الفنّ بين سباب الفنانين وشتائم الصحافيين

الفنّ بين سباب الفنانين وشتائم الصحافيين

08 أكتوبر 2014
لجنة تحكيم آراب آيدول (العربي الجديد)
+ الخط -
حظيت الصحافة في زمن مضى بالتقدير والاحترام من الفنانين الكبار قبل الصغار، فلم تتجاوز أبداً المشاحنات والمساجلات ما بين الفن والصحافة حدود الأدب، ولا وصلت إلى حدود التشهير والشتم والإهانة، بل كان الصحافي جزءاً هاماً من عجلة التطور الفني في البلدان العربية، وكان لكلمته أهميتها وقيمتها ووزنها، فمقال واحد كان يمكن ينقل نجماً من العتمة إلى الضوء، وبالعكس.
ولاشكّ أن جميع الفنانين في بداياتهم، تقرّبوا من كواليس الصحافة، وأظهروا لكتابها الاحترام، وأسعدهم أي خبر صغير في زاوية ما من صحيفة مغمورة، وشجعتهم أية كلمة مديح عابرة من أي صحافي، لكن كثيراً من هؤلاء حينما أصبحوا نجوماً، تعالوا على الصحافة، وأصبحوا يتعاملون مع الصحافي كشحاذ. والأمثلة على ذلك كثيرة:

أحلام و"العهر الإعلامي".
مؤخراً أقدمت أحلام على إهانة الصحافة اللبنانية، واصفة أسئلتها بـ "الصفر"، وتحدثت في حسابها على تويتر عن "العهر الإعلامي" بفظاظة، تخطت أبعد الحدود، دون أن تقيم وزناً لوجود إعلاميين شرفاء داخل القاعة، ودون أن تفكر في وقع الكلمة على هؤلاء الناس، فما كان من بعض الصحافيين إلا أن غادروا المكان وردوا عليها عبر مواقعهم بأنهم هم أيضاً "عرفوا العهر الفني". وربما كان يفترض على الجميع المغادرة، حتى تراجع أم بي سي بعض حساباتها وتضع شروطاً حازمة تجعل المتعاملين معها يحترمون أنفسهم وغيرهم، وحتى يكف كثيرون عن الاعتقاد بأنه يمكنها شراء ذمة الصحافي وكرامته، بعشاء فاخر أو بـ"ساعة ".
فيما لم يعلق الفنان وائل كفوري ولا الفنانة نانسي عجرم، عقب الصدمة التي ربما تقصدتها أحلام خلال المؤتمر، بعد اتهامها بعض الزملاء بطرح أسئلة مستفزة! ولم يفهم قصد المتحدث الرسمي باسم مجموعة إم بي سي مازن حايك، إثر انسحاب الصحافيين، طالباً منهم البقاء، إذا كان يوافق على ما قالته أحلام أم يستنكر!

نانسي تهين صحافية مغربية:
ولا ننسى أنه قبل بضعة أشهر، أثارت نانسي عجرم عاصفة من الغضب في المغرب، عقب وصفها صحافية مغربية بأنها "تشاهد ولا تفهم"، حينما سألتها هذه الأخيرة حول النقد الذي توجهه في برنامج أراب آيدول ومدى أكاديميته، أثناء انعقاد مؤتمرها الإعلامي في موازين. وبسبب غضبها قامت بإلغاء كل حواراتها ولقاءاتها الإعلامية. في حين ردت عليها الصحافية بأنها تعودت على إطراء الصحافة، وأنها "عبرت عن مستواها" من خلال تلك الإهانة.

أليسا وعنف البودي غارد:
قبل أيام اعتدى الحارس الشخصي لأليسا على مصور جريدة الوطن عبد الوهاب كتير في الغردقة، وتذكرنا هذه الحادثة بالاعتداء الذي طال الزميل عبد الرحمن عرابي مراسل العربي الجديد، الذي تعرض للضرب من حرس الحكومة اللبنانية أثناء تغطيته انتخابات دار الفتوى في بيروت، وهو ما تعرض له زميلاه حسام شبارو وحسن شعبان. فالفرق بين السياسة والفن ليس بعيداً.

