نتائج استطلاع المؤشر العربي: الانحياز للديمقراطية يزداد... وقدرة انتقاد الحكومات محدودة

09 مايو 2018
الاستطلاع أضخم مسحٍ للرأي العام بالمنطقة العربية (العربي الجديد)
+ الخط -
أظهرت نتائج استطلاع المؤشر العربي، لعام 2017/2018، الذي نفذه "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، في 11 بلداً عربياً، أنّ هناك شبه إجماع على تأييد الديمقراطية، بينما بيّن أنّ قدرة المواطنين على انتقاد حكوماتهم محدودة.

وبحسب نتائج الاستطلاع التي أعلنها المركز، في مؤتمر صحافي بالعاصمة القطرية الدوحة، اليوم الأربعاء، فقد عبّر 74% من المستجيبين عن تأييدهم النظامَ الديمقراطي، مقابل معارضة 17%.

وأفاد 76% من المستجيبين، بأنّ النظام الديمقراطي التعددي، ملائم ليطبَّق في بلدانهم، في حين توافَق ما بين 61% و75%، على أنّ أنظمة مثل النظام السلطوي، أو حكم الأحزاب الإسلامية فقط، أو النظام القائم على الشريعة من دون انتخابات وأحزاب، ونظام مقتصر على الأحزاب غير الدينية، هي غير ملائمة لتطبَّق في بلدانهم.

وقال محمد المصري مدير وحدة استطلاعات الرأي في المركز العربي، بكلمة خلال المؤتمر، إنّ "مقارنة نتائج هذا الاستطلاع بالاستطلاعات السابقة، تظهر أنّ انحياز الرأي العام للديمقراطية، لا يزال ثابتاً ويميل إلى الارتفاع".

وشمل الاستطلاع الميداني الذي أُجري في موريتانيا، والمغرب، وتونس، ومصر، والسودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعودية، والكويت، بين ديسمبر/كانون الأول 2017، وأبريل/نيسان 2018، 18830 مستجيباً ومستجيبة، أُجريت معهم مقابلات شخصية وجاهية، ضمن عيّناتٍ ممثّلة للبلدان التي ينتمون إليها، بهامش خطأ يراوح بين 2% و3%.

تم عرض النتائج في مؤتمر صحافي بالدوحة (العربي الجديد) 


وقابل توافق الرأي العام لتأييد الديمقراطية، تقييمٌ سلبي لواقع الديمقراطية ومستواها في البلدان العربية؛ إذ قيّم المستجيبون مستوى الديمقراطية بـ 5.5 درجات من أصل 10 درجات. أي إنّ الديمقراطية، حسب وجهة نظرهم، لا تزال في منتصف الطريق.

كما أظهر الاستطلاع، أنّ قدرة المواطنين على انتقاد حكوماتهم محدودة؛ إذ إنّهم منحوها 5.6 درجات من أصل 10 درجات، وحصل لبنان وتونس على أفضل الدرجات، في حين حصل السودان والسعودية على أقل درجات التقييم.

وأظهرت النتائج أيضاً، أنّ الرأي العام العربي منقسم بشأن واقع الثورات العربية ومستقبلها، فقد رأى 45% أنّ الربيع العربي يمرُّ بمرحلةِ تعثرٍ، لكنّه سيحقق أهدافه في نهاية المطاف، مقابل 34% يرون أنّ الربيع العربي قد انتهى وعادت الأنظمة السابقة إلى الحكم.

أولويات اقتصادية

وأورد المواطنون مشكلات وتحديات عديدة تواجه بلدانهم، وتوافق 33% على أن أولوياتهم اقتصادية، في حين عبّر 21% من المستجيبين عن أنّ أولوياتهم تتعلّق بأداء الحكومات وسياساتها؛ مثل سياسات أنظمة الحكم، أو انتكاسات التحول الديمقراطي، أو ضعف الخدمات العامة، وانتشار الفساد المالي والإداري.

وركّز 10% من المستجيبين على قضايا تتعلّق بالأمن والأمان والاستقرار السياسي. وخلالها تبيّن أنّ تقييم المواطنين للأوضاع السياسية في بلدانهم سلبي بالمجمل، حيث وصفها 55% بالسيئة والسيئة جداً، مقابل 39% قالوا إنّها جيدة وجيدة جداً.

وكشفت نتائج المؤشر العربي، أنّ الأوضاع الاقتصادية لمواطني المنطقة العربية، غير مرضية على الإطلاق؛ إذ إنّ 46% قالوا إنّ دخول أسرهم تغطّي نفقات احتياجاتهم الأساسية، ولا يستطيعون أن يدخروا منها (أسر الكفاف)، فيما أفاد 30% من الرأي العامّ بأنّ أسرهم تعيش في حالة حاجةٍ وعوز؛ ولا تغطي دخولهم نفقات احتياجاتِهم. وتعتمد أغلبية أسر العوز على المعونات والاقتراض لسد احتياجاتهم.


وتطرّق الاستطلاع أيضاً إلى درجة التدين، إذ أظهرت النتائج، أنّ مواطني المنطقة العربية منقسمون إلى ثلاث كتل؛ فالأكبر هي التي وصفت نفسها بأنها متديّنة إلى حدٍ ما وبنسبة 65%، أما الثانية فهي التي أفاد المستجيبون فيها بأنّهم متدينون جدّاً بنسبة 21%، بينما قال 12% إنهم غير متديّنين.

وأظهرت النتائج، أنّ 77% من الرأي العامّ العربي، يرى أنّ سكان العالم العربي يمثّلون أمّةً واحدةً، وإنْ تمايزت الشعوب العربية بعضها عن بعض، مقابل 19% قالوا إنّهم شعوب وأمم مختلفة.


