اللحظة المدنية في سورية

13 يناير 2016
عودة الزخم نسبياً لفصائل الجيش الحر (Getty)
+ الخط -
يُمكن لمراقب حراك السوريين في المناطق المحرّرة من سيطرة النظام، أن يلاحظ إحدى سمات هذا العام، أي عودة الحراك المدني، الداعم للجيش الحرّ تحديداً. قبل عام أو أكثر بقليل، كان السوريون يفقدون أملهم بالجيش الحرّ تماماً. ولا يستطيع أحد لومهم لأسباب كثيرة، منها فشل فصائل الجيش الحرّ في توحيد صفوفها، وبلورة خطاب سياسي واضح ومشروع متكامل، مضافاً إليها الجرائم التي تعرّض لها السوريون بشكلٍ متتال وما يشبه تكالب العالم ضدهم.

في الأسابيع الماضية، عادت التظاهرات التي ترفع أعلام الثورة السورية دون غيرها إلى عدد من الشوارع السورية. سبق ذلك، عودة الجيش الحرّ إلى الساحة عبر صواريخ التاو المضادة للدروع، التي استطاعت منع تقدّم جيش النظام والمليشيات الطائفيّة في محاور عدّة من ريف إدلب إلى ريف حماه وريف حلب الجنوبي. استطاعت هذه الصواريخ المضادة للدروع، توجيه ضربة قاسية للرغبة الروسيّة في أن تترافق الضربات الجوية التي بدأت منذ نحو 100 يوم، مع تقدّم بري كبير، وهو ما أعاد بعض الثقة لقدرة فصائل الجيش الحرّ في الدفاع عن المناطق التي تتعرض لهجمات النظام.

ترافق دور الجيش الحرّ في إدارة "معركة التاو"، مع تعب السوريين من تغيير نمط الحياة اليوميّة التي حاولت تنظيمات إسلامية فرضها عليهم. مَن يعرف سورية والمجتمع السوري، يُدرك مدى ابتعاد المجتمع بتقاليده وممارساته عن منطق "الأفغنة" الذي حاولت بعض الفصائل السلفيّة فرضه. ربما هذا يُفسّر توتر جبهة النصرة، الذي تمثّل في اقتحام إذاعة "فرش إف إم" واعتقال عدد من الناشطين السوريين أخيراً.

في هذا السياق، جاء حصار التجويع في مضايا، ليُعيد الاعتبار للبُعد المدني أيضاً، إذ إن من تولّى إدارة حملات التضامن والإغاثة (على المستوى السوري) كان هيئات مدنيّة. يُمكن لعام 2016، أن يكون نقطة تحوّل في استعادة جزء من مدنية الثورة السورية، كما كانت مجزرة الكيماوي في أغسطس/آب 2013 نقطة تحوّل لصالح تنظيم "داعش" خصوصاً. لكن ذلك مشروط بتطورٍ إيجابي في أداء المعارضة الخارجيّة وفصائل الجيش الحرّ في الميدان.
المساهمون