العادة الشهرية عند الفتيات بين السرّ والعلن

العادة الشهرية عند الفتيات بين السرّ والعلن

سهى أبو شقرا

avata
سهى أبو شقرا
16 يونيو 2015
+ الخط -



لماذا لا تصارح الأمهات بناتهن عن العادة الشهرية قبل بلوغهن؟ هل يخجلن من طرح الموضوع لأن الأفكار المتوارثة تجعل العادة الشهرية عيباً في نظرهن؟ أم أنهن لا يملكن المعلومات الكافية عنها، وهو الأمر الذي يؤكده الأطباء؟

لماذا تخجل البنات من السؤال والاستعلام عن الدورة الشهرية؟ في حين تجرؤ وسائل الإعلام على عرض الإعلانات على مدار الساعة عن الفوط الصحية، ويحار الأهل ماذا يقول لأطفالهم عندما يسألون عنها!

تجتمع كل الأسباب التي تترك الكثير من الفتيات من دون توعية وشرح عن العادة الشهرية، فتأتي لحظة بلوغهن فجأة، وتكون صادمة لهن.


العادة الشهرية ليست سرّاً ولا عيباً


جمعية مرسى – مركز الصحة الجنسية التي تعمل في لبنان منذ العام 2011، قررت تناول الموضوع من جانبه التوعوي، فأنتجت فيديو عن العادة الشهرية، يحمل رسالة مفادها أن العادة الشهرية ليست عيباً ولا سرّا، وأن المعرفة يجب ألا تقف عند حدود الأقاويل الشائعة، والأفكار المتوارثة عبر الأجيال والتي لا تمت للعلم والحقائق بصلة.


سنتيا خوري، اختصاصية الصحة المجتمعية في جمعية مرسى-مركز الصحة الجنسية، تقول: "النظرة إلى العادة الشهرية تختلف من مجتمع إلى آخر، فبعض المجتمعات يعتبرها عيباً وأمراً يجب إخفاؤه والتستر عليه وعدم الحديث عنه، في حين أن مجتمعات أخرى تربط الدورة الشهرية بالولادة وتجدد الحياة، ومنها من يقيم للفتيات اللواتي يبلغن احتفالات تسمى احتفالات الخصوبة".

وتشير إلى أن تلك الدول التي تحتفل ببلوغ فتياتها، تعتبر المرأة التي تنتهي خصوبتها بأنها دخلت سن الأمل، إنه الأمل بمرحلة جديدة من الحياة، تلك المرحلة التي نطلق عليها في مجتمعاتنا اسم "سن اليأس".

وتتابع "نريد التأكيد أن الدورة الشهرية ليست لغزاً، بل أمر طبيعي بيولوجي مقترن بجسد المرأة، هو ليس عيباً أو عاراً". كما تشير إلى أن "المجتمعات الذكورية التي تتسلط على جسد المرأة مثلما تتسلط على أفكارها، تصور العادة الشهرية على أنها حالة أقرب إلى القذارة".

ولفتت إلى كيفية تعامل الأهل والمدارس مع العادة الشهرية خصوصاً، والتربية الجنسية بشكل عام، معربة عن أسفها لربط بعض المدارس والمربين بين التوعية والتربية الجنسية والجنس، وتقول: "لقد أثبتت الدراسات أن من ليس لديهم الوعي والإدراك الكافيان بالتربية الجنسية يمارسون الجنس مبكراً، على عكس ما هو شائع بأن التربية الجنسية تشجع على ممارسة الجنس".

وتعتبر أن "من واجب الأسر والمدارس تعريف الفتيات والفتيان بتطورات أجسادهن والتغيرات التي يعبرونها للوصول إلى البلوغ، وتحميلهم المسؤولية تجاه أجسادهم لضمان أنهم سيتصرفون بحرص حيالها".