خطر إسرائيل

وبالنسبة إلى الأمن القومي العربي، أفاد 67% بأنّ إسرائيل والولايات المتحدة، هما الأكثر تهديداً للأمن القومي العربي، بينما رأى 10% أنّ إيران الدولة الأكثر تهديداً لأمن الوطن العربي.

وفي السياق نفسه، سُئل المستجيبون عن مصادر التهديد لأمن المنطقة واستقرارها، فأظهرت النتائج أنّ الرأي العامّ متوافقٌ بما يقترب من الإجماع، بنسبة 90%، على أنّ سياسات إسرائيل تهدّد أمن المنطقة العربية واستقرارها.


كما توافق 84% من الرأي العام، على أنّ السياسات الأميركية تهدّد أمن المنطقة واستقرارها، وعبّر 66% من المستجيبين عن اعتقادهم بأنّ السياسات الإيرانية هي التي تهدّد أمن المنطقة واستقرارها، بينما كانت النسبة 57% فيما يتعلّق بالسياسات الروسية، و45% بالنسبة إلى السياسات الفرنسية.

ويظهر الاستطلاع جلياً، وفق نتائجه، أنّ الرأي العامّ يرى في إسرائيل المصدر الأكثر تهديداً لاستقرار المنطقة وأمنها.

وأظهرت النتائج أنّ 87% من مواطني المنطقة العربية، يرفضون الاعتراف بإسرائيل، وفسّر هؤلاء موقفهم بعوامل وأسباب؛ معظمها مرتبطٌ بالطبيعة الاستعمارية والعنصرية والتوسعية لها. وأظهرت النتائج أنّ آراء المواطنين الذين يرفضون الاعتراف بإسرائيل، لا تنطلق من مواقف ثقافية أو دينية.


رفض "داعش
"

وبينت نتائج المؤشر العربي، أنّ الرأي العام العربي، شبه مجمعٍ، بنسبة 92% من المستجيبين، على رفض تنظيم "داعش" الإرهابي، مقابل 2% أفادوا بأنّ لديهم نظرةً إيجابيةً جداً، و3% لديهم نظرة إيجابية إلى حدٍ ما تجاهه.

وبحسب نتائج الاستطلاع، فإنّ الذين يحملون نظرةً إيجابيةً نحو تنظيم "داعش"، لا ينطلقون من اتفاقهم مع ما يطرحه التنظيم من موقفٍ وآراء ونمط حياةٍ؛ إذ إنّ نسبة الذين يحملون وجهة نظر إيجابية نحوه بين المؤيدين لفصل الدين عن السياسة، شبه متطابقة مع النسبة عند الذين يعارضون ذلك.

وتظهر النتائج أنّ 42% من الرأي العام العربي، يرى أنّ العوامل التي تدفع الأفراد إلى الانضمام إلى "داعش" اقتصادية (بطالة، وفقر) وسياسية (دكتاتورية، وقمع) ومجتمعية (عدم مساواة، وتهميش) تنتشر في بلدان هؤلاء الأفراد وتدفعهم إلى الانضمام إلى "داعش"، وقد ذكر نحو 18% من المستجيبين الدعاية وغسل الدماغ، بوصفهما دافعين إلى الانضمام إلى "داعش".


ولدى الرأي العام وجهات نظر محددة تجاه الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل القضاء على الإرهاب وتنظيم "داعش"، فقد أفاد 18% بأنّ الإجراء هو تكثيف الجهد العسكري في الحرب على التنظيم، في حين أفاد 17% بأنّ وقف التدخل الخارجي هو الإجراء الذي يجب اتخاذه للقضاء على الإرهاب وتنظيم "داعش"، وأفاد 13% بأنّ حلّ القضية الفلسطينية أهم إجراء يجب اتخاذه من أجل القضاء على الإرهاب، بينما شدد 12% على أنّ دعم التحول الديمقراطي في البلدان العربية، هو أهم إجراء لذلك.

وعموماً، رأى الرأي العام العربي، بحسب نتائج الاستطلاع، أنّ مواجهة الإرهاب، تعني تبنّي حزمة متكاملة من الإجراءات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعسكرية.


أضخم استطلاع رأي

ويُعدّ الاستطلاع في نسخته السادسة، أضخم مسحٍ للرأي العام في المنطقة العربية؛ سواء كان ذلك من خلال حجم العينة أو عدد البلدان التي يغطيها أو محاوره. حيث شارك في تنفيذه 865 باحثًا وباحثة، واستغرق التنفيذ نحو 45 ألف ساعة، وقطع الباحثون الميدانيون أكثر من 700 ألف كيلومتر من أجل الوصول إلى المناطق التي ظهرت في العينة في أرجاء الوطن العربي. ويُشار إلى أنّ تنفيذ هذا الاستطلاع الضخم، إضافة إلى تعدد موضوعاته، يجعل بياناته مصدراً مهماً للمؤسسات البحثية العربية والدولية وللأكاديميين والخبراء.

والمؤشر العربي هو استطلاعٌ دوري ينفّذه المركز العربي، في البلدان العربية؛ بهدف الوقوف على اتجاهات الرأي العامّ العربي، نحو مجموعة من الموضوعات: الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، بما في ذلك اتجاهات الرأي العامّ نحو قضايا الديمقراطية، والمشاركة السياسية. ويتضمن المؤشر تقييم سياسات قوى دولية وإقليمية نحو المنطقة العربية.