الصحافة التركية والتطورات العراقية: فوبيا الأكراد في ذروتها

14 يونيو 2014
قوات البشمركة الكردية تسيطر على كركوك (الأناضول)
+ الخط -

تثير التطورات العراقية وسطوع نجم تنظيم "دولة الاسلام في العراق والشام" (داعش)، الكثير من الجدل في الإعلام التركي، خصوصاً من بوابة تدخل قوات البشمركة الكردية في كركوك، والخشية من إقامة دولة كردية مستقلة في إقليم شمال العراق، "عاصمتها كركوك"، الأمر الذي قد يدفع الحكومة التركية لإعادة تقييم سياستها الخارجية كلياً، وهو ما أثاره الكاتب التركي أورهان مير أوغلو، في مقال له بعنوان: "احتلال الموصل". ويشير مير أوغلو، إلى أن "وحدة الأمة الكردية، التي لم تتحقق قط، قد أصبحت الآن أكثر قرباً في ظل الظروف التاريخية التي تمر بها المنطقة بعد التمدد السريع لداعش"، مستدلاً بالبيان الذي أصدره حزب العمال الكردستاني، الذي أكد فيه أنه "منذ الآن، سيبدأ بالعمل مع الحزب الديموقراطي بالكردستاني على حماية كردستان الجنوبية بكل قوانا".
ويشدد الكاتب التركي في جريدة "يني شفق" الموالية للحكومة، في مقال له بعنوان: "إنها ليست داعش بل دولة العرب السنّة"، على أن الإقليم سيكون أكبر المنتصرين من التقدم "الداعشي"، خاصة بعدما أرسى جميع المؤسسات اللازمة لاستقلاله الاقتصادي بعد سنتين من الصراع والعلاقات المتوترة مع الحكومة المركزية في بغداد". ويلفت مير أوغلو إلى أن الإقليم "أصبح مستعداً تماماً للاستقلال، وإعلان الدولة الكردية المستقلة، بما يشكله هذا التطور من خطورة على الجمهورية التركية الموحدة، وخصوصاً في ظل تعثّر عملية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني".
من جانب آخر، أكد الكاتب، إمرة أوسلو، في جريدة "زمان"، التي أصبحت معارضة كونها ملك لجماعة فتح الله غولن، في مقال بعنوان: "هل انتهى عصر داوود أوغلو؟"، أن السياسة الخارجية التركية "ارتكبت الكثير من الأخطاء في الفترة التي تلت الربيع العربي، الأمر الذي أنهى حضور النموذج التركي في العالم العربي كمثال يقتدى به"، محملاً وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، القسط الأكبر من اللوم في ما حصل. وبعد الحديث عمّا وصفه بـ"الفشل الذريع" للسياسية الخارجية التركية أثناء محاولتها توطيد العلاقات مع مصر خلال حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، ينتقل إلى الشأن السوري، ليحمّل أيضاً داوود أوغلو تبعات عدم قدرته على توقع أن النظام السوري سيقاوم بهذه الضراوة، وصولاً إلى مسألة عدم تأمين سلامة البعثة الدبلوماسية التركية في الموصل، ليتوقع "فشلاً ذريعاً" لعملية السلام مع حزب العمال الكردستاني بدليل عودة العمليات العسكرية في جنوب شرق تركيا ضد الجيش التركي. لكن الكاتب يختم مقاله باستبعاد أي استقالة أو أي محاسبة قد تتم من قبل أردوغان لوزير خارجيته.

أما الكاتب عبد الكريم سيلفي، فيستعيد العلاقات التي ربطت بين تنظيم "القاعدة" والاستخبارات الأميركية، مشيراً إلى أن تنظيم "داعش" ليس إلا "الابن الشرعي لهذه العلاقات"، متهماً الولايات بإعادة تشكيل وتقسيم المنطقة من خلال هذا التنظيم، بدليل "التحرك الضعيف لحلف شمال الأطلسي". ويرى سيلفي أن اقتحام "داعش" القنصلية التركية في الموصل واحتجازها الدبلوماسيين الأتراك هدفه "كسب اعتراف عالمي بوجود الدولة الإسلامية في العراق والشام، بعدما يضطر الأتراك للتواصل معهم من أجل إطلاق سراح المختطفين الأتراك".

في المقابل، يشير الكاتب التركي، يافوز بيدر، إلى أهمية البحث عن مقاربة أخرى للمنطقة في ظل التغيّرات السريعة التي حصلت في الأسبوعين الماضيين، مطالباً أنقرة باتّباع سياسة "قوة ناعمة وحليف مؤتمن"، لأن "التعامل مع داعش، الآتي من العصور، الوسطى أمر لا جدوى منه، ومصلحة تركيا هي مع الإدارة الكردية العلمانية القادرة على حماية الحدود الجنوبية من خطر داعش والجهاديين". ويتجاهل بيدر بكلامه الرؤية التقليدية لمصالح الجمهورية التركية القائمة في أحد أركانها على الخوف من أي تمكين لأي طرف كردي، وبذلك يكون بيدر من الكتّاب القلائل الذي استطاعوا أن يتجاوزوا "الفوبيا الكردية" المستعصية عند الطبقة المثقفة التركية، على الرغم من تجاوز الحكومة لهذا الرهاب منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم قبل 12 عاماً.