السيسي يضخم الأزمة الاقتصادية ليقلّص مطالب المصريين

السيسي يضخم الأزمة الاقتصادية ليقلّص مطالب المصريين

18 ابريل 2014
زيادة حجم الخسائر يهدف إلى إحباط المطالب (getty)
+ الخط -

تمر مصر في مرحلة اقتصادية صعبة، وسط مشكلات إنتاجية وتشغيلية تصيب القطاعات الاقتصادية، وأزمات اجتماعية تتفاقم وتدفع بنسبة كبيرة من المصريين نحو المزيد من الفقر والتراجع في القدرة الشرائية...

لكن تصريحات المرشح للانتخابات الرئاسية، المشير عبد الفتاح السيسي بأن مصر تحتاج إلى ما بين 431 إلى 575 مليار دولار لحل مشكلاتها الراهنة، أثارت الكثير من التساؤلات، بل يؤكد اقتصاديون ومحللون ماليون في حديث مع "العربي الجديد" أن أرقام السيسي تحمل الكثير من المبالغة، بحيث أن الفجوة التمويلية في الموازنة العامة تصل إلى حدود 140 مليار جنيه (20 مليار دولار).

ويذهب الاقتصاديون إلى اعتبار أن هذه الأرقام التي يوردها مرشح الرئاسة المصرية، لا تهدف سوى إلى خفض توقعات المصريين وطموحاتهم. ما يعني إعطاء المبررات للسيسي في حال فاز بالرئاسة، لعدم تلبية مطالب المصريين الاجتماعية وحل أزماتهم الاقتصادية.

 مبالغة وأهداف

 فقد أعلن السيسي، يوم الثلاثاء الماضي، بأن مصر تحتاج مبالغ مالية تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة تريليونات جنيه مصري (431 إلى 575 مليار دولار) لحل مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية القائمة.

إلا أن الخبير الاقتصادي محمد نور الدين، يؤكد إن الوضع الاقتصادي في مصر حرج للغاية، لكنه يصف تصريحات السيسي بـ "المبالغ فيها" إذا كان يقصد حجم الأزمة الاقتصادية للعام الجاري. إلا أن الرقم الذي أورده السيسي، بحسب نور الدين، يصبح منطقياً في حال كان يقصد به حجم الخسائر الاقتصادية على مدى عشر سنوات مقبلة. ويتساءل نور الدين عن كيفية توفير هذا المبلغ الضخم في ظل تردي الوضع الاقتصادي الحالي.

 ويعتبر نور الدين أن السيسي يهدف من وراء هذه التصريحات إلى تقليل سقف الطموحات لدى المواطنين من جهة، وطلب مزيد من المعونات الخليجية من جهة أخرى.

علماً أن قيمة المساعدات الخليجية (السعودية، الإمارات، الكويت) التي حصلت عليها الحكومة المصرية وصلت إلى 10.8 مليار دولار، من إجمالي تعهدات بنحو 15.9 مليار دولار.

ويؤكد نور الدين أن هذه الأموال يجب أن تصرف في استثمارات جديدة وفي تشغيل المصانع، وزيادة النفقات الاجتماعية من التعليم والصحة والبحث العلمي والإسكان.

 الواقع بالأرقام

 بدوره، يقول مساعد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي السابق فخري الفقي، إن الوضع الاقتصادي لمصر لا يزال صعباً، ولكن عملية إصلاحه ليست مستحيلة.

ويوضح أن الدين العام المحلي والخارجي سيتجاوز مع نهاية يوليو/تموز المقبل تريليوني جنيه، بالإضافة إلى وجود مشاكل كبيرة لا حصر لها في القطاع العام، من الدعم وغيره، والحكومة مطالبة بتوفير الفجوة التمويلية التي تقدر بعشرين مليار دولار.

في المقابل، بلغ عجز الموازنة العامة لمصر خلال العام المالي 2012 - 2013، المنتهي في يونيو/حزيران الماضي، 240 مليار جنيه، وفقا لوزارة المالية المصرية.

ويؤكد الفقي، أن مصر في حاجة إلى ثلاثة تريليونات جنيه خلال عشر السنوات المقبلة لتحقيق معدل نمو يصل 6 أو 8٪، لكنها تحتاج إلى 1.4 تريليون جنيه لتأمين الانطلاقة الاقتصادية، لافتاً النظر في الوقت نفسه إلى صعوبة توفير هذا المبلغ الضخم.

ويشدد الفقي على عدم إمكانية استمرار اعتماد الاقتصاد على المعونات الخليجية، مطالبا بتنشيط السياحة التي توفر 12 مليار دولار سنوياً، وإعادة النظر في ترشيد الدعم ووصوله لمستحقيه الفعليّين، والاهتمام بقناة السويس، وفتح استثمارات صناعية وتجارية لتحريك الاقتصاد.

كذلك، يقول رئيس أكاديمية السادات الأسبق والخبير الاقتصادي حمدي عبد العظيم، إن مصر تواجه أزمة مالية كبيرة، حيث يوجد أربعة ملايين عاطل عن العمل، وفقا للإحصاءات الرسمية، وأكثر من 45٪ من السكان تحت خط الفقر، و 25٪ على خط الفقر (دولاران يومياً).

ويشير عبد العظيم إلى أن المبلغ الذي صرح به السيسي يصعب توفيره، خاصة أن الدول الخليجية لن تستمر كثيراً في تقديم المنح لمصر، بالإضافة إلى انخفاض تحويلات المصريين من الخارج، وانعدام السياحة في ظل حالة الطوارئ التي تعيشها مصر حاليا.

وكان مين زو نائب رئيس صندوق النقد الدولي قد أشار في حوار مع صحيفة "غادريان" البريطانية السبت الماضي، إن "مصر أفلست بالفعل وتتجه إلى مجاعة بسبب تجاهل الحكومة لمطالب المتظاهرين .. العناد الذي تتبناه الحكومة في رد فعلها لن يؤدي إلا إلى سقوط اقتصادي كبير سيتحمل الفقراء وحدهم نتائجه المخيفة والمؤلمة".

وأكد آخر تقرير للبنك المركزي المصري ارتفاع حجم الدين العام المحلي الإجمالي إلى 1.651 تريليون جنيه في نهاية ديسمبر/كانون الأول.

وبحسب التقرير، فإن نصيب الحكومة من الدين 84% بزيادة قدرها 136 مليار جنيه خلال ستة أشهر في الفترة من يوليو/تموز وحتى نهاية ديسمبر/كانون الأول من العام المالي الحالي 2013/2014، ليصل إلى 1.651 تريليون جنيه. بينما بلغ نصيب الهيئات الاقتصادية العامة من إجمالي الدين العام المحلي 8.8% و12.3% لبنك الاستثمار القومي.

وسجل رصيد الدين الخارجي 47 مليار دولار، حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2013، مقارنة بنحو 43.2 مليار دولار في نهاية يونيو/حزيران 2013.

 

 

المساهمون