السيسي المحترف... ويد المانحين العليا

السيسي المحترف... ويد المانحين العليا

18 يونيو 2014
السيسي ينتظر منح الأصدقاء (الاناضول/getty)
+ الخط -

"البطاطين وصلت من الإمارات يا رجّالة"، هذه الكلمات التي أطلقها المذيع المصري خيري رمضان بسعادة غامرة وبعفوية صادقة في أول شتاء، بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز الماضي، تلخص الخطة الاقتصادية للنظام الجديد.

أراد المذيع "الوطني" أن يعبر عن إعجابه بموقف دولة شقيقة تساند فقراء مصر، الذين تصل نسبتهم إلى أكثر من 42%، حسب إحصائيات البنك الدولي.

وتعكس هذه اللقطة منهجية النظام في الاعتماد على المساعدات الخارجية، خصوصاً من بعض دول مجلس التعاون الخليجي، لأن مصر في وضع صعب، ومن الطبيعي أن تنتظر المساعدة والدعم من الدول الصديقة، من وجهة نظر القائمين على الحكم الآن.

سوف أرصد لكم أربعة مشاهد في هذا الإطار، ربما تفسر لنا هذه الظاهرة من وجهة نظري لا من وجهة نظرهم.

1 - خطاب تاريخي

لا ينسى المصريون ذلك الخطاب التاريخي بعد الانقلاب بأسابيع، للمشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري آنذاك، عندما وقف متحدياً الإرهاب، وخلال الخطاب، وجّه التحية لكل دولة أرسلت أموالاً لمصر وخص بالتحية السعودية والإمارات والكويت والبحرين.
وكان المشير يذكر كل دولة ثم ينتظر التصفيق الحار من الجمهور، وكان الحضور أكثر حماسة من الزعيم في إعرابهم عن سعادتهم بالمانحين واحداً تلو الآخر.

ولا أخفي إعجابي بذكاء السيسي في هذه اللقطة، لأنه اختار الدول الغنية ليخصها بالذكر، فالذي يمنح دائماً هو الغني صاحب اليد العليا.

2- معاناة المصريين

طوال 11 شهراً شهدت مصر معاناة ليس لها مثيل، لدرجة أن قطاع السياحة شهد واحداً من أسوأ مواسمه على الإطلاق وتشرد 1.5 مليون أسرة بشكل مباشر من إجمالي أربعة ملايين أسرة تعمل في هذا القطاع.

وزادت معدلات البطالة لتصل إلى 13.4% حسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وزادت الأسعار بصورة جنونية في مختلف القطاعات ومنها الأغذية والوقود والمواصلات.

وتراجعت معدلات النمو إلى 1.2% مقارنة بنحو 2.5% في عهد الرئيس المنتخب محمد مرسي، الذي أطاح به الانقلاب.

كل ذلك رغم أن مصر تسلمت أكثر من 20 مليار دولار مساعدات خارجية طوال العام الماضي، حسب تصريحات للسيسي، الأمر الذي يطرح تساؤلاً مشروعاً، لمن ذهبت هذه المنح والمساعدات؟ ولماذا لم يشعر بها المواطن؟

3 - القادر المقتدر

بعد إعلان فوز السيسي رسمياً بنسبة 97%، في انتخابات رئاسية مثيرة للجدل، شهدت إقبالاً ضعيفاً، ومقاطعة موسعة، وانتهاكات جسيمة، حسب منظمات حقوقية، سارع العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، اليوم، إلى عقد مؤتمر للمانحين لمساعدة مصر في تجاوز أزمتها الاقتصادية، وقال: "من يتخاذل اليوم عن تلبية هذا الواجب وهو قادر مقتدر، فإنه لا مكان له غداً بيننا إذا ما ألمت به المحن وأحاطت به الأزمات".

وأثنت الإمارات على هذه الخطوة، وأعلنت مشاركتها في المؤتمر، بل بدأت الترويج له.

ويبدو أن المانحين الجدد لمصر في عهد السيسي سيكون لهم دور مهم، فبدونهم لا يمكن أن يتحرك الاقتصاد المصري المتعثر، فإذا منحوا استقرت الأمور، وإذا منعوا تضرر الاقتصاد وهذا ما لاحظناه في ارتفاع سعر الجنيه أمام الدولار عندما وعد الخليج بمنح جديدة بعد نجاح السيسي، ثم عاود الجنيه الانخفاض عندما تأخرت المنح.

4 – المتسول المحترف

المتسول المحترف، في بلادي رحلته تبدأ بخطوة جريئة منه يكسر فيها خجله، فيمد يده وهو يظهر مواطن ضعفه من عجز وضعف، لكي يستدر عطف الآخرين، ثم يقول بشيء من اللين كلمتين خفيفتين على اللسان " لله يا محسنين"، فيغدق عليه المارة من فضلات أموالهم.

وبعد أول مرة يمد فيها المتسول يده إلى الآخرين، يدمن الراحة، لأنه سوف يحصل في اليوم على ما يحصل عليه عامل أو موظف في شهر، وربما في عام.

والمتسولون الأذكياء يختارون الأحياء الغنية، مثل المهندسين وجاردن سيتي والدقي، لكي تزيد حصيلتهم.

ولكن المتسول يظل على حاله لا يتغير، حتى بعد أن يجمع الثروة من أموال وأصول وأملاك، فلا يظهر هذا الثراء على أبنائه ومن حوله، ولا يغير ثيابه، ولا يقويه المال بل يزيده ضعفاً على ضعف، لأنه في حاجة للمزيد ليس لأنه يحتاج إليه، ولكن لأنه أدمن التسول، وتعود أن تكون يده هي السفلى ويد من تمنحه هي العليا.

ملحوظة: كل ما أردت أن أقوله في المشهد الرابع

دلالات

المساهمون