صفعة من عمر الشريف:
أمّا الصفعة التي دخلت التاريخ، فهي تلك التي تلقتها الصحافية عائشة الدوري من عمر الشريف، بعد ما ألحت عليه في التقاط صورة معه، ولعل تصرفها كمعجبة وعدم ترفعها عن تكرار طلب صورة أخرى، يجعلها تستحق ما حدث لها، وإن كان أغلب اللوم يقع على النجم العالمي، الذي لم تعلمه العالمية لباقة التعامل مع امرأة، ولم يهذّب طباعه زواجه مع سيدة الشاشة الرقيقة فاتن حمامة.

سخرية كلوديا مارشيليان:
بطلتها الكاتبة كلوديا مارشيليان التي سخرت من الصحافيين، ودافعت عن "ميريام فارس" أثناء الإعلان عن مسلسل "اتهام". ورغم أن الاسئلة لم تكن موجهة إليها، بل لميريام التي تعاملت بشكل أقل انفعالية.

أنغام وصحافة تونس:
ربما بسبب خطأ غير مقصود، لا زالت الفنانة المصرية أنغام تعاني من عدم تقبل الصحافة لها، لا بل مقاطعتها، ففي عام 2005 جرى تدافع قبل صعود أنغام إلى مسرح مهرجان قرطاج الدولي، مما أدى الى إصابة بعض الصحافيين بجروح، وانتظر الصحافيون الفنانة أنغام حتى عادت للوقوف في قرطاج عام 2008 وطلبوا منها اعتذاراً أثناء ندوتها الصحافية على ما حصل عام 2005، لكن أنغام رفضت الردّ وقالت بالحرف لا أعتذر عن حادثة لا علاقة لي بها، مما أدى إلى انسحاب مجموعة كبيرة من الصحافيين من الندوة الصحافية ومقاطعة حفل أنغام الذي لم يأت بجمهور كبير، على غرار الفنانين الكبار الذين يشاركون سنوياً في قرطاج، وأكثر من ذلك لا يزال الإعلام التونسي يقاطع الفنانة أنغام، لأنها لم تعتذر من الصحافيين الذين تدافعوا بسببها، ومنذ عام 2008 لم تغنّ أنغام في تونس، ربما بسبب مقاطعة الصحافة التي تؤثر بدورها في الرأي العام التونسي، وربما حتى مع منظمّي الحفلات.

إن كل هذه الحوداث وغيرها، تدفع إلى التساؤل عن مصير "هيبة الصحافة" و"كرامة الصحافي"، مع العلم أنّ 131 انتهاكاً ضدّ الصحافة رُصد خلال الشهر الماضي فقط، فمن المسؤول الأول عن كل ما يحدث، هل هم الفنانون الذين فاق غرورهم الحد، أم هم صحافيون آخرون رضوا بأدوار التابعين لهؤلاء، مما جعل الفنانين ينظرون إليهم نظرة متعالية سحبوهاعلى جميع زملائهم؟ هل المسؤول هو الفن الذي أصبح مرتعا لكثير ممن لا يحترمون أنفسهم ولا غيرهم؟ أم هو القانون الذي لم يتخذ اجراءات ميدانية رادعة تحميهم من أي تطاول؟ أم هي الصحافة التي أصبحت مرتعاً لكثير ممن لا يستحقون الانتماء إليها، لأنهم باعوا ضمائرهم وذممهم، ولم يتقنوا حمل مسؤوليتها واحترام قداستها وفرض هيبتها؟ أم هو عدم تضامن الصحافيين مع بعضهم، وتحولهم إلى مجرد معجبين يتحلقون حول فنان وينقلون أخباره دون أي نقد أو تحليل؟ وإلى أن نجد أجوبة عن كل هذه الأسئلة، سيبقى كثير من الزملاء عرضة للاعتداءات، نفسية أو جسدية، وللإهانات بكل أنواعها، من أولئك الذين صنعت الصحافة أمجادهم وقدمتهم يوماً ما إلى العالم، وسيبقى كثير من الشرفاء يتحسرون على كرامة المهنة، وعلى زمن الاحترام المتبادل ما بين الفن والصحافة.


المساهمون