السيسي والحلّ العسكري ليبيّاً: نجاة من مأزق الداخل

30 يناير 2015
تلقى النظام المصري، سابقاً، رفضاً للتدخل في ليبيا(فرانس برس)
+ الخط -

تبدو رغبة النظام المصري الحالي، برئاسة عبد الفتاح السيسي، في التدخّل العسكري في ليبيا، أشبه بحلّ يبدو ربّما سحريّاً لأزمات داخلية كثيرة ومآزق تتصاعد وتيرتها، يوماً بعد يوم، مع غياب حل قريب في الأفق. ولا يزال النظام، وفق ما تؤكّده مصادر لـ"العربي الجديد"، يأمل "في الحصول على موافقة دولية وإقليمية على التدخّل العسكري في الأزمة الليبية، على الرغم من عدم الحماس لذلك من جانب دول كبرى فاعلة ومهتمة بهذا الملف".

وتؤكّد المصادر ذاتها أنّ "الدور الإقليمي لمصر، يبدو حلاً مناسباً لاستعادة التأييد الدولي، ومباركة دول كبرى، أو على الأقلّ غضّ طرفها عن الوضع الداخلي في مصر، خصوصاً ما يتعلّق بملف حقوق الإنسان، وهو الملف الذي عاد للواجهة أخيراً، على خلفيّة الطرق العنيفة في مواجهة التظاهرات والمسيرات، التي خرجت بمناسبة مرور 4 سنوات على ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011".

ويبدو أنّ النظام المصري قد تلقى، بحسب المصادر ذاتها، "ما يشبه رفض تدخّله عسكريّاً في ليبيا، منذ شهرين تقريباً، وكانت الرسالة واضحة من قوى دوليّة مهمة معنيّة بالملف الليبي، لكنّه لا يتوقف عن طرح وجهة النظر المصرية في هذا الصدد مرة أخرى، منطلقاً ربّما مما يعلّقه من آمال بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسيّة في تونس".
ويدرك النظام المصري، وفق ما يقوله باحث مصري لـ"العربي الجديد"، متحفّظاً عن ذكر اسمه، أنّ "دوره في الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لم يكن كافيّاً لإقناع دول إقليميّة، وأخرى دوليّة، بمزيد من التطبيع معه". ويقول إنّ "ما يضاعف معاناة النظام ترجيح أنّه لا يمكن لأطراف إقليمية داعمة للنظام الحالي، شهدت تغييرات مهمة، أن تستمر في دعمها السياسي والمالي، بالمستوى ذاته"، معتبراً أنّه ""من هنا يرى النظام الورقة الليبية طوق نجاة له لأسباب عدة".

وكانت كل من مصر وليبيا والإمارات، قد قاطعت الجلسة الافتتاحية لاجتماعات لجنة الاتصال الدوليّة الخاصة بليبيا، في أديس أبابا، أول من أمس، اعتراضاً على مشاركة كل من تركيا وقطر في الاجتماع. وشهدت الجلسة الافتتاحية دخول وزير الخارجية الليبي في الحكومة المنبثقة عن مجلس طبرق، محمد الدائري، إلى قاعة الاجتماعات، قبل أن يخرج مباشرة منها. ولم يحضر وزير الخارجية المصري سامح شكري الجلسة أيضاً.
وسبق لوسائل إعلام أميركيّة أن اتهمت مصر والإمارات بتوجيه ضربة عسكريّة جويّة في ليبيا، خلال شهر أغسطس/آب من العام الماضي. وتتعرّض ليبيا وتحديداً أماكن تجمّعات المجموعات المسلّحة التي تواجه قوات اللواء خليفة حفتر إلى ضربات عسكريّة، مجهولة المصدر، في إطار دعم "عملية الكرامة".

وفي سياق متصل، يقول الخبير العسكري، عبد الحميد عمران، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأزمة حول ليبيا كبيرة، وتحاول بعض الدول فرض سيطرتها وتصدّر المشهد في حلّ الأزمة"، معتبراً أنّ "الخلاف بين بعض الدول الإقليمية حول التعامل مع الأزمة الليبية، يصعّب من فرص حلّ الأزمة القائمة". ويلفت إلى أنّ "لمصر وجهة نظر في هذه الأزمة، بضرورة دعم أطراف بعينها، وتحديداً حفتر لمواجهة الجماعات المسلّحة المتشدّدة".
وفي موازاة إشارته إلى "الدعم المصري لحكومة عبدالله الثني، والبرلمان الذي تشكل أخيراً، وهو ما ترفضه بعض الدول الإقليميّة الأخرى"، يستبعد عمران "تدخلاً مصريّاً بالصورة المعتادة وتحريك قوات على الأرض في وقت قريب، نظراً لاشتعال الأوضاع وتوترها في ليبيا".
ويرى عمران أنّ "التدخل العسكري المصري، فقط، سيكون صعباً، ولا بدّ من توفير غطاء دولي لذلك، وهو أمر ليس من أولويات المجتمع الدولي خلال الفترة الحالية، لانشغاله بمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"، لافتاً إلى "اتفاق في الرؤى بين مصر والإمارات حول الوضع في ليبيا".

وتخلق الأزمة الليبيّة، وفق ما يقوله الخبير العسكري، اللواء جمال مظلوم، لـ"العربي الجديد"، "أزمة كبرى لدى القاهرة، نظراً لإمكانية تسلّل عناصر إرهابية عبر الحدود مستقبلاً، في ظلّ العجز المصري عن ضبط الحدود الغربية بشكل كامل، ومعظمها صحراوي".
ويؤكّد مظلوم، في الوقت ذاته، أنّ "الجيش المصري قادر على التصدي لأيّ محاولة تسلّل عبر الحدود، ولكن لا بدّ من اتخاذ إجراءات استباقيّة"، مشيراً إلى أنّ "بعض العناصر تتوجّه إلى ليبيا، للتدريب على استخدام السلاح، وهم مصريون، ويمكنهم العودة إلى مصر والقيام بعمليات ضد الجيش والشرطة".

وفي سياق متّصل، يكشف مصدر دبلوماسي مصري، لـ"العربي الجديد"، أنّ "مصر طلبت بشكل شبه رسمي من بعض دول الاتحاد الأوروبي، التدخّل العسكري لحلّ الأزمة في ليبيا"، لافتاً إلى أنّها "تعتبر الأزمة في ليبيا خطراً على الأمن القومي المصري، ولا بدّ من مواجهة تلك الأزمة بشكل حاسم، خوفاً من زيادة نفوذ المجموعات المتشدّدة في ليبيا وتأثيرها على مصر".
ويقول إنّ "المجتمع الدولي لا ينظر إلى ليبيا باعتبارها مصدر تهديد كبير الآن، بانتظار ما تسفر عنه مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية"، مؤكّداً أنّ "مصر تسعى مع بعض دول الخليج إلى تكوين تكتل مؤيد لحفتر والثني باعتبارهما ممثلين للشرعية".

المساهمون