فيديو ليلى والسرّ: "العادة... عادي"


وعن الفيديو الذي أنتجته جمعية "مرسى" تقول سنتيا خرجت الجمعية بفكرة الفيديو عن العادة الشهرية، مطلع العام 2015، عندما استطلعت آراء العديد من النساء عن مواقفهن ومشاعرهن عندما بدأت لديهن العادة الشهرية للمرة الأولى.


كتبت السيناريو وأخرجته أماندا أبو عبد الله، مستندة إلى ما سمعته على ألسنة النساء، والواقع الاجتماعي الذي يحتم على الفتاة التكتم حول هذا الموضوع وإبقاءه سرياً، إضافة إلى ما يترافق معه من تعليمات وقناعات متوارثة لدى الكثيرات، لا تمت للعلم والحقيقة بصلة.

وتضيف: "لا نستطيع أن نعرف متى خرجت تلك الأفكار المغلوطة وتم تداولها في مجتمعاتنا، والهدف من معالجة الدورة الشهرية عبر الفيديو ليس تحليل الواقع، وإنما تسليط الضوء على دورة طبيعية بيولوجية لدى الفتيات، لا بد أن تنظر إليها الأجيال الجديدة نظرة علمية بعيدة عن الأخطاء الشائعة".

"العادة... عادي"، أي أن العادة الشهرية عند الفتيات هي أمر عادي، هو الشعار الذي ابتكرته سنتيا الخوري ويخلص إليه الفيديو. والفيديو بعنوان "ليلى والسرّ" ويحكي قصة الفتاة ليلى التي تشعر بأن صديقتيها تتكتمان حول موضوع يشغل بالهما، فتراقب تحركاتهما، ولكنها تعجز عن تفسيرها. إلى أن يأتي اليوم الذي تبلغ فيه، فينهمر فوق رأسها سيل التنبيهات والممنوعات والأقاويل الشائعة والمتداولة عن العادة الشهرية، ومنها على سبيل المثال لا تقفزي، لا تستحمي، لا تأكلي الحامض، ولا الآيس كريم، على أنها من المحظورات على الفتاة خلال دورتها الشهرية.

لكن ليلى تقرر أن العادة الشهرية ليست عيباً ولا سرّا، وتستنتج بأن العادة الشهرية أمر عادي.


الفوط الصحية... والإعلان المضلل


وعن المفارقة التي تعيشها مجتمعاتنا بين التحفظ عن ذكر العادة الشهرية من جهة، وامتلاء الشاشات بإعلانات لا تتوقف عن الفوط الصحية أجابت سنتيا "الإعلانات عن الفوط الصحية مصدر دخل للمحطات التلفزيونية بالدرجة الأولى، لذلك لا مشكلة لديهم في عرضها، إضافة إلى أن تلك الإعلانات لا تربط بين الفوط التي تسوق لها وبين العادة الشهرية، بل على العكس تماماً، تقول للفتيات إن بإمكانهن ارتداء الملابس البيضاء دون قلق، وتصور السائل الذي تمتصه الفوطة أزرق أو أخضر، خوفاً من الاقتراب من الواقع والحقيقة".


وتتابع "الإعلانات مضللة، كما أن من يضع نص الإعلان وينتجه هو رجل ولا يعرف معنى العادة الشهرية لأنه لم يختبرها، وإن كانت المنتجة أو الكاتبة امرأة فهي بالضرورة تعمل وفق عقلية الرجل، وتخضع لسياسة شركة الإعلانات وخطها التسويقي".

وتعرب عن أملها في أن تؤثر تلك الرسائل التوعوية مثل الفيديو للوصول إلى الأهل والمدارس علّها تساهم في التغيير المنشود. وتدعو إلى قبول الأنثى كما هي، وعدم وصم ما هو طبيعي بالعار وبصفات تعتادها الأجيال، وتتناقلها وهي صور مغلوطة.

اقرأ أيضاً:في موريتانيا الغناء معيبٌ اجتماعياً

دلالات

المساهمون