العراق: كيف استطاع المالكي رفع رصيده الانتخابي؟

العراق: كيف استطاع المالكي رفع رصيده الانتخابي؟

22 مايو 2014
لم يطرح خصومه شخصية تتمتع بشعبية واسعة (جب سمودافيلا/Getty)
+ الخط -

حصل رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نوري المالكي، على عدد من المقاعد النيابية أقل مما كان يتوقّع، إلا أن فوزه؛ يمكن أن يرسخ فكرة بقائه لولاية ثالثة على رأس الحكومة المقبلة.

النقطة الأبرز في انتخابات 2014، هي أنها شهدت اختلافات في بعض الجوانب عن الانتخابات البرلمانية التي جرت في 2010، إذ إنها تعكس متغيّرات الواقع العراقي من جميع جوانبه، السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية.

وخلافاً لانتخابات عام 2010، حصل المالكي على أكبر عدد من الأصوات، إذ وصل إلى أكثر من 700 ألف صوت في بغداد وحدها، وبفارق نحو 500 ألف صوت عن منافسه، الذي جاء في المرتبة الثانية، رئيس الوزراء الأسبق وزعيم القائمة الوطنية، إياد علاوي، مما يجعل ظهور منافس له أمراً صعباً.

السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف استطاع المالكي أن يكسب كل هذه الاصوات في ظل الفشل الكارثي لحكومته، مروراً بالانهيار الأمني وتفشي الفساد الإداري وصولاً إلى ارتفاع مستوى معدلات البطالة؟

لم يفاجئ فوز المالكي بعض المراقبين والسياسيين، لأن الرجل في نظرهم دأب على توسيع نفوذه وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، عبر تولّيه حكومتين متعاقبتين في عراق ما بعد الاحتلال الاميركي.

وتزايدت الاتهامات الموجهة ضده، والتي تفيد باستخدامه موارد الدولة وقنواتها الإعلامية الرسمية لمصلحته، لإفشال خصومه، مستفيداً من حالة الاستقطاب الطائفي في المنطقة، وتداعيات "الحرب ضد الارهاب" في محافظة الأنبار والمناطق الساخنة الأخرى.

لقد ركز في حملاته الانتخابية على وجوب حكم "الغالبية السياسية"، في خطوة يشرحها خصومه كمحاولة لاستعطاف الفئات الشعبية من الطائفة الشيعة، لكسب أصواتها. وبدأ المالكي يقدم نفسه على أنه "القائد الأقوى" وأنه "مختار العصر"، كما يطلق عليه أنصاره (إشارة إلى المختار الثقفي الذي قُتل في عام 67 هجرية)، وأنه المخلص الوحيد من "الهجمة التكفيرية" الآتية من وراء الحدود، وبتآمر بعض دول المنطقة.

تقول النائبة في البرلمان العراقي المنتهية ولايته، ندى الجبوري، في تصريحات نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في 19 مايو/أيار الجاري، إن "العراقيين يفضلون اعادة انتخاب رئيس وزرائهم، على الرغم من كل إخفاقاته، والمشاكل التي خلقها بين كتلته والكتل الاخرى من السنّة (العرب)". وعزت الجبوري فوز المالكي أيضاً الى "تشتت خصومه وانقسامهم"، خصوصاً لأنهم "لم يطرحوا شخصية بديلة تتمتع بشعبية واسعة".

ويرى بعض العراقيين أن الشخصيات التي طرحتها كتلة الأحرار (التيار الصدري)، والمواطن (المجلس الاسلامي الأعلى)، بشكل مباشر أو غير مباشر، لخلافة المالكي، ليست أقل سوءاً منه.

وصرّح المدير السابق لـ"مركز بابل للبحوث والدراسات الاستراتيجية"، محمد الربيعي، لـ"العربي الجديد"، أن "اختيار المالكي هو اختيار لأفضل السيئين". وأضاف أنه "لو خيرونا، نحن، العلمانيين، أن نختار واحداً من بين ثلاثة مرشحين، المالكي أو مرشحاً من كتلة الاحرار أو من كتلة المواطن، فبالطبع سنختار المالكي".

ويتابع أن "الصدريين والبدريين (أعضاء منظمة بدر، الجناح العسكري السابق للمجلس الاسلامي الأعلى) متهمون بارتكاب جرائم القتل الطائفي، والجرائم ضد الانسانية، التي شهدها العراق بين عامَي 2006 و2008. ويردف أن "هؤلاء ليسوا أقل فساداً من المالكي وحلفائه".

وكانت المفاجأة الكبرى، التي أفرزتها نتائج الانتخابات، هي خسارة عدد كبير من الصقور البارزين في "ائتلاف دولة القانون"، الذي يتزعمه المالكي، مثل خالد العطية وعلي شلاه وكمال الساعدي وعباس البياتي وغيرهم.

في الوقت نفسه، حصد عدد من الوجوه الجديدة، خصوصاً من أقرباء رئيس الوزراء العراقي، أعلى الاصوات. فقد حصل صهرا المالكي، حسين أحمد هادي المالكي وياسر المالكي، على المركزين الأول والثاني في محافظة كربلاء، فيما حصل العضو المخضرم في حزب الدعوة الاسلامية، وزير التعليم العالي، علي الأديب، على المركز الثالث، وهذا يؤشر إلى خطر ولادة دكتاتورية التوريث في "العراق الجديد".

ويقول الخبير بالشأن العراقي في "مركز الدراسات الحربية" في واشنطن، أحمد علي، إن "المالكي استطاع ان يستفيد من تجربته في الانتخابات المحلية في 2013، وأخذ يركز على تلميع صورته وتركيز حملاته الانتخابية على شخصه، في سبيل الحصول على ولاية ثالثة". ويضيف علي أن "المالكي جعل هذه الانتخابات استفتاءً على شخصه، أكثر من اختيار حكومة جديدة وبرلمان جديد".

لقد أفرزت الحملات الانتخابية في 2014، والتي حملت شعارات طائفية على عكس انتخابات 2010 نسبياً، والتي بذلت القوى السياسية، ومن ضمنها الاحزاب الإسلامية، قصارى جهدها، لرفع شعارات تؤكد الهوية الوطنية والمصلحة العامة، التأكيد على مسألة تشكيل الحكومة من داخل التحالف الشيعي، مما دفع بالكتل السنية العربية الكبيرة، إلى إعلان تحالف في ما بينها على أساس طائفي. وقد أعلن، قبل ثلاثة ايام، عن تشكيل تحالف تحت عنوان "اتحاد القوى الوطنية العراقية" شمل قوائم "متحدون" و"القائمة العربية" و"قائمة العراق" و"وحدة أبناء العراق" و"الوفاء للأنبار"، فضلاً عن شخصيات سنية مستقلة، وذلك لتوحيد الموقف على غرار"التحالف الوطني" (الشيعي) و"التحالف الكردستاني".

وكانت انتخابات عام 2010 قد شهدت تشكيل "القائمة العراقية" بزعامة إياد علاوي، والذي كان أول تحالف كبير عابر للطائفية، وقد أحرز المركز الاول في تلك الانتخابات بواقع 91 مقعداً في البرلمان. لكنه رغم ذلك، لم يستطع تشكيل الحكومة التي ذهبت رئاستها لصاحب المركز الثاني في حينها، "دولة القانون" التي حصدت 89 نائباً.