العراك والتنابز... خبز يومي للقنوات التلفزيونية التونسية

العراك والتنابز... خبز يومي للقنوات التلفزيونية التونسية

06 فبراير 2020
خلافات تلفزيونية لجذب المشاهدين (شاذلي بن إبراهيم/ NurPhoto)
+ الخط -
يبدو أنّ القنوات التلفزيونية التونسية لم تجد وسيلة أفضل لشدّ المشاهدين إليها من إعداد برامج حوارية سياسية ورياضية وثقافية ساخنة يكون ضيوفها من الأطراف المتناقضة بحثاً عن "الشو الإعلامي" والخلافات التي تنتهي بخصومات تشد إليها المشاهد وتنتقل حماها إلى مواقع التواصل الاجتماعي بين مناصر لهذا الطرف أو ذاك.

وباتت قناة التاسعة الخاصة ومالكوها (عائلة جنيح وعائلة شرف الدين) يخشون من انتمائهم إلى منطقة الساحل التونسي وحصرهم في الصراعات المناطقية، خاصة في المجال الرياضي. هذا الخوف يأتي مما حصل الأسبوع الماضي في برنامج "التاسعة سبور" من تلاسن بين اللاعبين الدوليين السابقين شكري الواعر وزياد الجزيري. ويعود سبب التلاسن بينهما إلى انتماء شكري الواعر إلى فريق العاصمة الترجي الرياضي التونسي وانتماء زياد الجزيري إلى فريق الساحل النجم الرياضي الساحلي، واتهام كل طرف للآخر بالفساد الرياضي والحصول على بطولات برشوة الحكام، خاصة عند تولي سليم شيبوب صهر الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي رئاسة فريق الترجي الرياضي التونسي.

هذا الخلاف بين اللاعبين تحول إلى تنابز وسباب بين جماهير الفريقين في مواقع التواصل الاجتماعي وإشاعة خبر تخلي قناة "التاسعة" عن زياد الجزيري ومنعه من المشاركة في فقرة "التاسعة سبور" التي بُثت مساء أمس الاثنين، وهو ما أثار غضب جماهير النجم الرياضي الساحلي، الأمر الذي دفع إدارة القناة إلى إصدار بيان ليلة أمس الاثنين جاء فيه: "تتقدم قناة التاسعة باعتذاراتها للسادة المشاهدين على التشنج الذي انتهت عليه حلقة التاسعة سبور الإثنين الماضي، وهي تحرص دائماً على أن تكون الأجواء بين الجماهير الرياضية متميزة وبعيدة عن كل أنواع التعصب والجهويات، وتؤكد في المقابل التزامها الدائم باحترام حرية الرأي والتعبير، مع احترام كل الجمعيات والتعامل المهني معها على قدم المساواة. وتشير القناة إلى أنها لم تتخذ أي إجراء بخصوص المحلل الرياضي زياد الجزيري الذي يبقى ضمن فريق التاسعة سبور، ولكن اعتذر عن الحضور الليلة في البرنامج لأسباب شخصية".

وباتت هذه الأحداث من التي تعوّد عليها المشاهد التونسي في الانتاجات التلفزيونية، إذ كثيراً ما تتشنج الأجواء في النقاشات السياسية أو الرياضية أو الثقافية لتتحول في بعض الأحيان إلى ما يشبه الشتم مثلما حصل يوم الأحد 02 فبراير/ شباط في برنامج "وحش الشاشة" الذي يبث على قناة "الحوار التونسي"، حيث عمد الفنان مقداد السهيلي إلى مهاجمة المشاركات في جنازة المدونة لينا بن مهني، ناعتاً إياهنّ "بقليلات الحياء"، ومتحدثاً عن "عدم احترامهن هيبة المقابر والموت"، وذلك بسبب مشاركتهن في جنازة لينا بن مهني وحملهن نعشها على أكتافهن. هذا الموقف عبّر كثير من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم له، معتبرين أن ما يقوم به مقداد السهيلي مجرد "شو إعلامي" الغاية منه التقرب إلى طرف سياسي معين فى تونس (وهو التيار الإسلامي) ولفت الانتباه له، خصوصاً بعد أن فقد منصبه كنقيب للفنانين التونسيين. لكن أبرز الردود على مقداد السهيلي ردّدت ما قاله له الضيف المشارك معه في البرنامج، الشاعر المنصف المزغني الذي أجابه عما قال في المشاركات في جنازة لينا بن مهني "يبدو أن حتى الموت ذكوري في عقليتنا إن تمّ تأنيثه يصبح عيباً ومدعاة للسخرية والرفض".

ولم تبعد بقية القنوات التلفزيونية الخاصة عن خيار البحث عن الضجة الإعلامية، حتى إن كثيرين من المتابعين للشأن الإعلامي في تونس يؤكدون أن بعض هذه الخصومات مبرمجة مسبقاً بغاية شد المشاهد، وهو ما اعتبروه خداعاً غير مقبول أخلاقياً وإن كانت له مردوديته التجارية والمالية على هذه القنوات.

دلالات