الطريق إلى دمشق

الطريق إلى دمشق

06 أكتوبر 2014
+ الخط -
تبدو تركيا، بالفعل، الدولة الأكثر حماسة لإسقاط النظام السوري. ظهر ذلك منذ اتضحت الصورة بالنسبة لحكام أنقرة، أو بالتحديد، منذ حاولوا التوسّط بين دمشق ومعارضين سوريين، من "الإخوان المسلمين" خصوصاً، فلم تلاقِ محاولاتهم سوى المراوغة والكذب من القيادة السورية، وذلك بعد أقل من شهرين على اندلاع الثورة، بحسب ما كشفه وزير الخارجية السابق، رئيس الحكومة الحالية أحمد داود أوغلو، في إحدى زياراته إلى بيروت في عام 2012.

وفي الموقف التركي من النظام السوري، في مرحلة الغرام بين عامَي 2005 و2011، كما في حقبة الكره، شيء بعيد من السياسة بمعناها المتعارَف عليه، بما يحمله من دبلوماسية وتدوير زوايا وقول الشيء وعكسه، وشيء كثير من العفوية على طريقة أهل العشائر، الذين إن أحبّوا، فهم يقدمون روحهم بالفعل، وإن كرهوا، سفكوا الدماء مقابل كلمة أو نظرة في غير موضعها، على ما يرونه طبعاً. اليوم، تبدو الصورة جلية بشكل غير مسبوق من الجهة التركية إزاء الوضع السوري. يجب أن يسقط نظام بشار الأسد. عبارة يستهلّ بها كل دبلوماسي تركي كلامه، حتى ولو كان الحديث يدور أساساً عن "داعش" والتحالف الدولي. فكرة أن "طريق القضاء على داعش تمرّ في قصر المهاجرين"، يمكن نسبها لتركيا. لكن في الموقف التركي ذاك أيضاً، الكثير من ملامح العشائرية، وهو ما تجسد في نظرية لم تجاهر بها أنقرة، بل طبّقتها، وتفيد بأن "أي شيء أفضل من النظام السوري"، وهو ما تُرجم عملياً غضاً للطرف عن وصول تنظيمات إسلامية تكفيرية ستجد تركيا نفسها عاجلاً أم آجلاً في مواجهة عسكرية معها.

اليوم، تُطبَخ الخطط التركية تحت الطاولة وفوقها. العنوان بات واضحاً: منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، بعمق ما بين 30 و100 كيلومتر مثلاً، لا تزال احتمالاتها تدور حول أربع مناطق بحسب خطة موضوعة منذ أبريل/نيسان 2012، وكشف عنها النقاب معهد "أورسام" المرموق في حينها، ثم منطقة حظر طيران موضوعة أيضاً منذ ذلك التاريخ. يئست تركيا من احتمال صدور قرار من مجلس الأمن بهذا الخصوص، ومن احتمال تجرّؤ الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين على ضرب النظام السوري منذ مجزرة الغوطة، فيبدو أنها قررت العمل، بموافقة ضمنية من حلفائها على طريقة "دعه يعمل"، لكن من دون انتظار إذنهم.