الفلسطينيون السوريون في لبنان: الجميع ضدّهم

21 مايو 2014
تتعدد قصص الفلسطينيين السوريين في لبنان (Getty/فرانس برس/محمود الزيات)
+ الخط -
لم يعد الأمر خبراً يستحق المتابعة. أصلاً، لم يُتابع الإعلام اللبناني هذه الأخبار بجدية. اعتقال فلسطيني لاجئ من سورية إلى لبنان. ترحيل ثانٍ من بيروت. عدم السماح لثالث بالدخول. كلها أخبار باتت "عادية".

بالأمس، كانت سيدة فلسطينيّة حامل، تُحاول الحصول على تأشيرة دخول لزوجها الفلسطيني من أصل سوري، من دمشق إلى لبنان. "ممنوع دخول الفلسطينيين السوريين"، بهذه البساطة قال لها الموظف في الأمن العام.

قرّر هذا العسكري منع دخول الزوج، على الرغم من إعلان وزير الداخليّة اللبناني، نهاد المشنوق، منذ نحو أسبوعين، عدم وجود قرار بمنع دخول الفلسطينيين السوريين، بل حدد معايير يجب الالتزام بها. لم تنتهِ قصة هذه السيدة هنا. بالمناسبة، هي حامل، وتريد الحصول على تأشيرة حتى يحضر زوجها عمليّة الولادة. جواب العسكري كان: "وهل من الضروري ذلك؟". وأضاف بتفاخر "نحن لا نرميكم بالمياه كما فعلوا بكم في تركيا".

هل تذكرون قصة مجموعة من الفلسطينيين السوريين البالغ عددهم 49، والذين تمّ ترحيلهم إلى سورية؟ هناك ثلاثة منهم لا يزالون عالقين في منطقة بين الأمن العام اللبناني والأمن العام السوري. لا يُريد هؤلاء الذهاب إلى دمشق، ولا يحق لهم العودة إلى لبنان.

ملاحقة المعارضين

في مكان آخر من لبنان، يتصل أحد المسؤولين في الجيش اللبناني بأحد الناشطين الفلسطينيين السوريين ويبلغه أن إقامته وإقامة شقيقيه ووالده قد انتهت، وأنهم باتوا عرضة للاعتقال في حال غادروا المخيم الذي يقيمون فيه. وعندما يُبلغ الناشط المتصل به أن الأمن العام لا يُجدد الإقامات حالياً، فكان جواب العسكري أن "هذه ليست مسؤوليتي". مشكلة هؤلاء الأساسية أنهم معارضون وناشطون للنظام السوري.
تتعدّد القصص التي لا يهتم بها كثيرون في لبنان. بات التعاطي مع الفلسطينيين السوريين وكأنهم "عبء"، أو "وباء" ربما، لا يُريد أحد الاقتراب منه. يصح الأمر في تركيا والأردن أيضاً، اللتين ترفضان استقبال هؤلاء اللاجئين من سورية. في لبنان، هناك من يعتبرهم حلقةً ضعيفةً، في مسلسل اللجوء السوري. يُريد أن يقتصّ من الثورة السورية عبرهم. وجزء آخر، يُمثله اليمين اللبناني، القديم والجديد، يُمارس أبشع وجوه عنصريته تجاههم.

صراع الوزير والمدير

يقول وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، في مجالسه، إنه مقيّد في هذا الملف وإن الأمن العام يتصرف من دون الالتزام بتوجيهاته. في المقابل، يتصرف الأمن العام، وكأنه حاكم بأمره، في ظلّ حكومة تجمع تناقضات السياسة اللبنانيّة.

لا يُبرر الأمن العام تصرفاته. ولا يضطر لتوضيح رسالةً وجّهها لشركات الطيران العالمية بعدم نقل الفلسطينيين السوريين حتى لو كانت أوراقهم سليمة. وصل الأمر حد السماح لمن يُريد السفر عبر مطار بيروت، بالدخول من سورية إلى لبنان، قبل عشر ساعات فقط من موعد طائرته.

يقول مدير العام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم لوفد الفصائل الفلسطينية الذي زاره يوم أمس الثلاثاء لبحث هذا الموضوع، إنه سيُمدد فترة السماح لثلاثة أشهر إضافية. قدّم الأمر كأنه منحة، لا حق إنساني. كلام إبراهيم، دفع مسؤول إحدى الفصائل للقول له: إنكم تدفعوننا للمطالبة بالتوطين. وقد وعد إبراهيم ممثلي الفصائل بإصدار بيان خلال 24 ساعة يُعلن فيه هذا الأمر، وقد وفى بوعده، إذ صدر ظهر الأربعاء بياناً عن المديرية العامة للأمن العام، دعت فيه: "الفلسطينيين اللاجئين في سوريا المقيمين على الأراضي اللبنانية والمخالفين لنظام الإقامة، التقدم من مراكز الأمن العام لتسوية أوضاعهم وذلك خلال مهلة شهر اعتباراً من يوم الخميس".

إنه العقل الأمني الذي يُريد أن يتحكم بحياة اللبنانيين والمقيمين مجدداً. لا يستغربن أحد في حال أعلنت الحكومة اللبنانية قريباً إقفال الحدود مع سورية لمدة أسبوعين.
المساهمون