العراق: خطة واشنطن للقضاء على "داعش" تستغرق عامين

06 أكتوبر 2014
تتجاهل الخطة الأميركية مليون مهجر عراقي (أوزجي إليف كيزيل/الأناضول)
+ الخط -

"الأميركيون غير مستعجلين في حربهم ضد داعش"، هو مضمون الرسالة التي نقلها منسّق عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، الجنرال جون آلن، خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد، والتي يبدو أنّها تقضّ مضجع العراق، الرسمي والشعبي على حد سواء، كونها تنذر باستمرار شلالات الدم والفوضى في بلاد الرافدين، وتوجّه رصاصة الرحمة إلى آخر أحلام العراقيين بالاستقرار.

ويكشف مسؤولون عسكريون في وزارة الدفاع العراقيّة، عن خطة عسكريّة طويلة الأمد، بقيادة أميركيّة، للخلاص من تنظيم "داعش"، جرى بلورتها أخيراً، وتمتد على مراحل عدّة، على أن يقع العبء الأكبر فيها على كاهل القوات العراقيّة العاملة على الأرض، بعد تأكيد واشنطن أنّ أياً من البلدان المشاركة غير مستعدة لخسارة أحد من جنودها في بلاد الرافدين.

ويقول ضابط عراقي رفيع، في وزارة الدفاع لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجنرال آلن خرج محبطاً وأحبط جميع من التقوه في بغداد، بعد أن أبلغ القيادات العراقيّة، أنّ إعداد خطة تحرير الموصل والمدن المجاورة سيستغرق عاماً كاملاً، وأن مسألة الخلاص النهائي من "داعش"، كقوة ممسكة بالأرض وتحويلها إلى خلايا متفرّقة غير مترابطة، سيستغرق عامين على الأقلّ، من العمليات العسكريّة الجويّة والدعم المباشر للقوات العراقيّة، التي ستشهد هي الأخرى عملية (فرمتة) وتأهيل، يتمّ من خلالها الاعتماد على النوعيّة لا الكميّة في الجيش الذي يبلغ قوامه حالياً 870 ألف عنصر".

ويسيطر "داعش" على نحو 45 في المئة من مساحة العراق الإجماليّة، بعدما فرض سيطرته على مساحات واسعة في كل من محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، وأجزاء واسعة من كركوك وبابل وديالى وضواحي بغداد الجنوبية والغربية.

ويوضح الضابط، الذي يشغل رتبة عميد ركن ورفض الكشف عن اسمه، أنّه "وفقاً للخطط والرؤية الأميركية، فإنّ العام 2015 لن يختلف كثيراً عن العام الحالي، ولن يكون هناك تغيير كبير على الأرض قبل عامين من الآن".

ويؤكد المصدر العراقي أنّ "عدداً من القادة الأميركيين، الذين رافقوا الجنرال جون آلن، لم يغادروا العراق، لإعداد تقرير مفصّل عن وضع وحدات الجيش لدراسته في واشنطن، على الرغم من توجّه آلن إلى تركيا". ويشير إلى أن "الرسالة التي وصلتنا هي أن الأميركيين ليسوا مستعجلين في حربهم ضد داعش، ويعتبرونها مهمّة طويلة الأمد، على الرغم من أنهم يكررون في كل لقاء أن داعش يتحوّل إلى جيش نظامي، وليس تشكيلاً عصبوياً أو مليشياوياً".

ويشير المسؤول العسكري العراقي، إلى أنّه "لدى الولايات المتحدة، على ما يبدو، أجندات سياسيّة ترغب بتنفيذها في المنطقة والعراق، على وجه الخصوص قبل أن تضغط زر النهاية"، لافتاً إلى أنّ "آلن وعد القادة العراقيين بأنّ بغداد ستبقى آمنة وكذلك جنوبي العراق، ولن تسمح بأي توسّع إضافي لـ"داعش" خلال الفترة المقبلة".

وكان محافظ الموصل، أثيل النجيفي، أوضح أمس تصريحات نُقلت عن آلن بشأن استغراق إعداد خطة الموصل عاماً كاملاً، وقال، في تصريح صحافي، إنّ آلن "أكّد أنه لم يقل إن التحضيرات لتحرير الموصل تستغرق سنة، بل إنّ التحضيرات ستكون خلال سنة، والفرق كبير بين الاثنين". وأضاف "لكنّه وافقني الرأي بأنّ الوقت سيعتمد على معطيات أهالي المدينة وسرعة تفاعلهم".

وفي السياق ذاته، يقول المقدم فلاح ناصر زيدان، من الفرقة السادسة المكلّفة بحماية المحيط الغربي لبغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "العام الأول من خطة التحالف الدولي سيكون مقتصراً على القصف الجوي بمستويات متفاوتة، تتحكّم بها عوامل عدّة على الأرض، ويجري خلال هذه الفترة إعادة بناء الجيش ومحاولة وضع صيغة قانونيّة للمليشيات والمتطوعين ضمن فتوى الجهاد للمرجع السيستاني، فضلاً عن تهيئة قوات الحرس الوطني السنيّة، وحشد الرأي السني العراقي ضد تنظيم "داعش"، وهذا كله مرحلة أولى تسبق مرحلة الهجوم البري على المدن التي يسيطر عليها التنظيم".

وفي هذا الإطار، يعرب عضو البرلمان العراقي، محمد الجاف، عن اعتقاده بأنه "لدى واشنطن ما تفعله سياسياً في العراق والمنطقة، و"داعش" تحوّل إلى حصان طروادة وفرصة ذهبية للأميركيين". ويرى أنّه "لا يعقل أن تقضي الولايات المتحدة على "داعش"، ثم تقول للعراقيين مع السلامة وارجعوا بأمان إلى منازلكم، كقصص الفرسان في العصور الوسطى".في غضون ذلك، يبدو أنّه لا أمل، وفق زيدان، بتحسّن الوضع الأمني في العراق، في حين "لم تتطرّق الخطة التي سربت إلى قيادات الجيش عقب زيارة آلن، إلى وضع نحو مليوني عراقي مهجّر".

ويلفت الجاف إلى أنّ "الأميركيين قادرون على سحق التنظيم في أسابيع بطرق ووسائل هم أعلم بها من غيرهم، لكنهم لا يرغبون بذلك إلا بعد قبض الثمن".

المساهمون