الفلسطينيون في لبنان وخطر جديد

الفلسطينيون في لبنان وخطر جديد

11 ابريل 2014

جنود لبنانيون قرب مخيم المية ومية 7 إبريل 2014

+ الخط -

اندلعت، الاثنين الماضي، 8 إبريل/نيسان الجاري، ومن دون سابق إنذار، أو تحضير، مواجهات مسلحة في مخيم "المية والمية" للاجئين الفلسطينيين، قرب مدينة صيدا جنوب لبنان، بين مجموعتين فلسطينتين، تدعيان "أنصار الله" و"كتيبة العودة". وقيل: إن الأخيرة تتبع القيادي السابق في حركة فتح، محمد دحلان، وتمكنت "أنصار الله" من إحكام سيطرتها على المخيم، في ساعات قليلة من المواجهة، حيث قتل لـ"كتيبة العودة" عدد من عناصرها، بينهم قائدها، محمد رشيد. وما جرى كان أشبه بعملية تخلّص من المجموعة المذكورة، وجعل المخيم الذي يشرف على صيدا في قبضة "أنصار الله"، المقربة من حزب الله.
إلى هنا، تبدو الأمور كما لو أنها اشتباك بين فصيلين في مخيمٍ، يعجُّ بالسلاح، ومن دون مرجعية واضحة وقوية. وكانت الخشية من تمدد القتال والاشتباكات إلى مخيم عين الحلوة المجاور، والذي يعد عاصمة الشتات الفلسطيني، باعتباره أكبر مخيم فلسطيني له رمزيته، ليس في لبنان فحسب، بل في المنطقة. وحالت جهودٌ بذلتها الفصائل الفلسطينية كافة دون تمدد القتال إلى "عين الحلوة"، والذي يخشى سكانه، في هذه المرحلة، من محاولات تحويله مخيم "نهر بارد" جديد.
الجدير ذكره، أيضاً، أن الفصائل الفلسطينية، سواء المنضوية في إطار التحالف أو التي تعود إلى منظمة التحرير، اتفقت فيما بينها، وأصدرت وثيقةً أكدت فيها الحياد الفلسطيني حيال الانقسام اللبناني، وحيال النزف السوري، لإدراكها أن هناك من يخطط للايقاع بالمخيمات، ولخشيتها من حمام دمٍ فلسطينيٍّ جديد، يزيد خسائر الشعب الفلسطيني، من ناحية، ويجعله ينسى قضيته ويتنازل عنها، من ناحية أخرى.  ولذلك، أكدت رفض أية عملية لاقحام المخيمات، في صراع دمويٍّ، سواء ضد الجيش اللبناني أو ضد الجوار الجغرافي.
والحقيقة الأخرى الغائبة عن أذهان كثيرين، أن منسوب الخوف والقلق عند بعض اللبنانيين أخذ يرتفع، جراء تزايد أعداد اللاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان. ما من شأنه، حسب المتخوفين، الإخلال بالتوازن الديمغرافي، الذي يقوم عليه لبنان، وهذا يقلب المعادلة الداخلية في أية لحظة، تختل فيها المعايير والموازين الإقليمية. من هنا، رفض هؤلاء إقامة مخيمات لجوء للسوريين، لئلا تتحول إلى نقطة قوةٍ، تشبه المخيمات الفلسطينية. ورفع آخرون شعار مظلومية الشعب الفلسطيني، إلا أنه مارس، في الخفاء، سياسة إقصاء وتكبيل الفلسطينيين، وتزايد وتعاظم هذا التوجه عند هؤلاء، مع تزايد أعداد اللاجئين السوريين في لبنان، والتعاطف الواضح بينهم وبين اللاجئين الفلسطينيين.
وإذا أخذنا في الاعتبار محاولات وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، إنجاح مفاوضات التسوية بين السلطة الوطنية الفلسطينية وكيان الاحتلال الإسرائيلي،  وتمسك الأخير بمطلب يهودية الدولة، ورفض عودة أي لاجئ فلسطيني إلى فلسطين، وإذا أدركنا أن من مقتضيات تحقيق هذا المطلب إضعاف الوجود الفلسطيني في فلسطين أولاً، وفي دول الجوار الجغرافي ثانياً، حتى يتم التحرر من "عبء" اللاجئين على الاحتلال والسلطة والمفاوضات، وأمام تقاطع هذه المصلحة مع مصلحة داخلية لبنانية، تعبّر عنها حالة القلق المعلنة وغير المعلنة. إذا أدركنا هذا الأمر، وأخذنا في الاعتبار ذاك، فإنه تنامى شعور لدى الفلسطينيين في مخيمات لبنان أن مشروعاً يجري العمل عليه تدريجاً، من أجل ترحيل الفلسطينيين في تهجير جديد من لبنان، بعد إدخال المخيمات في دوامات القتال والدماء، كما حصل في عام 2007 في مخيم نهر البارد شمال لبنان، وكما هو حاصل اليوم في مخيم اليرموك في دمشق. ومن هنا، تحركت الفصائل لقطع الطريق على محاولات تهجير الفلسطينيين مرة جديدة، بهدف إلغاء قضيتهم، على الرغم من الحديث عن نصرة القضية الفلسطينية في شعارات بعضهم، وفي مجاملات آخرين.
يبقى القول: إن المؤامرة التي تستهدف القضية والشعب الفلسطينيين عادت من جديد، في زمن التراجع والضعف العربي. لكن، تبقى مسؤولية الفلسطينيين هي الأساس الذي يحفظ قضيةً، ظلت متقدة عقوداً طويلة. 
 

 

دلالات