أن أطباء البشرة في الجزائر صاروا يصفون بعضا من منتجاتها لمرضاهم.