الصحافة إذ تصير جريمة

06 يوليو 2014
+ الخط -


من أراد أن يستدعي الصمت، ليكون سلطاناً في حضرته، ما عليه إلا متابعة مسلسل الاتهامات الجائرة التي أطل، ويطل، علينا بها نظام الانقلاب في مصر، في تعاطيه مع وسائل الإعلام المخالفة لموقفه، أو حتى غير المؤيدة له فقط. حيث بسبب سياسات الانقلاب القمعية، أصبحت مصر تحتل حالياً، حسب تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود، المرتبة ١٥٩ على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2014.

إن كان الصحفي لا يساير النظام، فلماذا يتحول مباشرةً إلى أداةٍ شيطانيةٍ، لا بد من ترهيبها وإلغائها، وقذف الرعب في قلوب الآخرين عن طريق البطش بها. كل هذا يحصل في زمن لم تخرج فيه مصر، من كبوتها، ومن سيطرة الأذرع الأمنية بتشكيلاتها على سلطة القضاء، في زمن أصبح فيه الباطل حقاً، والحق باطلاً، غابت فيه عدالة القضاء، وحضر الظلم بأثوابه الملونة، على يد من جعلوا أنفسهم قادة، يرون العالم، لوناً واحداً فقط.

أطل علينا القضاء المصري في صبيحة 23 من يونيو/حزيران الماضي، ممثلاً بمحكمة جنايات القاهرة، مصدراً أحكاماً قضائية حضورية بحق صحفيين من قناة الجزيرة الإنجليزية، بالسجن ما بين عشر سنوات لباهر محمد، وسبع سنوات لكل من محمد فهمي وبيتر غريست.

فيما أصدرت المحكمة ذاتها، أحكاماً غيابية بالسجن عشر سنوات على ستة صحفيين آخرين، تهمهم جميعاً، حصرت في الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وتكدير السلم العام، فهل ثمة سلم عام وسط هجوم العسكر وانقلابهم على ثورة، هل كانت مصر مستقرة آنذاك، حتى يهدد هؤلاء السلم العام؟

لا شك أن الحكم غريب، لكن، ثمة ما هو أغرب من الحكم، إذ ركزت الأحكام على انتماء الصحفيين لجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن القائمين على محكمة جنايات القاهرة، لم يبينوا في أدلتهم، هل انتماء هؤلاء، ومن ضمنهم أجانب، كان قبل حظر جماعة الإخوان بأمر قضائي، أم بعد ذلك، قبل الثورة أم بعد ذلك.

أليس من الغرابة أن تجد من يؤيد هذه الأحكام من داخل التيار الصحفي والإعلامي المصري، ممن كنا نعتقد برهة من الزمن أن الحيادية، والموضوعية ديدنهم. إلا أن هذه الفئات كشفت عريها، وتفضيلها المصالح الذاتية، على حساب حريتها وحرية الصحافة والكلمة.

avata
avata
خالد عياصرة (الأردن)
خالد عياصرة (الأردن)