الرمان سلاح أراضي الـ48

17 أكتوبر 2014
مهرجان الرمان يهدف إلى حماية الأرض (العربي الجديد)
+ الخط -
لقرية كفر كنّا، القريبة من مدينة الناصرة، شمال فلسطين المحتلة عام 1948، حكاية قديمة مع الرمان.. حكاية تمتد إلى أكثر من 4 آلاف عام. تلك الحكاية هي ما دفعت أهل القرية، منذ 8 سنوات، إلى تنظيم "مهرجان الرمان للتراث والتواصل مع الجذور". وهو مهرجان يهدف إلى حماية الأرض وحفظ ذاكرتها.

يعتبر الرمان في كفر كنّا، رمزا. فالبلدة تحتضن زراعته في كلّ أرجائها. ولو أنّ النقص في المياه، يساهم في تقليص زراعته. وهذه العلاقة التاريخية العميقة، بين أهالي كفر كنا والرمان، تجسدها لوحة فسيفسائية، في كنيسة اللاتين في القرية، تصوّر أكواز رمان. وفي الحاضر يحمل شعار المجلس المحلي صورة كوز رمان. بالإضافة إلى كثير من المقاهي والمطاعم التي يدخل الرمان في تسميتها.

يتحدث رئيس جمعية الحواكير القائمة على المهرجان، فتحي عبد الهادي، لـ "العربي الجديد" عن تلك العلاقة. ويقول إنّ "جمعيتنا أخذت على عاتقها تنظيم المهرجان سنوياً، ورأينا أن نحيي التراث الزراعي من خلاله، خوفاً من اندثاره، وتوطيد علاقة الأجيال الجديدة مع الأشجار المثمرة كالرمان". ويضيف: "اخترنا كفر كنّا لأنها أكبر قرية زراعية للرمان تاريخياً بعد قرية صفورية المهجرة، والتي كانت تفوقها في هذا المجال قبل النكبة".

ويلفت عبد الهادي إلى "التجاوب الجيد من المزارعين والجمهور". ويؤكد أنّه "بالإضافة إلى رمزية المهرجان، هناك فوائد اقتصادية، فنحن نسعى إلى تشجيع زراعة الرمان في كفر كنّا، ووضع المزارعين في صورة التطورات التي يشهدها هذا المجال، فقد كان الاهتمام من قبل بصنف واحد هو البغالي، لكن اليوم شجعنا على زراعة أنواع أخرى منها ما هو مطوّر ومعالج، ذلك أنّ على المزارع أن يواكب السوق ومتطلباته، طيلة الموسم، وليس فقط ما اعتاد عليه".

من جهته، يقول رئيس لجنة المزارعين في كفر كنّا، نظمات خمايسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مهرجان الرمان يأتي أسوة بمهرجانات أخرى تحمل أسماء ثمار معيّنة، مثل مهرجان العنب في الخليل، ومهرجان التمور في أريحا، ومهرجان الزيتون الذي ينظم في عدة بلدات خلال الموسم".

ويرى خمايسي "أهمية كبيرة لمهرجان الرمان في الحفاظ على الذاكرة الجماعية للفلسطينيين أصحاب الأرض، في مختلف المناطق، وليس في كفر كنّا فقط". ويوضح: "نريد ترسيخ هذه المفاهيم المتعلقة بالحفاظ على الأرض والتراث والتمسك بالجذور، فالرمان له رمزية معينة في هذا السياق، فضلا عن الاستفادة الاقتصادية للمزارعين التي تساعدها مثل هذه المهرجانات في فتح آفاق جديدة". وينوه خمايسي، إلى أنّ القائمين على مهرجان الرمان، قرروا كسر الروتين من خلال تشجيع عرض منتجات محلية مختلفة، خلال المهرجان، كصابون الزيت والعسل والإكسسوارات التراثية وغيرها، من مختلف أرجاء فلسطين، دعما لمثل هذه المبادرات.

"أنا أبو الرمان"

بدوره، يقول يوسف مطر، من كفر كنّا، لـ"العربي الجديد"، إنّه يواكب المهرجان منذ انطلاقته الأولى قبل ثماني سنوات. ويؤكد أنّ "أهمية هذا المهرجان تكمن في كونه يحافظ على التراث الفلسطيني الأصيل، كما يساعد المزارعين في الحفاظ على أراضيهم من خلال تشجيعهم على زراعتها، سواء بأصناف الرمان التقليدية المعروفة، أو الحديثة المطوّرة زراعياً، ومواكبة المستجدات في هذا المجال، وتطوير المشاريع الزراعية القائمة". ويشير إلى أنّ "كلّ هذا يساهم في حفظ الأرض، فمن دون زراعتها يمكن أن تضيع".

ويذكر مطر أنّ "حاجة الناس لبناء بيوت للسكن، في ظل أزمة الأراضي، وعدم وجود مياه زراعية في البلدة، أدت إلى إخراج زراعة الرمان من داخلها إلى أراض محاذية، تتماشى مع الزراعة الحديثة. لكننا، ورغم خروج زراعة الرمان من القرية، إلا أننا متمسكون به، فهي علاقة تعود إلى نحو 4 آلاف عام".

أما أسعد نحلة، فيستهل حديثه مع "العربي الجديد"، بالقول: "أنا أبو الرمان". ويفسّر: "علاقة عائلتي مع الرمان تعود إلى نحو 80 عاما، عملنا خلالها على العناية ببستان رمان، لم يكن ملكنا، ولكننا حفظناه واعتنينا به. نحن نعرف الرمان الأصلي. إنه جزء منّا، من حياتنا وعاداتنا، حرصنا على زراعته ونما فينا، ليس في العائلة فحسب، لكن في القرية ككل".
ويضيف نحلة: "رمان كفر كنّا هو الأفضل والألذ، مهما كثر زارعوه في مناطق أخرى، فالأصل هنا على هذه الأرض. وهذا أمر لا بد أن تعرفه الأجيال الجديدة، من خلال التعرف على بلدتهم وتاريخها وتراثها وزراعتها ومختلف النواحي فيها".