القمع باسم القانون

05 سبتمبر 2014
+ الخط -

طالما كان القانون وسيلة تحقيق العدالة وحماية الحقوق، سواء للأفراد أو المجتمع، وعبر ذلك تتحقق سلطة الدولة. لكن الأنظمة المُستبدّة، ومن ممارساتها السلطويّة، قدمت القمع بكيفية مغايرة للنمط المباشر منه، فشرعت عبر قوانين "الإرهاب"، تجرم الاحتجاج بالتظاهر السلمي، والتعبير بالقول والكتابة، وصولاً إلى الاعتقاد بأفكار تتحدث عن الحرية.

قد يكون الأمر مبعثاً للسخرية، لكنه الواقع المرّ. فتلك الممارسات القمعيّة لم تعد ضد الجماعات السياسية، من أحزاب وحركات تسعى إلى المشاركة في السلطة، بل على صعيد الفئات والأفراد، ممن يسعون وراء رفع الظلم عنهم، والحصول على أبسط حقوقهم المعيشية، وحفظ كرامتهم من الامتهان. وغواية السلطة دفعت تلك الأنظمة إلى هستيريا القهر، ولا أدلّ على ذلك من هزلية المحاكمات، وما يعتريها من هشاشة الإدانة، وما تفضي إليه من فداحة العقوبات، في ظل جهاز أمني مُتمرِّس في فبركة الأدلة وتلفيق التهم.

تسعى الأنظمة المستبدّة في العالم العربي إلى تحويل مواطنيها إلى حالة العُبوديَّة المُطلقة، فالوطنِيَّة، في عرفها، هي الولاء الأعمى للحاكم، وليس للوطن، ومن لا يعي ذلك هو على موعدٍ مع التخوين، إذ يتم تضخيم الصورة السلبية المُختلقة عن المخالف لحشد الكراهية ضده، ولتبرير قمعه.

كل ذلك في محصلته يؤدي إلى انعدام الاستقرار السياسي المُسوّغ للتنمية، ويُطلق العنان لتعاظم فساد السلطة، وتآكل النظام، وحينئذٍ، تكون الحركات الجماهيرية مُهيّأة للتحرك.

قد تستطيع أنظمة الاستبداد عرقلة التغيير بعض الوقت، ولكن، لن تستطيع منعه كل الوقت، وهذا ما لمْ تستوعبه الأنظمة العربية، في ثورات الربيع العربي، والتي أخذ بعضها منحى عُنفيّاً، نتيجة إرْثٍ كبير من الكبت والقمع.

القمع سلاح العاجز الذي يحاول إخفاء ضعفه، ولا مشروعية وجوده، فهو يرى الوطن مزرعة يملكها، الشعب قطيع فيها.

79A818D2-0B86-43CA-959C-675CEB3770CB
79A818D2-0B86-43CA-959C-675CEB3770CB
أحمد القثامي (السعودية)
أحمد القثامي (السعودية)