الكونغو: الكوليرا تحصد أرواحاً أكثر من إيبولا

الكونغو: الكوليرا تحصد أرواحاً أكثر من إيبولا

12 أكتوبر 2014
الكوليرا تنافس إيبولا في الكونغو (GETTY)
+ الخط -

تحتج السيدة ماتيلد كيسونجي على القرارات التي اتخذتها السلطات مؤخرا في إطار مكافحة وباء الكوليرا، قائلة "ليس لدينا حنفية ماء في حينا ومنعنا من الاستحمام في النهر أو بحيرة تانجانيقا، هذا غير معقول".
وفي كاليمي، كبرى مدن مقاطعة تانجانيقا، في منطقة نائية جنوب شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، يتذمر كبير الأطباء نجاندوي ماندا قائلا إن "عدد المرضى يزداد يوميا" وقد أتى الوباء على 72 شخصا في المنطقة منذ 11 أغسطس/آب.
وضحايا الكوليرا في تانجانيقا أكثر من ضحايا وباء إيبولا الذي تسبب بوفاة 43 شخصا، منذ انتشاره تقريبا في الوقت نفسه في منطقة نائية شمال غرب البلاد، وفق الأرقام الرسمية. وأوضح الطبيب نجاندوي أن "بحيرة تانجانيقا خزان للجرثومة المسببة للكوليرا كل سنة في كاليمي تتسبب الرياح في تعويم العوالق" التي تستوطن فيها عصية السالمونيلا في فترة أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول.
وتشمل أعراض الكوليرا الإسهال الشديد والإصابة بجفاف خطير في 20 في المائة من الحالات، حسب منظمة الصحة العالمية. وتسهل معالجة الكوليرا عن طريق تعويض السوائل التي يفقدها الجسم فورا عن طريق الفم والأمصال، ولكن التأخر في ذلك يمكن أن يؤدي إلى الوفاة في ظرف ساعات لدى الضعفاء ولا سيما الأطفال.
وتفاديا لانتشاره حظرت السلطات الاستحمام في مياه البحيرة ونهر لوكوجا المتفرع عنها وغسل الأطباق والثياب فيها، لكن بلا جدوى. فعلى ضفاف النهر تتجمع عشرات النساء مثل كيسونجي لغسل الثياب والأطباق. وتقول إيستر موجينجا "أنا أخاف كثيرا من الكوليرا. السنة الماضية فقدت طفلا بسببها"، لكنها تضيف "ليست لدينا مياه جارية كل يوم، فأين نغسل الأطباق؟ والغسيل؟ وأين نغتسل؟".
وعلى مسافة قصيرة من هنا يغتسل رجال في العراء بالصابون قبل الغوص في البحيرة، في حين خصص مكان أبعد من ذلك لاغتسال النساء. وفي هذه المدينة التي يبلغ تعداد سكانها نحو 400 ألف نسمة، تكاد تكون شبكة توزيع ماء الشرب منعدمة، ما يدفع الناس إلى اللجوء إلى الحنفيات العمومية التي لا تتوفر سوى في بعض الأحياء، وما عدا ذلك ليس أمامهم سوى البحيرة والنهر.
ومن الصباح إلى المساء تتوجه مجموعات من النساء ذهابا وإيابا إلى تانجانيقا الزمردية، وعلى رؤوسهن أوانٍ صفراء لجلب الماء.
وعلى الشاطئ الرملي يحرص جول كيشيجا على ألا يبرح أي إناء المكان دون أن يتلقى جرعة الكلور التي تساعد على تطهير الماء. وتعاقد كيشيجا مع منظمة سوليداريتي إنترناسيونال الفرنسية التي تقدم هذه الخدمة في 28 نقطة للتزود بالماء حول البحيرة.
غير أن الطبيب نجاندوي يعرب عن الأسف لانقطاع مخزون الكلور، في حين يأسف المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في كاليمي الطبيب لوي ألبير ماسينج "لتوقف جهود توزيع الكلور في نقاط التزود بالماء"، ما زاد في عدد الإصابات منذ أغسطس/آب. وتنفذ منظمة أطباء بلا حدود هناك برنامجا لمكافحة الكوليرا على عدة صعد بدءا بالتلقيح وتوسيع شبكة توزيع المياه ومصافي الماء.
وتعتبر منظمة الصحة العالمية أن عدوى الكوليرا مرتبطة بشكل وثيق بسوء إدارة البيئة، وتشكل مؤشرا أساسيا لقلة التنمية الاجتماعية. وتعتبر جمهورية الكونغو الديمقراطية من البلدان الأقل تنمية في العالم وفي حين اختفت الكوليرا تقريبا تماما في الغرب، تجتاح بقوة نصف البلاد التي تمزقها النزاعات منذ أكثر من عشرين سنة.
وتفيد أرقام الحكومة أن نحو 15300 شخص أصيبوا بالكوليرا، توفي منهم 260 شخصا منذ بداية السنة. وفي 2013 أتى المرض على 491 شخصا. ويستقبل المستشفى العام في كاليمي "عشرين مصابا بالكوليرا في المعدل كل يوم"، كما قال مديره جان بيار كيتينجي.
وقال الطبيب نجاندوي إنه في المناطق الريفية لا يتلقى المرضى العلاج الصحيح "ليس لدينا وسائل لإرسال الأدوية إلى الأرياف".

المساهمون