الرجوب.. لماذا أنت معصّب؟

05 يناير 2018

جبريل الرجوب.. عنتريات لا لزوم لها على شاشة "الجزيرة"

+ الخط -
اتفقت مع قناة الجزيرة أو اختلفت معها، وسواء كان توجهها يتوافق مع رغباتك أم يعارضها، لا بد من الاعتراف بأن في القناة طاقات بشرية مهنية ومحترفة من الطراز الرفيع. وسواء أحببت أم كرهت، فإن الموضوعية تقضي الإقرار بأن بعض الوجوه التي ظهرت على شاشة "الجزيرة" ذات قدرات وكفاءات إعلامية راقية. الإعلامية الجزائرية، خديجة بن قنة من الوجوه المشرقة في "الجزيرة"، ومن الكفاءات الإعلامية المحترمة. تمتاز بهدوء، ورزانة، ونبرة صوت تحسد عليها، لاسيما عندما تجدها تحاور بصبر، وتجادل بهدوء، وتناقش بعمق. حسدت خديجة على صبرها، والأصح على مهنيّتها، وأنا أتابع الحوار الذي أدارته، الأحد الماضي، مع القيادي الفلسطيني جبريل الرجوب. 

من غير المعلوم لدي، كم وصل عدد من شاهدوا ذلك الحوار، لكن ردود الفعل في "تويتر" و"فيسبوك" تعكس استغراباً واضحاً من حالة الانفعال التي اصابت عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مقابل هدوء بن قنة التي كانت تطرح أسئلة، فتتلقى سيلاً من العنتريات التي لا يجرؤ القيادي الفلسطيني على قول نصفها على أي قناة إسرائيلية. تسأل خديجة عما ستفعله القيادة الفلسطينية إزاء التصعيد الإسرائيلي، فيجيب الرجوب محتدّاً، ومزمجزاً: "المقاومة لدى حركة فتح تمثل شفرة جينية، وهي وسيلة وليست هدفاً". مضيفاً: "نحن من صممنا فكر المقاومة، ولتبقى همتكم الإعلامية في حدودها". لم يكن في سؤال خديجة أي منازعةٍ للرجل على "أسبقيته في تصميم المقاومة" أو أي تشكيك "في جيناته الفتحاوية المقاومة". ومع ذلك، أزبد الرجوب وأرعد بلا مناسبة، وكأنه يفشّ غلّه من أمرٍ ما في المسكينة خديجة، والتي لم تواجه عاصفة الرجوب إلا بابتسامةٍ تحاول إخماد "بركان" الرجوب الثائر في المكان والزمان الخاطئين.
لم يستغل الرجوب اللقاء التلفزيوني بتقديم خطابٍ فلسطينيٍّ يوضح لملايين المشاهدين العرب تصوراً واضحاً عن الكيفية التي ستواجه بها السلطة الفلسطينية قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وقرارات الكنيست الإسرائيلي بضم القدس والضفة الغربية، بل راح يتهجم على المذيعة المسكينة، وعلى القناة التلفزيونية، قائلا: "ارحمونا، بدكم تساعدونا أهلاً وسهلاً. ما بدكم كفوا شرّكم عنا وارحمونا من هذه السيمفونيات... أهل مكة أدرى بشعابها... نحن أسياد أنفسنا، ونحن من يصنع الإيقاع في كل المسارات. وعليكم في قناة الجزيرة أن تقلبوا تلك السيمفونية، وتتواضعوا قليلاً". لم تقاطع خديجة بن قنة الضيف الرجوب، ولم ترد على غضبته غير المبرّرة، بل اكتفت بترك الهواء له ليملأه بما شاء من صراخ و "مراجل"، واكتفت بالتساؤل في تدوينةٍ لها عبر حسابها في "فيسبوك"، "جِبريل الرجوب… ليش معصّب وزعلان؟".
زميل خديجة بن قنة، وشريكها في نشرة "حصاد اليوم" ذلك المساء، الإعلامي المغربي عبد الصمد ناصر، سخر من تهجّم جبريل رجوب على قناة الجزيرة و"حدّة" حديثه مع بن قنة، قائلا في تغريدة على "تويتر": "تشنّج جِبريل الرجوب قد يكون سببه تناول ضيفنا قبل اللقاء وجبة ثقيلة من (رز) قد طُبخ في مطعم خليجي أو تركي".
لم تكن هذه أول غزوات الرجوب الإعلامية هذا الأسبوع، فقد أثار قبل أيام زوبعة إعلامية تفوق "غزوة بن قنة"، رداءةً، عندما لم يجد ما يحيي به بطولة الطفلة عهد التميمي، إلا " بز (ثدي) أمها التي أرضعها". وخلّف كلام الرجوب على إحدى القنوات التلفزيونية الفلسطينية ردود فعل وصلت إلى السخرية من القيادي الذي يرى في نفسه رئيساً قادماً للدولة الفلسطينية العتيدة.
كلمة أخيرة إلى القائد "أبو رامي"، بعد الدعاء له بوافر الصحة، الصراخ على شاشات التلفزيون، والتهجّم على الإعلاميين، لا يحرّران فلسطين، بل يرفعان الضغط والكوليسترول، لا سيما بعد "كبسة" ثقيلة.
AE03ED80-FBD8-4FF6-84BD-F58B9F6BBC73
نواف التميمي
أستاذ مساعد في برنامج الصحافة بمعهد الدوحة للدراسات العليا منذ العام 2017. حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة غرب لندن في المملكة المتحدة. له ما يزيد عن 25 سنة من الخبرة المهنية والأكاديمية. يعمل حالياً على دراسات تتعلق بالإعلام وعلاقته بالمجال العام والمشاركة السياسية، وكذلك الأساليب والأدوات الجديدة في توجيه الرأي العام وهندسة الجمهور.